هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تواصل الحكومة
الأردنية إصدار الأوامر والبلاغات المستندة إلى قانون الدفاع، بحجة منع تفشي
فيروس كورونا، بينما ترتفع الأصوات المطالبة بإيقاف القانون، متهمة الحكومة
بالازدواجية في تطبيقه، وذلك بعد "تغاضيها" عن إقامة العديد من الحفلات
الغنائية غير الملتزمة بإجراءات الوقاية الصحية.
وكان الملك
الأردني عبد الله الثاني قد وافق في 17 آذار/ مارس 2020، على إعلان العمل بقانون
الدفاع رقم 13 لسنة 1992، الذي يتم تفعيله في أوقات الحروب والكوارث، والذي يمنح
الحكومة صلاحيات واسعة تصل إلى تعطيل القوانين، ووضع قيود على حرية الأشخاص في
الاجتماع والانتقال والإقامة، وإلقاء القبض، وتفتيش الأشخاص والأماكن والمركبات،
وإخلاء بعض المناطق أو عزلها، وفرض منع التجول فيها.
ومنذ ذلك
التاريخ؛ أصدرت الحكومة الأردنية 34 أمر دفاع و47 بلاغا مستندا إلى أوامر الدفاع،
كان آخرها البلاغ 47 الذي صدر أمس الاثنين، والذي ضاعف غرامة سائقي وسائط النقل
غير متلقي اللقاح لتصبح 100 دينار أردني كحد أدنى، و500 دينار كحد أعلى، بعد أن
كانت بين الـ50 والـ100 دينار.
وأمس الاثنين؛
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السلطات الأردنية إلى إنهاء العمل
بـ"قانون الدفاع"، معتبرا أنه "لا مبرر منطقياً لاستمراره، في ظل
تحسن لافت في الوضع الوبائي، إذ سمحت الحكومة بإعادة العمل في مختلف القطاعات،
وألغت حظر التجول بشكل كامل".
وقال المرصد
الحقوقي (مقره جنيف بسويسرا) إن "استمرار العمل بقانون الدفاع يؤكد السلوك
الانتقائي في تطبيق القانون، خاصة مع استخدام السلطات القانون ذريعة لتقييد
الحريات العامة في عدة أحداث شهدتها البلاد منذ آذار/مارس 2020".
وذكر أن
"السلطات الأردنية استخدمت قانون الدفاع للحد من الحريات العامة، ومن ذلك
قرارها بإغلاق نقابة المعلمين بصفة غير قانونية بتاريخ 25 تموز/يوليو 2020، وقمع
الاحتجاجات التي رافقت الأزمة، حيث احتجزت حينها نحو 720 معلمًا عدة ساعات بحجة
تطبيق أوامر الدفاع".
قانون
الصحة العامة هو الأفضل
ورأى المرصد
الأورومتوسطي أن "تفعيل قانون الصحة العامة سيكون كافيا لمواجهة أي تغير سلبي
حاد على الحالة الوبائية، كما أن مواصلة العمل بقانون الدفاع يشكل تعطيلا لحياة
المواطنين".
وهو الرأي
ذاته الذي ذهب إليه اختصاصي الأمراض الصدرية والتنفسية، الدكتور محمد حسن
الطراونة، الذي أكد أن "تطبيق قانون الصحة العامة هو الأفضل في ظل الانفتاح
الذي نشهده".
وطالب خلال
حديثه لـ"عربي21" بـ"رفع أوامر الدفاع، وعودة الحياة إلى شكلها شبه
الاعتيادي، مع جعل الإجراءات الاحترازية أسلوب حياة، وذلك من خلال تثقيف المواطنين
بضرورة الالتزام بالكمامة والتباعد، والتشجيع على الحصول على اللقاح".
وانتقد
الطراونة تلويح الحكومة بإلغاء مجانية الفحوصات والمطاعيم، واصفا إياه
بـ"القرار الخاطئ جدا"، وقال إن "على الحكومة أن تفكر جاهدة قبل
اتخاذ أي قرار بهذا الخصوص، فإنك لا تستطيع إطفاء النار وأنت معصوب الأعين".
ورأى أن
استمرارية التعليم الوجاهي تتطلب إجراء فحوصات دورية للطلبة في الجامعات والمدارس،
لافتا إلى أهمية اقتطاع جزء من الوقت لإيصال الرسائل التوعوية الصحية إلى الطلبة.
هل فقد
القانون مبررات تطبيقه؟
وأشار الطراونة
إلى أن قانون الدفاع كان ضرورة في السنة الماضية وبداية العام الحالي؛ لتجنب حصول
انتكاسات وبائية واسعة قد تهدد المنظومة الصحية برمتها، مستدركا بأن "العالم
اليوم يتجه إلى التعايش مع فيروس كورونا؛ من منطلق أن هذا التعايش أيسر من
محاربته، وعليه فقد بات من الصعب تطبيق أوامر الدفاع".
