يرى
الكاتب الصحفي البريطاني جوناثان كوك أن العالم يدخل على ما يبدو أنها حرب باردة جديدة أشد
تعقيداً، يمكن لأي سوء فهم أو حادثة أو تحرك خاطئ فيها أن يتطور سريعاً إلى مواجهة
نووية.
ويضيف
كوك في مقال في موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني أن التهديد الحالي الأكثر
إلحاحًا للأمن العالمي لا يكمن في الأعمال الاستفزازية لكل من
روسيا أو
الصين، وإنما
في هوس الولايات المتحدة الخاطئ بـ "مصداقيتها".
وفي ما
يلي نص المقال:
لا يكمن الخطر
الملح الذي يتهدد الأمن العالمي في هذه اللحظة في ما يسمى "الاستفزازات" الواردة
من قبل روسيا أو الصين، وإنما في ذلك الهوس المغلوط الذي تعيشه الولايات المتحدة بشأن
"مصداقيتها" هي.
وصيحة الحشد
هذه، والتي يطلقها المسؤولون في واشنطن وترددها وسائل الإعلام والحلفاء في لندن وفي
غيرها من العواصم، ما هي سوى ترميز يقصد به السماح للولايات المتحدة بأن تتصرف كرجل
عصابة عالمي بينما تزعم أنها شرطي العالم. لكن يظهر أن "مصداقية" الولايات
المتحدة غدت موضع ريبة الصيف الماضي، وفقط حينما ظل الرئيس جو بايدن حازماً في تعهده
بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
اعترض نقاد
بارزون، بما في ذلك من داخل البنتاغون، قائلين إن أي انسحاب للقوات سوف يفسر على أنه
تراجع من قبل الولايات المتحدة عن التزامها بالحفاظ على ما يسمى "النظام الدولي"
ولسوف يجرئ في نفس الوقت "أعداء" الغرب؛ من طالبان إلى تنظيم الدولة إلى
روسيا والصين.
في تحليل
تشريحي له في شهر أيلول/ سبتمبر، عبر رئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي عن رأي بات
شائعاً في واشنطن حيث قال: "أعتقد أن مصداقيتنا مع حلفائنا وشركائنا حول العالم،
وكذلك أمام خصومنا، غدت محل مراجعة كثيفة من قبلهم ليروا في أي اتجاه سيمضي ذلك، وأظن
أن إحدى الكلمات التي يمكن أن تستخدم هي الضرر."
في نفس الوقت،
قال مسؤول دفاع سابق في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش إن مصداقية الولايات المتحدة ما
بعد الانسحاب من أفغانستان وصلت إلى الحضيض.
لربما كانت
الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها استيعاب مثل هذا الفهم لمسألة "مصداقية"
الولايات المتحدة تكمن في تجاهل العقدين السابقين من الدور الكارثي الذي مارسته واشنطن
في أفغانستان. كانت تلك هي السنوات التي ساند خلالها الجيش الأمريكي حفنة من المختلسين
في كابول انهمكوا في السطو على المال العام بينما راحت الولايات المتحدة تشن حرباً
بالطائرات المسيرة أزهقت خلالها أرواح أعداد ضخمة من المدنيين الأفغان.
وفي سبيل
تعزيز "مصداقيتها" المتآكلة بعد سحبها للقوات، عمدت الولايات المتحدة إلى
فرض عقوبات ساحقة على أفغانستان، مفاقمة بذلك من شدة ما تعانيه حالياً من مجاعة. كما
وردت تقارير مفادها أن وكالة المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) تسعى للقيام بعمليات
سرية ضد حركة طالبان من خلال تقديم الدعم والمساعدة لخصومها.
رفات الحرب
الباردة
كما بدت
"مصداقية" واشنطن في خطر عندما التقى المسؤولون الأمريكان والروس في جنيف
هذا الأسبوع للتفاوض حول الأزمة الدبلوماسية، والتي قد تتطور إلى أزمة عسكرية، بشأن
الخلاف حول أوكرانيا.
وخلفية ذلك
هي مطالبات موسكو بأن تتوقف واشنطن عن ضرب طوق من القواعد العسكرية حول روسيا وأن ينهي
حلف شمال الأطلسي (الناتو) زحفه المستمر باتجاه الحدود الروسية. ينبغي أن يكون الناتو
رفاتاً من بقايا حقبة الحرب الباردة التي انتهت رسمياً بسقوط الاتحاد السوفياتي في
أواخر عام 1991. وكانت موسكو قد حلت نسختها هي من الناتو، ما كان يعرف بحلف وارسو،
قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود.
