هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تعليقًا على مقالي «هل العرب قادمون فعلًا؟»، المنشور السبت 9 أكتوبر، وصلني من الدكتور أحمد الصياد تحت عنوان (لتكن «العودة العربية» حقيقية وجادة) أعطي له المساحة:
- أُشاركك الفرحة بفوز 9 من المهاجرين العرب في الانتخابات البرلمانية الألمانية الأخيرة، إلا أنني لست متفائلًا إلى الحد الذي عبر عنه مقالكم؛ فنجاح 9 شخصيات من أصول عربية ضمن برلمان يضم 735 عضوًا (بنسبة 1% تقريبًا)، لا أراه أبدًا (قوة لا يستهان بها في البرلمان الألماني). فضلًا عن صرامة الالتزام الحزبي في ألمانيا، ومؤسسية القرار السياسي كدولة ديمقراطية. لكن الأمر مجرد خطوة أفضل من «وقوفهم متفرجين على المشهد السياسي» وفق تعبير قناة «دويتشه فيله» الألمانية، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى ثِقل الموروث الثقافي والحاجة إلى مزيد من الوقت وتراكم المتغير الثقافي.
- بفارق ضئيل، فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي، 28% (206 نواب)، على حزب ميركل المسيحي الديمقراطي، 26.6% (196 نائبًا)، وأصبح حزب الخضر 14.8% (118 نائبا)، والحزب الديمقراطي الحر اليميني «الليبراليين»، 11.5% (92 نائبا)، يشكلان معًا أكثر من ربع قوة البرلمان، ويمكنهما مساندة أحد الحزبين الكبيرين ليصل إلى السلطة. وتدور أغلب التوقعات حول تحالفهما مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبالتالي فإن «الليبراليين والخضر» هما المتغير المُرجح في الحكومة الجديدة.
وبالنظر إلى ما يحملانه من مبادئ وتوجهات، فإن التغيير المتوقع الذي يهمنا عربيًا يصب فى خانة المزيد من التمسك بالحقوق والحريات؛ لذلك الأرجح أن يتجه سيف «المشروطية السياسية» إلى مزيد من الحِدّة على صعيد السياسة الخارجية الألمانية، وهو ما سيدفع بألمانيا إلى تقارب أفضل مع حكم الديمقراطيين في واشنطن و«تحالف الديمقراطيات» الذى عبر عنه بايدن مِرارًا. وعليه؛ لست مع توقعكم بأن الحكومة الجديدة «ستحاول إعادة النظر في نهج المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها، أنجيلا ميركل، المتحفظ سياسيًا تجاه العرب»، بل أتوقع تشددًا في ملف الحريات وحقوق الإنسان.
ـ من جهة أخرى، لعلك تتفق معي على أن اتباع ألمانيا «سياسة تقييدية» لبيع السلاح للدول المشاركة «بشكل مباشر» في حرب اليمن لا يبرر وصف سياسات ميركل تجاه العرب بالمتحفظة، فهو أمر جاء تلبية لرغبة شعبية بلغت في استطلاعات رأي محترمة نحو 81%، كما أن ويلات حرب اليمن لا تحتاج شواهد إضافية، حتى إن إخمادها بات رغبة بعيدة المنال يسعى إليها الكل إلا الحوثيين ومِن ورائهم إيران.
ـ كذلك، وعلى غير ما كان متبعًا قبلها، تبنت ميركل سياسات معتدلة، داخليًا بتحالفات حكومية كبيرة، وخارجيًا بتوافقات قوية ساعدت بلادها على امتصاص صدمات كبرى مثل: الأزمة المالية العالمية، والهجرة، وجائحة كورونا، بشكل أفضل من دول أخرى داخل الكتلة الأوروبية. وعربيًا، كانت لها مواقف معروفة داعمة وفعالة في كثير من الملفات المهمة، يصعب سردها تفصيلًا، لكنها معروفة، ففي بدايات عهدها تشددت مع سوريا حتى اعترفت دبلوماسيًا بلبنان كمطلب دولي ثابت، وامتد ذلك النهج إلى اليوم، مرورًا بمساري برلين للأزمة الليبية، وموقفها الإنساني النبيل والفريد من ملف اللاجئين، خاصة السوريين، والذى غامرت به فأفقدها بعضًا من شعبيتها، كما قدمت مساعدات كبيرة لدول عربية عديدة لتحسين ظروف معيشة اللاجئين فيها، وساندت التحول الديمقراطي فى السودان، ومنذ أيام قليلة، أكدت تأييدها وجود دولة فلسطينية، وبجوارها رئيس وزراء إسرائيل، نفتالي بينيت، الذى طالما رفض حل الدولتين.
ليس دفاعًا عن ميركل كتبت؛ إنما رغبة في توافق أكبر مع القيم الحاكمة للعلاقات الدولية المعاصرة.. لتكن «العودة العربية» حقيقية وجادة.
أشكركم على سعة صدركم، ولكم تحياتى.
د. أحمد الصياد
نقلا عن (المصري اليوم)