كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة،
الخميس، عن حراك سياسي تقوده القوى السياسية الشيعية؛ لإنهاء أزمة الانتخابات البرلمانية،
التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات بشكل رسمي، وأظهرت فوز التيار الصدري بـ73
مقعدا.
وعلى إثر ذلك، أعلنت قوى
"الإطار التّنسيقي" الشيعي رفض النتائج، التي اتهمت فيها مفوضية الانتخابات
بإعدادها مسبقا على حساب إرادة الشعب العراقي، مؤكدين استمرارهم بالدعوى المقامة أمام
المحكمة الاتّحادية لإلغاء الانتخابات.
روسيا تتدخل
وقالت المصادر السياسية العراقية
لـ"عربي21"، طالبة عدم الكشف عن هويتها، إن "زعيم التيار الصدري، مقتدى
الصدر، كان قد وجه دعوة عقب إعلان نتائج الانتخابات إلى جميع أطراف الإطار التنسيقي
للقدوم إلى منزله في النجف، وحضور مأدبة غداء".
وأضافت أن "قوى الإطار
التنسيقي رفضت الدعوة إذا لم تحمل حلولا؛ لذلك قرر زعيم التيار الصدري المجيء بنفسه إلى
بغداد؛ لحضور لقاء جامع سيشمل جميع أطراف الإطار يوم الخميس".
وبحسب المصادر، فإن "القوى
الشيعية شكلت لجنة أطلقت عليها (أهل الحل والعقد)؛ لتقريب وجهات النظر بين جميع الكتل
والفعاليات السياسية والعسكرية الشيعية؛ للتوصل إلى حل ينهي الأزمة، ويدفع أي تطورات
خطيرة قد تنتهي إلى فقدان السلطة من يد الشيعة".
المصادر ذاتها، أكدت أن
"إيران ربما تكون وراء تشكيل هذه اللجنة (الحل والعقد)؛ لأن طهران أوصلت رسالة
إلى القوى الرافضة للانتخابات، بأن تمضي النتائج، وذلك عن طريق إجراء تسويات".
ونفت المصادر أيضا ما تداولته
بعض مواقع التواصل في العراق من لقاء جمع الخصمين السياسيين الشيعيين الأبرز؛ زعيم
التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وكشفت أن "نائب وزير الخارجية
الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، الذي زار العراق،
الثلاثاء، جاء بطلب إيراني للقاء المعترضين، فالتقى رئيس ائتلاف دولة القانون نوري
المالكي، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة".
من جهته، علق المحلل السياسي
مهند الجنابي على تسريبات الاجتماع المقرر بين قوى "الإطار" وزعيم التيار
الصدري، الخميس، قائلا إنه "من المبكّر الحديث عن (حكومة توافقية) بمجرد اجتماع الصدر
مع زعماء الإطار التنسيقي".
وقال الجنابي في تغريدة على
"تويتر"، الأربعاء، إن "المعلومات الواردة تشير إلى أن اللقاء هو حوار لا اتفاق، قد يخرج بتفاهمات لاحقة، وقد لا يخرج، وإن الصدر يسعى لخطوة الفرصة الأخيرة
للمعترضين قبل المصادقة على النتائج لأسقاط حججهم أمام حكومة أغلبية".
طرف ثالث
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي
العراقي أثير الشرع، في حديث لـ"عربي21"، أن "كل القوى السياسية العراقية
أيقنت أن التفكك والانغلاق السياسي الحاصل في العراق اليوم، لا يمكن أن يصب في مصلحة
جميع الجهات السياسية والمكوناتية في البلد".
وأضاف الشرع أنه "طبقا
للعرف السياسي السائد في العراق، فإن رئاسة الحكومة تذهب إلى المكون الشيعي، لكن الجبهة
الشيعية اليوم انقسمت إلى طرفين اثنين، هما: الإطار التنسيقي، والتيار الصدري".
ورأى الشرع أنه "إذا لم
يجر لم شمل الكتل الشيعية، فلا يمكن القول إن هناك حكومة يمكن لها أن تبصر النور في
العراق، لذلك هناك طرف ثالث خارجي أو داخلي تهمّه مصلحة العراق، دعا القوى الشيعية للاجتماع
على طاولة حوار واحدة".
وأوضح المحلل السياسي أن
"اجتماع الخميس ربما يشهد التقاء قطبي الخلاف السابق؛ نوري المالكي ومقتدى الصدر، أو من يمثلهما بصورة عالية جدا، وأعتقد أن المشاكل ستحل في هذا الاجتماع، والذهاب بعدها
إلى تشكيل حكومة توافقية بطعم الأغلبية خلال المدة المقبلة".
ولفت الشرع إلى أن "النتائج
النهائية للانتخابات جرى إعلانها، الثلاثاء، والآن بانتظار مصادقة المحكمة الاتحادية
عليها، وهناك ربما توجه لدى الأخيرة للمصادقة على بعض النتائج وليس كلها، وذلك للنظر
في طعن تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، لإلغاء هذه النتائج".
وأكد المحلل السياسي أن
"الأيام القليلة المقبلة كفيلة بكشف طبيعة التحالفات السياسية لتشكيل الحكومة،
وأعتقد أن اجتماع القوى الشيعية سينهي المشاكل كلها، لأنه لا يوجد حل على الإطلاق للأزمة
الحالية إلا بلم شمل القوى الشيعية في العراق".
وخلص الشرع إلى أن "الكل
في العراق أيقن أن الخلافات والاختلافات من شأنها أن توسع الأزمات، وربما هناك من يراهن
على حصول صراع شيعي- شيعي مسلح، لكن الجميع يريد الخروج من هذه الأزمة، لاسيما بتدخل
بعض المراجع والجهات الدينية".
وكان تحالف "الفتح"
بزعامة هادي العامري قد هدد، الأربعاء، بالرد على أي "استفزازات" أو
"مصادمات" من قبل أي جهة على المحتجين على نتائج الانتخابات، وفيما عدّ النتائج
النهائية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات "متوقعة"، فقد أكد أن المفوضية
"أصرت على هذه النتائج منذ البداية".
وأظهرت النتائج النهائية التي
أعلنتها المفوضية، الثلاثاء، تصدر الكتلة الصدرية بالحصول على 73 مقعدا، بينما حصل
تحالف "تقدم" بزعامة السياسي السني محمد الحلبوسي على 37 مقعدا، وائتلاف
دولة القانون بقيادة نوري المالكي على 33 مقعدا.
وحلّ الحزب الديمقراطي الكردستاني
رابعا، بالحصول على 31 مقعدا، فيما حلّ تحالف "الفتح" بزعامة الأمين العام
لمنظمة بدر هادي العامري خامسا، حيث حصل على 17 مقعدا، حيث تراجع كثيرا هذه المرة، بعدما
كان قد حصل على 47 مقعدا في انتخابات 2018.