هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا كتاب ومحللون خلال ندوة فكرية عقدت في لندن، الحكومة البريطانية إلى الاعتذار عن كارثة وعد بلفور، باعتباره سببا جوهريا في تشريد وتهجير الشعب الفلسطيني.
وناقشت الندوة التي عقدها المنتدى الفلسطيني في بريطانيا الأربعاء، وعد بلفور ضمن السياق التاريخي والمسؤولية البريطانية وضرورة الاعتذار، بالإضافة إلى الأبعاد القانونية والسياسية للوعد وسبل مواجهة تداعياته وآثاره حتى اليوم.
وقال المشاركون إن وعد بلفور أدخلته بريطانيا على اتفاقية الانتداب وسعت لتقوية الاحتلال الإسرائيلي، على حساب المؤسسات الفلسطينية في ذلك الوقت حتى لا تنهض، وحين تركت بريطانيا فلسطين كانت القوات الصهيونية قد سيطرت على 78 % من الأرض.
بدوره، أكد عضو المنتدى الفلسطيني في بريطانيا والناطق الإعلامي لهيئة علماء فلسطين، حافظ الكرمي، أن "الدور البريطاني كان جوهرياً في التسبب بكارثة الشعب الفلسطيني، حيث ما زالت أرضه محتلة، وما زال أغلبية أبنائه مشردين ولاجئين خارج فلسطين، فضلاً عن اللاجئين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما زالت قضية فلسطين تشغل المنطقة والعالم طوال السبعين عاماً".
واستبعد الكرمي أن تكون الحكومة البريطانية "تميل إلى مراجعة سلوكها الاستعماري في فلسطين، والذي أدى إلى إنشاء الكيان الصهيوني على أرضها"، على الرغم من أن الاعتذار البريطاني أمرٌ ممكن من الناحية النظرية - وفق الكرمي- إذ سبق لبريطانيا أن اعتذرت عن دورها في تجارة العبيد في الحقبة الاستعمارية، كما اعتذرت عن دورها في تسببها بالمجاعة في إيرلندا في القرن التاسع عشر.
وأشار الكرمي إلى أن "النفوذ الصهيوني ما زال أكثر حضوراً وقوة في أدبيات السياسة البريطانية. وبالرغم من الحضور المتزايد للحق الفلسطيني إلا أنه ما زال أمامه شوط طويل للوصول إلى القطاعات الأوسع في الشارع البريطاني وإقناعها".
رئيس حملة التضامن البريطانية مع فلسطين، كامل حواش قال إنه "كان من المفروض أن يحصل في فلسطين كما حصل مع الدول المجاورة وقتها كلبنان وسوريا والعراق وأن يستقل شعب فلسطين كما استقلت هذه الدول، وليس بهذا التغيير الديمغرافي والذي سمحت به بريطانيا وأتت بإسرائيل، وأن فلسطين هي الدولة الوحيدة التي حصل فيها هذا التغيير لأن بريطانيا أطلقت وعد بلفور وأدخلته على اتفاقية الانتداب وسعت لتقوية الجانب الصهيوني وكبت المؤسسات الفلسطينية في ذلك الوقت حتى لا تنهض، وحين تركت بريطانيا فلسطين كانت القوات الصهيونية قد سيطرت على 78 % من الأرض".
وعن إمكانية اعتذار الحكومة البريطانية عن وعد بلفور، قال حواش: "الوضع اليوم لم يختلف كثيراً منذ وعد بلفور، ما زال هناك سلب لحقوق الفلسطينيين وليس هناك توجه من الحكومة البريطانية لرد الاعتبار للشعب الفلسطيني أو تعويضهم وليس هناك أي توجه لدعم الحق الفلسطيني بل إن الحكومة البريطانية تتوجه حالياً لسن قانون يمنع حتى المجالس المحلية من مقاطعة شركات لها علاقة بدولة الاحتلال".
ودعا حواش حركات التضامن في بريطانيا والجاليات الفلسطينية إلى أن يكون لها دور "لتقوية الضغط على الحكومة البريطانية لتغيير سياساتها أولا تجاه القضية الفلسطينية والاعتذار عن وعد بلفور ودعم أي خطوة في هذا الاتجاه، وحشد الطاقات نحو دعم الرواية الفلسطينية في الصراع".
بدوره قال الكاتب الصحفي، ورئيس تحرير صحيفة "عربي21" فراس أبو هلال إن "مجرد صدور هذا الوعد هو إجحاف بحق الفلسطينيين وطمس للحقائق التاريخية، وهي تعتبر حادثة غريبة في التاريخ حتى بشهادة كثير من الكتاب اليهود وهي أن يقوم شعب بمنح شعب آخر وطنا لشعب ثالث، مع أنه لم تكن بريطانيا وقتها تحتل فلسطين أصلاً".
اقرأ أيضا: "وعد بلفور".. سرقة الأرض ومنحها لمن لا يستحق (إنفوغراف)
وأضاف أبو هلال أن "جوهر المسألة هو سرقة حقوق شعب وتهجيره وإحلال شعب آخر مكانه، على الرغم من محاولات الحركات الصهيونية آنذاك لتبرير وعد بلفور تحت مظلة أخلاقية بسبب معاناة اليهود في ذلك الوقت، ولكنه في الواقع عكس ذلك وإنما كانت حركة استعمارية استغلت معاناة اليهود لتمرير مشروع بلفور الاستعماري".
وتابع: "على الرغم من أن الواقع يقول إن بريطانيا لن تعتذر عن وعد بلفور، لكن كل خطوة في العمل التضامني مع فلسطين هي خطوة مهمة وكل خطوة في تصحيح الرواية عن الصراع هو أمر ضروري، لأن دولة الاحتلال دولة مطعون في شرعيتها، وهي تخشى التغيير في رواية الصراع وتريد فوزاً نظيفاً من دون أن يعيقها شيء، لذلك عادة ما يقوم الاحتلال بتلطيخ سمعة أي شخص أو مؤسسة تقوم بانتقاد الاحتلال لأنه يعلم تماماً أن شرعيته دائماً في محل تساؤل".
وأضاف: "يجب علينا كفلسطينيين أن لا نغرق كثيراً في التفاصيل، بل يجب علينا أن نتوحد تحت سقف رفض مبدأ وعد بلفور كاملاً دون الاعتراف بأي جزئية منه مع ضرورة استثمار خطوة اعتذار بريطانيا عن وعد بلفور في مجال إعادة الحق الفلسطيني إلى أصحابه".