وكانت روسيا
قد حصلت على تعهدات لفظية في عام 1990 من قبل إدارة الرئيس جورج إتش دبليو بوش بأن
الناتو لن يسعى للتوسع فيما بعد في ما كان حينذاك حدود ألمانيا الغربية. وبعد سبع سنين
وقع الرئيس بيل كلينتون على القانون المؤسس للعلاقات المتبادلة ما بين الناتو وروسيا،
والذي يلزم روسيا والناتو بعدم التعامل مع بعضهما البعض كأعداء، بينما أعاد الناتو
التأكيد على أنه لن يكون هناك "نشر إضافي دائم لأعداد كبيرة من القوات المقاتلة"
في دول الكتلة الشرقية سابقاً.
ولكن ما من
إدارة أمريكية لاحقة إلا وانتهكت هذه التعهدات بشكل سافر، وها هي قوات الناتو الآن
تنتشر في كل أرجاء أوروبا الشرقية. ولعله من غير المستغرب أن تشعر موسكو بالتهديد بسبب
التموضع العدواني للناتو، وهو الأمر الذي يبعث من جديد مخاوف الحرب الباردة، تماماً
مثل أنه لن يكون مستغرباً أن تشعر واشنطن بالتهديد فيما لو أقامت روسيا قواعد عسكرية
لها في كوبا والمكسيك.
لا ينبغي
أن ينسى أحد بأن الولايات المتحدة كانت على استعداد لجر العالم إلى حافة حرب كفيلة
بدمار العالم كما حدث مع الاتحاد السوفياتي في
1962 لمنع موسكو من نشر صواريخ نووية في كوبا.
تحالف تاريخي
على الرغم
من الصخب الحالي بشأن الحاجة لأن تحافظ الولايات المتحدة على مصداقيتها، فكل ما طلب
من واشنطن في مباحثات جنيف هو أن تبدأ، وإن جاء ذلك متأخراً ثلاثين عاماً، بالوفاء
بالالتزامات التي تعهدت بها قبل زمن طويل وما فتئت تنتهكها مراراً وتكراراً.
نقطة الاشتعال
الأخيرة هي أوكرانيا، جارة روسيا، والتي ما لبثت تعكر صفاء الأجواء منذ انقلاب عام
2014 الذي أطاح بالرئيس المنتخب فيكتور يانوكوفتيش، حليف موسكو. منذ ذلك الحين والبلد
منقسم بين أولئك الذين يولون أهمية قصوى لعلاقاتهم التاريخية مع روسيا وأولئك الذين
يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تعتقد موسكو
–ومعها نسبة من الأوكرانيين– بأن واشنطن وأوروبا تستغلان الدفع باتجاه إبرام معاهدة
اقتصادية موجهة ضد روسيا يقصد منها ضمان خضوع أوكرانيا للسياسات الأمنية للناتو. وهذه
المخاوف ليست غير مبررة. فما من دولة من الدول السوفياتية السابقة التي أصبحت عضواً
في الاتحاد الأوروبي إلا وتم تجنيدها في الناتو. بل غدا ذلك متطلباً رسمياً منذ
2009 من خلال معاهدة لشبونة التي تشترط على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تكون
سياساتها الأمنية متوافقة مع الناتو.
والآن يظهر
أن "مصداقية" الولايات المتحدة باتت تعتمد على الإصرار على إيصال الناتو
إلى عتبة الباب الروسي من خلال أوكرانيا.
الغدر الأمريكي
في تقريرها
عن عشاء العمل مع الدبلوماسيين الروس الأحد الماضي، قبل انعقاد اللقاء في جنيف، عبرت
وندي شيرمان، نائب وزير الخارجية الأمريكي، عن ذلك الغدر بالقول إن الولايات المتحدة
تؤكد على التزامها تجاه "حرية الدول ذات السيادة باختيار ما يناسبها من تحالفات."
في تلك الأثناء
يتم تصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نطاق واسع كما لو كان هو المعتدي، وذلك
بعد أن نشر عشرات الآلاف من الجنود على الحدود مع أوكرانيا.
يمكن للمرء
أن يجادل فيما إذا كان هؤلاء الجنود قد حشدوا لغزو أوكرانيا، كما هو مفترض على نطاق
واسع في وسائل الإعلام الغربية، أو ما إذا كان ذلك مجرد استعراض للقوة في مواجهة الناتو
بقيادة الولايات المتحدة، والذي يعتقد بأن بإمكانه أن يفعل ما يحلو له داخل الحديقة
الخلفية لروسيا. أياً كان الأمر، فإن أي حسبة خاطئة من أي من الجانبين يمكن أن تكون
عواقبها كارثية.
