مقابلات

"عربي21" تحاور وزير خارجية تونس الأسبق رفيق عبد السلام (ج2)

الجزائر تدعم الدولة التونسية وتتعامل بحذر مع انقلاب سعيد حفاظا على أمنها القومي- فيسبوك
الجزائر تدعم الدولة التونسية وتتعامل بحذر مع انقلاب سعيد حفاظا على أمنها القومي- فيسبوك

النهضة ستبادر بعودة البرلمان وقتيا للمصادقة على المحكمة الدستورية والقانون الانتخابي وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة


الجزائر تدعم الدولة التونسية وتتعامل بحذر مع انقلاب سعيد حفاظا على أمنها القومي


النظام المصري متورط في التخطيط وتنفيذ انقلاب سعيد ودول الخليج حذرة في التعامل مع سعيد خشية من قذافي جديد بالمنطقة


واشنطن حجبت مساعدات مالية عقب انقلاب سعيد ولم تدعم الديمقراطية التونسية على غرار السودان


فرنسا لا تثق في سعيد وترغب في تشكيل بديل تكون فيه النهضة الحلقة الأضعف

قال وزير الخارجية الأسبق و القيادي بحركة النهضة التونسية رفيق عبد السلام في الجزء الثاني من المقابلة الخاصة التي أجراها مع "عربي21"، والتي خصصت للصعيدين المحلي الحزبي و الدولي، إن النهضة أخطأت في تقييم خطر الرئيس قيس سعيد وظلت تراهن على إمكانية تعقله وقبوله مبدأ التوافق والحلول الوسطى.

وأكد وزير الخارجية الأسبق أن الجزائر بصدد تقديم دعم محدود للدولة التونسية، لا لسعيد، حفاظا على أمنها القومي فيما رأى بأن دول الخليج تتعامل بقدر من الحذر مع انقلاب سعيد لأنها تخشى أن تجد نفسها امام قذافي جديد في المغرب العربي.

بيد أن السياسي التونسي انتقد موقف الإدارة الأمريكية الذي اعتبره متراوحا بين الرفض والتطبيع مع الواقع الجديد في حين أنها تصرفت بشكل مغاير مع الأحداث في السودان فيما أكد عدم ثقة الفرنسيين في الرئيس سعيد ورغبتهم في تشكيل بديل تكون فيه النهضة أضعف حلقة، في أحسن الحالات.

وفيما يلي نص الجزء الثاني من المقابلة الخاصة:


على الصعيد الحزبي

ماهي الأخطاء التي ارتكبتها النهضة في فترة حكم الرئيس سعيد؟

 

أكبر أخطاء النهضة أنها لم تأخذ خطر قيس سعيد بما يكفي من الجدية وظلت تراهن على إمكانية تعقله وقبوله مبدأ التوافق والحلول الوسطى في حين أن "مكوناته الجينية" لا يدخل ضمنها مبدأ الحوار والتوافق.

كان على النهضة أن تحسم أمرها بعد رفض قيس سعيد التحوير الوزاري والامتناع عن المصادقة على القانون المعدل للمحكمة الدستورية بذرائع واهية، إما بمواجهته بحكومة قوية وقادرة على كبح جماحه أو أن تغادر الحكم وتحاصره بقوة الشارع.


الوقوف في المناطق الرمادية مع رئيس مغامر ولا يقدر عواقب الأمور غير مجد في هذه الحالات.

هناك عدة تساؤلات حول مواقف حركة النهضة في هذه الآونة.. هل ستستعد الحركة للمواجهة مع النظام في ظل تعنت موقف الرئيس ورفضه للحوار السياسي؟


نحن جزء من حالة سياسية وشعبية عامة في مواجهة الانقلاب، وما يعنينا بدرجة اولى هو عودة الدستور والمؤسسات وبعد ذلك ليحكم اي كان تحت مظلة النظام الديمقراطي وشرعية الدستور وأسس الثورة، ولا ينتظر من قيس سعيد غير التمادي في العناد وإشباع شهوته في السلطة والتفرد. 

كيف تعلق على استقالة أعضاء بارزين من حزب حركة النهضة وتوجههم لتأسيس مشروع سياسي جديد في وقت صعب سياسيا مثل الذي تعيشه تونس؟

 
الانتماء للأحزاب هو عمل اختياري وتعاقدي وليس انتسابا قبليا، ونتمنى لمن غادر صفوف الحزب حظا سعيدا ليختبر نفسه في الساحة الحزبية، لكن صف النهضة بحمد الله يزداد قوة ومتانة والحاجة إليها تزداد أكثر من أي وقت مضى، لأن الناس يريدون كيانات قوية وذات مشروعية سياسية وتاريخية لمواجهة مشاريع التسلط والاستحواذ على السلطة، وليسوا في حاجة الى مزيد تقسيم الساحة السياسية وإضعافها.

