هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى القيادي في المعارضة السورية جورج صبرا، أن زيارة وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، إلى العاصمة السورية دمشق، تأتي ضمن مهمة موكلة لدولة الإمارات فحواها فتح الباب لإعادة نظام بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية وتمكين الجزائر من دعوتها للقمة التي ستستضيفها في آذار/ مارس المقبل.
ورأى صبرا في حديث مع "عربي21"، أن "الهدف الرئيس من زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق، هو الإيحاء للعالم العربي وللعالم بأن ثورات الربيع العربي قد انكسرت، وأن الثورات المضادة قد باتت قاب قوسين أو أدنى من الانتصار".
وقال: "لا شك أن الرسالة الأساسية من هذه الزيارة، هي أن هناك تراجعا أمريكيا كبيرا قد حصل، لأننا لا يمكن أن نتصور أن الإمارات يمكنها أن تقدم على هذه الخطوة دون ضوء أخضر أمريكي، رغم أن واشنطن أعلنت أكثر من مرة أنها لن تطبع مع نظام بشار وأنها لا تشجع حلفاءها على ذلك".
ورأى صبرا أن الزيارة فيها مراضاة لإيران من أجل محادثات فيينا، على الرغم من أن إيران أوقفت لبنان ولا تريد للدولة العراقية أن تستعيد حضورها، ويريدون أن تبقى الميليشيات تقود العراق، وكذلك في سوريا واليمن.. وهناك امتدادات لها في دول عربية أخرى.. والإسرائيليون لا مانع لهم في ذلك، لأن نتيجتها تقسيم المجتمعات العربية وإبقاؤها في حالة حرب".
وأشار صبرا إلى أن الجزائر لن تتأخر في دعوة نظام بشار الأسد إلى القمة العربية، وقال: "الجزائر سترحب بهذا الدور الإماراتي ولن تتأخر في دعوة نظام بشار إلى القمة لأنها من الأساس كانت ضد الخطوات التي قام بها العرب ضد النظام السوري، فقد كانت الجزائر في الضفة الأخرى".
واستبعد صبرا أن تواجه هذه الخطوات معارضة عربية رسمية كبرى، وقال: "زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق تعني موقفا مناصرا من دول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي ستكون بقية الدول حتى المعارضة وهي قليلة ضعيفة.. حتى تونس التي كانت قد استضافت أول اجتماع للمجلس الوطني السوري في كانون الأول (ديسمبر) 2011.. الآن للأسف واضح إلى أين تجري الأمور، فهناك أصوات كثيرة فيها أصبحت تؤيد بشار".
وعما إذا كانت هذه الزيارة وعودة بشار الأسد إلى الجامعة العربية ستكون نهاية الثورة السورية، قال صبرا: "بالتأكيد، الثورة السورية لم تنهزم، في ذكراها العاشرة كان لها حضور، والثورة السورية موجودة في درعا والسويداء وفي مدن سورية أخرى.. لكن المشكلة كلها تواجه جميع ثورات الربيع العربي.. انظر إلى ماذا يجري في السودان وتونس، وكذلك ما جرى للجزائريين الذين ساروا في الشوارع لعام ونصف.. الربيع العربي في محاولة إغلاق الباب أمامه".
وأضاف: "بالنسبة لنا في سوريا لا أعتقد أن هناك إمكانية لإغلاق الربيع، بسبب حجم الثمن الذي قدمه الشعب السوري، لكن الخوف في لبنان، بين لبنان واشتعال الحرب رصاصة.. الخوف في العراق، ماذا تعني المحاولة الفاجرة لقتل رئيس الحكومة.. لا يريدون قيام دولة.. وفي السودان وتونس وليبيا واليمن.. الشعوب قدمت تضحيات كبيرة لكن إمكانية التغيير مكبوحة بقرار أمريكي".
وأكد صبرا في ختام حديثه أن القول بأن "الثورة المضادة انتصرت وأنها تريد تحقيق إرادتها، هذا وهم لأن الشعوب التي فتحت الباب مستحيل أن تغلق أبوابه بدون ضمان الشروط الدنيا لاستقرار بلدانها"، وفق تعبيره.
ووصل وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، الثلاثاء، إلى دمشق في زيارة التقى خلالها رئيس النظام، بشار الأسد.
وقالت وكالة أنباء النظام السوري، إن ابن زايد وصل إلى دمشق، يرافقه وزير الدولة، خليفة شاهين، ورئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك، محمد حماد الشامسي، واستقبلهم رئيس النظام بشار الأسد.
وقد عاد الحديث مجددا بدفع من حكومات عربية، في أوساط جامعة الدول العربية حول إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإعادة مقعد سوريا المعلّق في الجامعة.
وعلقت الجامعة عضوية سوريا في 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2011، ودعت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته في توفير الحماية للمدنيين.
وبعد مرور عشر سنوات من الحرب في سوريا، لا يزال البلد يعاني من عدم استقرار داخلي وتراجع المستوى المعيشي وأزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة، مع عزلة سياسية حاول النظام الخروج منها عبر بوابات عديدة، مثل العراق وروسيا وإيران.
يذكر أن الإمارات والبحرين أعادتا فتح سفارتيهما في دمشق، نهاية 2018، على مستوى القائمين بالأعمال، بينما فشلت تونس والجزائر في إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2020، أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.
ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية، في أيار (مايو) الماضي، فتح قنوات اتصال مباشرة مع سوريا، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي، الفريق خالد الحميدان، لدمشق ولقائه بشار الأسد، ورئيس مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك.
وقبل أيام، أجرى وزير الدفاع السوري أول زيارة للعاصمة الأردنية عمان منذ 2011، والتقى خلالها رئيس الأركان الأردني ومسؤولين آخرين، بعد توقف الدعم الأردني، بالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول خليجية، لفصائل المعارضة المسلحة جنوبي سوريا.
كما سمح الأردن بمرور الغاز المصري وإمدادات الكهرباء الأردنية إلى سوريا ومن ثم إلى لبنان.
وبالإضافة إلى هذه المستجدات من جانب الأردن، تخطو دمشق خطوات أخرى على طريق إعادة الاندماج في محيطها العربي عبر بوابة العراق، الذي كان راغبا بدعوة رئيس النظام السوري لمؤتمر الشراكة والتعاون في بغداد (أغسطس/ آب الماضي)، لولا الضغوط الفرنسية والتركية.
وتنفرد دولة قطر بموقف صريح ومعلن يرفض بشكل قاطع أي حديث عن تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
كما أن دولا أوروبية تتحدث عن نيتها إعادة فتح سفاراتها في دمشق، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا ورومانيا والتشيك، على الرغم من أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لا تزال تضغط على النظام السوري، عبر عقوبات سياسية واقتصادية، لعزله وإجباره على الامتثال لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر جنيف لتسوية الصراع السوري سياسيا.