وحسب ما ورد
في صحيفة "ذي نيويورك تايمز"، فقد حذر الجنرال ميلي الروس من أن القوة الغازية
ستواجه حرب عصيان طويلة المدى مسنودة بالتسليح الأمريكي. وثمة تقارير بأن صواريخ مضادة
للطائرات من نوع ستينغر قد تم تسليمها بالفعل لأوكرانيا.
وفي موقف
مشابه، هدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين من أن "روسيا ستدخل في مواجهة
عواقبها وخيمة إذا ما كررت العدوان على أوكرانيا."
قرع طبول
الحرب
هذه الرعونة
في الحديث عن "المصداقية" –وبالتالي جعل المواجهة والحرب أمراً محتملاً لا
مستبعداً– يجري حالياً في استعراض آخر يخص قوة أخرى مسلحة نووية، ألا وهي الصين.
فعلى مدى
شهور عديدة لم تكف إدارة بايدن عن ممارسة ما يبدو أنه لعبة الدجاج مع بكين بخصوص تأكيد
الصين المستمر على حقها في استخدام القوة ضد تايوان، تلك الجزيرة المحكومة ذاتياً أمام
الساحل الصيني، والتي تدعي بكين أنها جزء من أراضيها.
يعترف عدد
قليل من البلدان بتايوان كدولة مستقلة، ولا يوجد في
العلاقات ما بين تايبيه والصين
ما يمكن أن يوصف بالاستقرار. ويدخل ضمن ذلك الخلافات الساخنة حول اقتسام المجال الجوي
مع تايوان –المدعومة من قبل الولايات المتحدة– حيث تزعم تايوان بأن قطعة كبيرة من الجزء
الجنوبي الشرقي للأراضي الصينية يقع ضمن "النطاق الدفاعي" التابع لها.
وهذا يعني
أن العناوين الرئيسية المرعبة التي تزعم أن أعداداً ضخمة من الطائرات الصينية المقاتلة
تحلق فوق تايوان تحتاج لأن تعامل بدرجة عالية من الريبة.
ونفس الخلاف
ينطبق على النزاع بين الصين وتايوان حول المياه الإقليمية ومزاعم كل طرف بشأنها، وما
ينجم عن ذلك من استفزازات.
بالمجمل،
تشكل الرؤى المتقابلة للطرفين حول ما يعتبرانه أمنهما وسيادتهما شعرة الزناد الكفيلة
بإشعال نيران الحرب، في ظروف يملك أحد الطرفين فيها ترسانة ضخمة من السلاح النووي.
ومع ذلك راحت
إدارة بايدن تؤجج هذا النزاع الذي ما لبث يغلي على نار هادئة من خلال تغذية وسائل الإعلام
بعناوين مرعبة وتزويد المحللين الأمنيين بأفكار للحديث حول احتمال نشوب حرب بين الولايات
المتحدة والصين بسبب تايوان. كما عمد كبار المسؤولين في البنتاغون إلى إذكاء المخاوف
من احتمال غزو صيني وشيك لتايوان.
على المستوى
الدبلوماسي، وجه الرئيس بايدن إهانة لبكين من خلال دعوة تايوان لحضور ما يسمى بقمة
الديمقراطية التي نظمها الشهر الماضي. إضافة إلى ذلك أثار المؤتمر سخط الصين لعرضه
خارطة للمنطقة أظهرت تايوان والصين بألوان منفصلة.
كما أعلنت
(سي آي إيه) عن تأسيس مركز تجسس جديد يركز اهتمامه حصرياً على الصين. وطبقاً لما يقوله
مدير (سي آي إيه) وليام بيرنز كان ذلك عملاً ضرورياً بالنظر إلى أن الولايات المتحدة
تواجه "حكومة صينية تتخذ وبشكل متزايد مواقف معادية". إلا أن تلك المواقف
المعادية لا تشكل تهديداً مباشراً لأمن الولايات المتحدة، إلا إذا اختارت واشنطن بشكل
مستفز وضع تايوان تحت مظلتها الأمنية.
لا يكاد يتوقف
قرع طبول الحرب من قبل واشنطن لدرجة أن استطلاعاً أخيراً للرأي أظهر أن أكثر من نصف
الأمريكيين يؤيدون إرسال قوات أمريكية للدفاع عن تايوان.
موقف نووي
متشدد
ونفس الصورة
نراها في التعامل مع إيران، حيث يشار إلى مصداقية الولايات المتحدة باعتبارها السبب
في حاجة واشنطن لأن تتبنى موقفاً متشدداً ضد طهران، بتأثير، كما هي العادة دوماً، من
قبل تل أبيب، تذرعاً بما يشار إلى طموحات إيران في بناء قنبلة نووية.