ما هو تعليقك على دعوة رئيس البرلمان لحوار سياسي شامل؟

 
لا يمكن الخروج من هذا المأزق الذي دفع البلاد نحوه قيس سعيد إلا بإدارة حوار وطني موسع بين مختلف القوى السياسية والمنظمات الاجتماعية الرافضة للانقلاب على قاعدة عودة الدستور والنظام الديمقراطي المغدور به، ويكون ذلك مقدمة لبناء جبهة سياسية عريضة تسقط الانقلاب واجراءات 25 جويلية اللادستورية.


لا يوجد خيار ثان او ثالث ورابع.. بل هناك خيار واحد ووحيد ألا وهو العمل على اسقاط الانقلاب والسطو على السلطات والعودة الى إطار ثورة الحرية والكرامة.

هل لدى حركة النهضة مبادرة سياسية لحل الأزمة؟

 
مبادرة النهضة تتقاطع الى حد كبير مع ما أعلنته بعض الأطراف الوطنية وفي مقدمة ذلك مواطنون ضد الانقلاب، وهي الغاء الاجراءات غير الدستورية للانقلاب وعودة البرلمان لمدة وجيزة للمصادقة على المحكمة الدستورية والقانون الانتخابي وتشكيل حكومة انتخابات محايدة في إطار حوار وطني جامع، ثم الذهاب في أقرب وقت ممكن الى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، بعدما فقد الرئيس قيس سعيد كل مقومات الشرعية والمشروعية.

نحن في كل الأحوال لن نقبل بإدارة المرحلة الانتقالية خارج إطار الشرعية والدستور ومدنية الدولة.

على الصعيد الدولي

برأيك.. من هي الدول التي ظلت تدعم الرئيس قيس سعيد إلى حد الساعة؟

 
القوى التي ناهضت الثورات العربية ودعمت الانقلابات السابقة في المنطقة هي نفسها التي دعمت انقلاب قيس سعيد، ولذلك سارع وزراء خارجيتها من الساعات الاولى لزيارة تونس وتقديم التبريكات لقيس سعيد على منجزه الانقلابي.

كيف تقيم مواقف النظام الجزائري من الأحداث في تونس؟


الجزائر تتعامل بحذر مع انقلاب قيس سعيد بحكم تأثر أمنها المباشر بما يجري في تونس. هناك دعم محدود هو أشبه ما يكون بجرعات أوكسجين محسوبة حتى لا يرتمي قيس سعيد في أحضان المحور المصري الخليجي ولا ينهار الوضع بصورة كاملة، بما من شأنه أن يعرض وضعها للخطر، خاصة مع اضطراب الوضع في ليبيا وتأزم علاقتها بالمغرب.


أستطيع أن أقول بأنه دعم محدود للدولة التونسية أكثر مما هو دعم لقيس سعيد.

كيف تقيم الدور والموقف المصري منذ 25 تموز/ يوليو؟

 

الدور المصري معروف، عبد الفتاح السيسي يرقص طربا لكل انقلاب يحدث في المنطقة. المصريين دعموا الجنرال خليفة حفتر لتنفيذ اجتياح عسكري لطرابلس ودعموا انقلاب قيس سعيد مثلما دعموا انقلاب البرهان في السودان، وهناك حديث متواتر وتسريبات تثبت مشاركة عناصر من المخابرات المصرية في التخطيط وتنفيذ الانقلاب.

كيف تقيم الموقف والدور الخليجي، خاصة الإماراتي والسعودي، منذ 25 تموز/ يوليو؟

 
دول الخليج دعمت الانقلاب لأنه يثبت سرديتها السياسية في كون الديمقراطية لا تصلح ولا تصلح للعرب ولا حل الا بالعودة الى الحكم الفردي، ولكنها تتعامل بقدر من الحذر لأنها تخشى أن تجد نفسها امام قذافي جديد في المغرب العربي، ثم تخاف التورط في دعم مالي مفضوح قد يعرضها لضغوط من طرف الأوروبيين والأمريكان.

كيف تقيم الدور والموقف التركي القطري من الأوضاع في تونس منذ 25 تموز/ يوليو.. وإلى حد الساعة؟


تركيا وقطر ظلتا داعمتين للتجربة الديمقراطية التونسية، ولكن لديهما جبهات وملفات كثيرة من سوريا واليمن وليبيا وأذربيجان، وقضايا الطاقة، ورسم الحدود وغيرها.


