انتقدت صحيفة
إسرائيلية، غياب
التخطيط الرسمي،
قريب وبعيد المدى، والذي من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي وكبير على مستقبل الاحتلال.
وأكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت"
العبرية، في مقالها الافتتاحي الذي كتبه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي
السابق، الجنرال غيورا آيلند، أنه "لا يوجد تخطيط في إسرائيل؛ لا على المدى
القصير ولا البعيد، فالميزانية مثلا، ليست نتيجة أي عملية تخطيط للمدى
القصير".
وقالت: "يوجد نحو 25 وزارة حكومية، فيها
نحو 75 قسما توزع على 250 دائرة تقريبا، ولو بسطنا كل هذه الدوائر على طاولة واحدة
وفحصنا ما الذي تفعله كل واحدة، لوجدنا الكثير من التدخلات الزائدة، ولو فحصنا مَن
بين هذه الدوائر تحقق منفعة أكبر من كلفة وجودها، لاستنتجنا أنه يمكن لنا إلغاء
الكثير منها".
ولفتت إلى أنه "داخل بنود مشتريات
الوزارات الحكومية، توجد مليارات عديدة تدفع لمستشارين مختلفين، وخلال فحص قصير
يمكن أن نلاحظ بأن الكثير من المستشارين يستأجرون للقيام بمهام موظفين كثيرين،
وهنا تتكشف ازدواجية مطلقة".
ورأت "يديعوت"، أن "الأخطر من
هذا بكثير، هو الغياب المطلق للتخطيط للمدى البعيد، أما التخطيط للمدى القصير، فيبدأ
بتحديد المعطيات والاضطرارات القائمة والمعروفة، وبالمقابل، في التخطيط للمدى
البعيد ننقطع عن اضطرارات الحاضر، وبدلا من ذلك نسأل: ماذا كنا نريد أن يكون بعد
20 سنة؟".
وأضافت: "لنفترض أن لنا خمس رغبات؛ حد
أقصى من مستوى المعيشة المتوسط (بتعابير الناتج القومي الخام للفرد)؛ ومن المساواة
ومن توزيع السكان
وجودة البيئة وأيضا حد أقصى من الاستقلال الاقتصادي، وهنا يتضح
أن هناك توترا بين هذه الرغبات، وبالتالي على الحكومة (برئاسة اليميني نفتالي
بينيت) أن تبحث وتقرر سلم الأولويات ومبادئ السياسة، وعندما لا يحصل هذا، فإن
البيروقراطية تتخذ، دون أي استراتيجية، قرارات محددة تملي كيف سيكون مستقبل
إسرائيل".
وتابعت: "مثلا، القرار هل نسمح بإقامة 6
مراسٍ أخرى على الشواطئ، أو قرار لجنة التحقيق اللوائية إقرار بناء لمجال صناعي،
المنطقة الخضراء الأخيرة المتبقية بين "غوش دان" و"الشارون"،
الضغط للبناء المتسارع في مناطق الطلب مفهوم، ولكن هذا الضغط ينبع ضمن أمور أخرى،
من الفرضية بأن على إسرائيل أن تواصل تشجيع النمو السكاني، من قرر هذا؟".
ونوهت الصحيفة، إلى أنه "في السنوات
الأولى لإسرائيل، كان صحيحا تشجيع الولادة (في أوساط اليهود)، وصحيح حتى اليوم من
المجدي على الأقل أن تطرح هذه المسألة على البحث، إذ إن تقليص مخصصات الأولاد من
الولد الرابع للعائلة، سيقلل أيضا النفقات العامة، كما سيشجع فئات سكانية معينة
على الخروج للعمل، وأساسا سيمنع اكتظاظا كبيرا بعد جيل أو جيلين".
وأشارت إلى أن "المشكلة ليست في غياب
القرارات الصحيحة، بل عدم وجود بحث في هذه المسائل على المستوى الصحيح، وهذا الضعف
لحكومات إسرائيل لا يتناول فقط المواضيع المدنية بل يلمس أيضا المسائل الوجودية،
هكذا مثلا منذ نحو عشرين سنة، واضح أن التهديد العسكري الأساس على إسرائيل؛ هو إطلاق
عدد هائل من
الصواريخ، بعضها دقيقة، ومنذئذ كان صحيحا القرار، بأن كل بناء لشبكة
كفيلة بأن تعد شبكة حرجة يجب أن يتم في عمق الأرض، ومن الأفضل في نفق محصن من كل
أنواع الصواريخ".
وأوضحت "يديعوت"، أنه "في غياب
قرار مبدئي كهذا، ففي مستوى السياسة تستمر لجان التخطيط على أنواعها في إقرار بناء
منشأة حيوية بشكل يعرضها للتدمير البسيط"، مؤكدا أن هناك "فجوة بين
المسائل التي يفحص فيها السياسيون من قبل الجمهور والإعلام في كل يوم وبين ما هو
المهم القيام به، ولإسرائيل، لا يوجد ترف التصرف هكذا".