اقرأ أيضا: مزيد من الأردنيين يسقطون في الفقر.. وغياب للحلول
من جهته؛ قال
رئيس جمعية جذور لحقوق المواطن، فوزي السمهوري، إن الوضع الصحي في الأردن أصبح ضمن
السيطرة، وتضاءل خطر تفشي الوباء وفق التصريحات الرسمية، ما يعني أنه لم يعد ثمة
مبرر لبقاء قانون يفرض القيود على حرية التجمع.
وأوضح السمهوري
لـ"عربي21" أن قانون الدفاع في الأساس يمنح الحكومة صلاحية العمل على
الحد من حرية التجمع أو التعبير، ولذلك أكد الملك حينما صادق على القانون على
أهمية ألا يمس حقوق المواطنين الأساسية، ومن أهمها حرية الحق في التعبير والتجمع
السلمي.
ورأى أن
"قانون الدفاع حد من انتشار الفيروس في مراحله الأولى، لكن لا نستطيع أن
نقول إنه نجح في منع هذا الانتشار، فحينما أصبح هناك تراخٍ في تطبيق أوامر الدفاع؛
وجدنا أن هناك انتشارا واسعا للوباء".
"ازدواجية"
في تطبيق القانون
وانتقد
السمهوري ما وصفها بالازدواجية والانتقائية في تطبيق قانون الدفاع، كالتشديد في
تطبيق إجراءات السلامة على المساجد، والتغاضي عن الاختلاط الكامل الذي جرى ويجري
في الحفلات الغنائية.
وأضاف
السمهوري أن "فرض قيود للحفاظ على الوضع الصحي للمجتمع؛ يعني بكل وضوح أنه لا
توجد استثناءات من هذه القيود لجهات معينة"، مؤكدا أن "على الحكومة أن
تعيد النظر في جميع القيود بشكل عام، دون المحاباة لجهة على حساب أخرى".
وأثار التزاحم
الشديد الذي شهده مهرجان جرش الذي بدأ فعالياته في 22 أيلول/سبتمبر الفائت،
واختتمها في 2 تشرين الأول/أكتوبر، موجة من ردود الفعل الغاضبة في الشارع الأردني،
الذي انتقد "ازدواجية" الحكومة في تطبيق قانون الدفاع الذي يلزم
المواطنين بالتباعد الجسدي خشية انتقال عدوى فيروس كورونا، الأمر الذي دفع
الحكومة إلى إقالة مدير المهرجان أيمن سماوي.
ولكن التنديد
الشعبي بـ"تغاضي" الحكومة عن حفلات الغناء؛ تواصل مع إقامة حفلتين
منفصلتين للمطربين عمرو دياب وتامر حسني، في كل من العقبة وعمّان، بانتظار أن يقيم
المطرب مصطفى قمر هو الآخر "حفلا أسطوريا" في الأردن، كما عبّر في حسابه
على موقع "إنستغرام".
وقارن منتقدو
الحكومة بين ما شهدته حفلات الغناء من اختلاط الآلاف، وبين المصلين في المساجد؛
الذين لا زالت الحكومة تلزمهم بإبقاء مسافة بين كل مصل وآخر، بالإضافة إلى المطاعم
التي ألزمها البلاغ رقم 46 بمنع جلوس أكثر من 10 أشخاص على الطاولة داخلها، و15
شخصاً على الطاولة في ساحاتها الخارجية.
وأكد الدكتور
محمد حسن الطراونة أن "انتقائية الحكومة" في تطبيق أوامر الدفاع، أربكت
الشارع، وأدت إلى فقدان ثقة الشعب بهذه الأوامر، وبعملية التلقيح أيضا، مضيفا أن
"من يشاهد التجمعات التي حصلت في مهرجان جرش والحفلات الغنائية الأخرى، والتي
لم تراعِ أيا من الإجراءات الوقائية؛ يعلم بكل سهولة أن الحكومة متناقضة وتكيل
بمكيالين".
وأشار
الطراونة إلى أن جميع الدراسات العالمية تؤكد أن الانتكاسات الوبائية التي حصلت في
الدول؛ لها علاقة ارتباطية بالتجمعات الجماهيرية، "فمن غير المقبول أن تقدم
الحكومة للشعب السم والترياق معا؛ بأن تسمح بالتجمعات وتشدد على الأفراد".
وحاولت
"عربي21" التواصل مع أكثر من مسؤول في وزارة الصحة؛ ولكن دون رد.