لكن الواضح أن المشاريع الانقلابية تلقى دعما أكبر مقارنة بالتوجهات الديمقراطية في المنطقة

كيف تقيم الموقف والدور الأمريكي منذ 25 تموز/ يوليو؟

 
الولايات المتحدة الأمريكية عبرت عن موقف ناقد والى حد الآن حجبت المساعدات المالية عن قيس سعيد، ولكن من الواضح أن هناك تفاوتا في الموقف بين الإدارة والكونغرس ومجلس الشيوخ.


يتراوح موقف الادارة الأمريكية بين الرفض والتطبيع مع الواقع الموجود في حين عبر أعضاء الكونغرس عن موقف أكثر وضوحا في رفض الانقلاب.

الى حد الآن لم نر دعمًا جديا للديمقراطية التونسية على نحو ما رأينا ذلك في السودان مثلا، ربما بسبب الاختلاف بين ضحايا الانقلاب في تونس والسودان

كيف تقيم الموقف الأوروبي وخاصة الفرنسي والألماني من التطورات في تونس منذ الانقلاب والى حد الساعة؟

 
الموقف الأوروبي متفاوت أيضا، ولكنه بصفة عامة لم يعط مشروعية لانقلاب قيس سعيد، لكن نظرة الاوروبيين بصفة عامة تكاد تختزل في ملف الهجرة والأمن أكثر من الاعتبارات الديمقراطية والأخلاقية.
أما الفرنسيين، فهم لا يثقون في قيس سعيد لأنه شخصية غامضة ولا يحاور إلا نفسه، ورغم قبولهم الاضطراري للتعايش مع واقع سياسي تونسي توجد فيه النهضة، إلا أنهم مازالوا يرغبون في تشكيل بديل تكون فيه النهضة في أحسن الحالات حلقة ضعيفة.

المواقف الدولية اشترطت عودة النظام الديمقراطي في تونس، لكنها لم توضح شروطها لا شكلا ولا مضمونا.. فهل قبلت الأطراف الدولية بالوضع الحالي للبلاد؟

 
المواقف الدولية ليست ثابتة وهي مرتبطة بميزان القوى على الارض، أغلب القوى الدولية انتقدت اجراءات 25 تموز/يوليو الانقلابية، والمشكلة أن قيس سعيد عسر مهمة دعمه من الأطراف الدولية برفضه للحوار ولأي مبادرة سياسية، لأنه لا يمكن تصور نظام سياسي في عالم اليوم يحكمه شخص واحد بلا برلمان ولا مؤسسات، هم يريدون منه شيء من الاخراج السياسية وهو يصر على أن يحكم وحده ومن دون غطاء.


الأطراف الدولية تطالبه إما بقبول عودة هذا البرلمان الى عمله ورفع التجميد عنه، أو الذهاب لانتخابات مبكرة في إطار حوار وطني لإفراز برلمان جديد، ولكن قيس يصر على التمادي في تجميد البرلمان وتأجيل الانتخابات لمدة سنة كاملة حتى يعيد تشكيل المربع السياسي على النحو الذي يرغب فيه.

خارطة الطريق التي طرحها هي خارطة خروج على الدستور وليست عملية عودة له في حقيقة الأمر.

هل يمكن أن تقوم دولة ما بجهود وساطة لحل الأزمة السياسية، أم أن الأمر بات متأخرا؟


مشكلة قيس سعيد أنه جاء من عالم غريب عن السياسة ولا يعترف بحوارات ولا توافقات. كما يجب التأكيد بأنه لا يوجد أي حل خارج العودة للدستور والديمقراطية

في حال وجود وساطة.. بتقديرك من هي الدولة الأقدر على إقامة حوار سياسي تونسي-تونسي؟  

هذا الأمر سابق لأوانه ولا أستطيع أن أذكر أسماء دول بعينها، ولكن أستطيع القول أن الدول التي يمكن أن تقوم بهذا الدور يفترض فيها قدر من الحياد ولديها مصالح في نجاح التجربة الديمقراطية التونسية واستقرارها، ولا ينتظر هذا من دول معادية للثورات العربية أو منحازة لمشروع الانقلاب والانقلابيين.


 
التعليقات (1)
مصطفى رمضون
الخميس، 20-01-2022 06:32 م
المهم دائما ومن جميع الاحزاب السياسية لايبحثون ولا يتهمون الا ا?حزاب ا?سلامية با?خطاء كل الاحزاب لاتخطئ ا? ا?سلاميين دائما هم المخطئون . والسر في ذلك ان الدول الخارجية كلها ضد ا?سلام بما فيها ا?حزاب الداخلية . ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين . والله متم نوره ولو كره الكافرون ...