ملفات وتقارير

هل من رسائل وراء القصف الصاروخي على مبنى مخابرات العراق؟

القصف جرى أثناء تواجد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مقر الجهاز- الأناضول
القصف جرى أثناء تواجد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في مقر الجهاز- الأناضول

رغم استهداف محيط مبنى جهاز المخابرات العراقية في العاصمة بغداد، الأحد، بثلاثة صواريخ كاتيوشا أثناء تواجد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلا أن السلطات الأمنية لم يصدر عنها أي توضيح يتحدث عن تفاصيل الهجوم والجهات التي تقف وراءه.


لكن وسائل إعلام محلية نقلت عن مصادر أمنية عراقية (لم تسمها)، أن صواريخ الكاتيوشا سقطت في محيط مبنى المخابرات، وأقرب صاروخ كان على بعد نحو كيلومتر واحد فقط، أثناء تواجد رئيس الجهاز مصطفى الكاظمي، لكنه لم يسفر عن أي خسائر مادية أو بشرية.


الاستهداف الصاروخي أثار تساؤلات عدة حول الرسائل المراد إيصالها في ظل أجواء سياسية متوترة جرّاء رفض نتائج الانتخابات البرلمانية من قوى حليفة لإيران تحديدا، والتي أكد رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري في وقت سابق رفضه لهذه "النتائج المفبركة مهما كان الثمن".


"صواريخ عبثية"


وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، فاضل أبو رغيف، في حديث لـ"عربي21" إن "الجهات السابقة التي كانت تستهدف المنطقة الخضراء في بغداد (مقر الحكومة والسفارة الأمريكية) وغيرها من الصواريخ الطائشة، قطعا قد تشبه هذه الجهة، وربما تكون ذاتها".


وأعرب أبو رغيف عن اعتقاده بأن "هذه الضربة شأنها شأن الضربات السابقة، ولا علاقة لها بموضوع قطع الطريق أمام الكاظمي للوصول إلى ولاية ثانية، أو مصادقة لنتائج الانتخابات، كما يتحدث البعض".

 

اقرأ أيضا: نزوح مئات جرّاء العنف الطائفي شرق العراق.. ورفع حظر التجول

ولفت إلى أن "العراق لم ينقطع عن مثل هذه الحوادث التي تضرب أهدافا بعينها أو أهدافا جرى التخطيط لها مسبقا، لكن تزامن سقوطها خلال هذه المدة قد أوحى للمتابع العربي أو المحلي الربط بين توقيت الصواريخ، ونتائج الانتخابات، والحديث عن الولاية الثانية".


الخبير الأمني العراقي قلل من أهمية هذه الصواريخ، التي استبعد أن تكون تحمل رسائل سياسية، بالقول: "أعتقد أنها صواريخ عبثية حالها حال الصواريخ السابقة التي كانت تسقط هنا وهناك، ولا تحمل أية رسائل سياسية بخصوص ما يجري حاليا من إعلان نتائج الانتخابات أو غيرها".


رسائل سياسية


من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، سعدون التكريتي إن "الغريب في هذه الهجمات أنه لم تتبنها أي جهة حتى اليوم، والأكثر غرابة في الموضوع أن السلطات الأمنية كذلك لم تعلق على هذا الهجوم رغم أنه شُن على منطقة حساسة من العاصمة بغداد".


وأوضح سعدون في حديث لـ"عربي21" أن "سقوط هذه الصواريخ في محيط مبنى جهاز المخابرات، فضلا عن أن القصف حصل، فجر الأحد، أثناء تواجد رئيس الجهاز مصطفى الكاظمي داخل المبنى، يعني أن هناك جهة تعرف بتواجده في هذا الوقت".


وتابع: "قد تكون جهات رافضة لوصول، مصطفى الكاظمي، إلى رئاسة الحكومة لولاية ثانية هي من تقف وراءها، وأنها كانت رسالة تهديد واضحة مفادها بأننا سنعمل كل شيء حتى نحول دون ذلك".


ولم يستبعد السعدون أن "يكون الأمر مفتعلا وأنها لعبة من الكاظمي نفسه الذي لا زال رئيسا للمخابرات- كما طرحت وسائل إعلام محلية- حتى يبين لزعيم التيار الصدري أنه أيضا مستهدف كونه يسعى إلى الإصلاح، وبذلك يتمسك به الصدر وترشيحه لولاية ثانية".


وأردف الباحث، قائلا: "استهداف هذا المبنى أثناء تواجد الكاظمي فيه يعد بحد ذاته أمرا خطيرا -إذا كان الأمر حقيقيا وليس مفبركا- لأن ذلك يعني أن رئيس الحكومة غير قادر على حماية أمنه الشخصي، فكيف له أن يوفر الحماية للعراقيين؟".


الجهات الفاعلة


وفي المقابل، رأى السياسي العراقي، بهاء الأعرجي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن "قصف منطقة المنصور كان يحمل رسائل سياسية، وسيبقى الموضوع متوترا وسيستغل ذلك طرفين، الأول هو من لا يبالي بالوضع الوطني العراقي وإن كان جزءا من العملية السياسية، وبالتالي يقوم بمثل هذه الأعمال، والطرف الثاني يفتح الباب أمام تنظيم الدولة لشن هجمات".

 

اقرأ أيضا: سقوط 3 صواريخ بالقرب من المنطقة الخضراء ببغداد

ورأى نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق أن "القصف كان فيه رسالة إلى الكاظمي تحديدا، لأن هذا المقر (مبنى المخابرات) كان يتواجد فيه أثناء القصف، لكن لا أعرف إذا كانت تخص موضوع الولاية الثانية أم لا، إلا أنه يستهدف رئيس وزراء البلد مهما كان".


وشدد الأعرجي على أن "من أرسل هذه الرسالة هو فصيل مسلح يختلف مع الكاظمي ويريد بذلك أن يعبر عن انزعاجه أو سخطه، لأن استهداف المكان المخصص لرئيس جهاز المخابرات تحديدا وليس المنطقة الخضراء القريبة من المكان، أي أنها موجهة لشخص الكاظمي".


وتأتي هذه التطورات في وقت يستمر فيه المئات من أنصار القوى الحليفة لإيران الرافضة لنتائج الانتخابات، بالاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء، وتلويح بعضهم بجرّ العراق نحو "الحرب الهوجاء".


وقال عضو حركة "حقوق" التابعة لمليشيا "كتائب حزب الله"، حسن الجبوري، خلال تصريحات صحفية سابقة، إن "الحكومة الحالية، بالتعاون مع المفوضية، لا تريد تجنيب البلاد حربا هوجاء، وتحاول بكل الوسائل إيجاد مسببات تلك الحرب".


وشدد الجبوري على أن "الأفضل للمفوضية الخروج أمام الشعب والاعتراف بالفشل في إدارة الانتخابات وتقديم اعتذار والكشف عن الجهات التي تمارس الضغط عليها".


وفي الوقت نفسه، كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد حذر خلال خطاب سابق من جرّ العراق إلى الفوضى وزعزعة السلم الأهلي بسبب عدم قناعة بعض الأطراف بنتائج الانتخابات التشريعية.

 

التعليقات (0)