هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا يزال ملف إيران يسيطر على النقاشات الإسرائيلية، وسط مخاوف من اجتياز طهران للعتبة النووية، ودخولها نادي الكبار بحصولها على القنبلة.
آخر المخططات الإسرائيلية تجاه إيران تمثلت بما تبّنته أجهزتها الأمنية مما أسمتها "عقيدة جديدة تجاه إيران"، تضع في صلبها "الجمهور المدني المتعلّم فيها"، باعتباره "الخاصرة الرخوة"، على أن يمارس ضغوطًا كبيرة على النظام، لأنه يشكل "الطابع المدلّل" لجماهير واسعة من الإيرانيين، ولا تخشى التعبير عن مواقفها، والاحتجاج بطرق مختلفة، والتعبير عن استيائها بالأفعال، عندما تشعر بالتهديد على حياتها.
هذا المخطط الذي كشف عنه النقاب قبل أيام، وصفه المسؤول الإسرائيلي عوفر شيلح، الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست بأنه "حماقة وغطرسة، لأن الإضرار بنوعية حياة الطبقة العليا لا يمكنه إلا أن يساعد إيران على التقدم نحو الملف النووي، مع أنه تم ربط المخطط بالكشف عن هجوم إلكتروني ضرب جميع محطات الوقود في إيران، ونُسب إلى إسرائيل، وستؤدي طوابير الوقود خلف بعضها في محطات طهران لإجبار الإيرانيين على الضغط على نظامهم للانسحاب من البرنامج النووي".
وأضاف شيلح، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أن "هذا المخطط يحتوي على كل عناصر الحماقة الإسرائيلية المستمرة بشأن القضية الإيرانية، لأنه يظهر الإدمان على العمل التكتيكي وبراءات الاختراع التكنولوجية، بينما الوضع مع إيران يتدهور، وبهذا المعنى، فإن الحكومة الحالية هي استمرار لعهد بنيامين نتنياهو، والنتيجة واضحة أن إيران من تقرر ما إذا كانت ستعود للمفاوضات مع الولايات المتحدة، ومتى".
بحسب شيلح، فإنه لم يكن مفاجئا أن ينال المخطط الإسرائيلي ضد إيران لحرمانها من امتلاك قنبلة نووية، هذا الانتقاد والهجوم.
وتابع: "صحيح أن البرنامج النووي الإيراني يحظى بإجماع إسرائيلي لتوصيفه بأنه تهديد وجودي، لكن السؤال يكمن في سبب افتراض أن ينشأ ضغط داخلي من الأوساط الغنية المرفهة على النخبة الحاكمة في طهران، مع أن الجمهور الإسرائيلي ليس أقل تدليلًا من النخبة الإيرانية، ولذلك يطرح السؤال: هل إذا توقفت آلات الإسبريسو في تل أبيب سينشأ احتجاج على سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين؟".
اقرأ أيضا: إحباط لدى قيادة الاحتلال الأمنية من موقف واشنطن تجاه إيران
في ذات السياق، أضاف شيلح أنه "طالما أن عقوبات دونالد ترامب على إيران لم تجبر نخبتها المدللة؛ كما تصفها الأوساط الإسرائيلية، على الضغط على حكامها، فلماذا افتراض أن ذات المخطط سينجح اليوم فقط من خلال إجبار آلاف الإيرانيين على الوقوف في طوابير الوقود الطويلة بسبب هجوم هاكرز على شبكات الإنترنيت، أكثر من ذلك، فهل ما فشلت فيه استراتيجية المعركة يبن الحروب التي تنفذها إسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وضد إيران تحديدا، ستنجح فيه سياسة الضغط على النخب؟".
وتابع شيلح: "لمزيد من الدقة، فإن من يهاجمون المخطط الإسرائيلي باستهداف النخب الإيرانية الغنية والمثقفة، لا يرفضون مبدأ استخدام القوة ضد إيران ذاتها، لكن القوة التي يتم استخدامها حاليا لا تحقق أي شيء، بل تعطي لإيران وحلفائها ترخيصًا ليس فقط للرد بالقوة، ولكن في الغالب للتقدم نحو إنجاز حقيقي، ويتجلى ذلك في ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا من خلال المساعدات المدنية وإجراء الاتصالات؛ وإبرام اتفاقيات مع الصين وروسيا للتخفيف من أضرار العقوبات، وصولا للاقتراب من السعودية".
وخلص شيلح إلى أن "ما شهدته السنوات الأخيرة، ورغم ازدحام الأفكار الإسرائيلية والمخططات ضد إيران، سواء من قبيل الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من الاتفاق النووي، أو توجيه الضربات السرية والعسكرية لإيران، يساعدانها في الاقتراب من القنبلة، ولعل أكبر دليل على ذلك ما انتهجه نتنياهو من خيار "الترهيب" من إيران لمدة عشر سنوات دون جدوى، حتى تولى نفتالي بينيت منصبه، وبدأ ينشر شائعات مفادها أن الجيش ليس مستعدًا لمهاجمة إيران، ولذلك تواصل إيران التقدم نحو أهدافها".