لدى تل
أبيب بالطبع، ومنذ عقود، ترسانتها الضخمة من الأسلحة النووية، وهي ترسانة لا تخضع لأي
رصد أو رقابة على الرغم من أنها تنتهك بشكل سافر معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
كل من واشنطن وتل أبيب تخشيان من أن تسعى إيران إلى تسوية أرض الملعب النووي في الشرق
الأوسط. ولذلك تعقد تل أبيب العزم على ضمان أن تظل القوة الوحيدة في المنطقة القادرة
على توجيه تهديدات مسنودة بالسلاح النووي، سواء ضد آخرين في نفس المنطقة أو كوسيلة
للضغط على واشنطن سعياً للحصول على ما تريد.
كانت إدارة
الرئيس باراك أوباما قد وقعت اتفاقاً مع إيران في عام 2015 يفرض قيوداً صارمة تحد من
قدرة طهران على تطوير التكنولوجيا النووية، ومقابل ذلك بادرت واشنطن إلى رفع بعض أشد
العقوبات إيلاماً مما كان مفروضاً على البلد. إلا أن الرئيس ترامب لم يلبث بعد ثلاث
سنين أن نكث الاتفاق.
والآن تعاني
إيران من أسوأ ما في العالمين، فقد عادت الولايات المتحدة من جديد وشددت نظام العقوبات
مطالبة طهران في نفس الوقت بتجديد الصفقة بشروط أسوأ، وبدون تعهد، كما صرح بذلك وزير
الخارجية الأمريكي بلينكن، بأن الإدارة الأمريكية القادمة لن تقدم على تمزيق الاتفاق
على كل حال.
لا يبدو أن
"مصداقية" الولايات المتحدة تتوقف على وفاء واشنطن بعهودها.
وكما جرت
العادة، هناك في الخلفية يقبع التهديد بشن هجمات عسكرية مشتركة من قبل إسرائيل والولايات
المتحدة. يقال إن بايدن طلب في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من مستشاره للأمن القومي مراجعة
خطط البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) لشن ضربات عسكرية فيما لو فشلت هذه "العملية
الدبلوماسية" التي تجري من طرف واحد. وفي الشهر التالي، أقرت تل أبيب بتخصيص
1.5 مليار دولار تحسباً لحدوث ذلك.
ثمالة بسبب
القوة
في واقع الأمر،
تأكيد واشنطن على مصداقيتها ما هو سوى حكاية ترويها النخبة في الولايات المتحدة لنفسها
وللجمهور الغربي من أجل التعمية على الحقيقة، وذلك أن هذه النخبة لا يهمها سوى احتفاظ
الولايات المتحدة بالقدرة على فرض مصالحها الاقتصادية وتفوقها العسكري دونما تحد من أي جهة كانت في كل أرجاء المعمورة.
بعد الحروب
في كوريا وفيتنام، وبعد إطاحة الولايات المتحدة بالحكومة المنتخبة في إيران وإعادة
تنصيب الملك الدكتاتور المفضل لديها، لم تبق زاوية من زوايا الكوكب إلا وعبثت بها الولايات
المتحدة. في لبنان وفي يوغسلافيا السابقة وفي العراق وليبيا وسوريا، وفيما يسمى حديقتها
الخلفية، أي أمريكا اللاتينية، تطلبت المصداقية الأمريكية القيام بالتدخلات وشن الحروب
بديلاً عن الدبلوماسية.
في شهر تشرين
الأول/ أكتوبر من عام 2019، حينما صرح ترامب بأن الولايات المتحدة سوف تسحب قواتها
من سوريا –حيث تتواجد هناك بدون تفويض من الأمم المتحدة– لاحظ ليون بانيتا، وزير الدفاع
الأسبق والمدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية، بأن هذا القرار "أضعف الولايات
المتحدة" وكذلك "نال من مصداقيتها في العالم."
وأضاف:
"لا يوجد حليف لنا حول العالم إلا وفقد الثقة بنا الآن وبات يساوره القلق عما
إذا كنا سنحافظ على كلمتنا أم لا."
ولكن هذا
النوع من المصداقية لا يقوم على المبدأ، ولا على احترام السيادة الوطنية للآخرين، ولا
على بناء السلام، وإنما على ممارسة عمل العصابات الإجرامية من قبل قوة عظمى ثملت بما
تتمتع به من قوة ومن قدرة على ترهيب وسحق خصومها.
تحافظ واشنطن
على كلمتها بشكل انتقائي فقط، كما بات جلياً من معاملتها لكل من روسيا وإيران، وكان
لإنفاذ مصداقيتها –من النكث بالعهود إلى التهديد بالحرب– أثر متوقع، ألا وهو الدفع
بأعداء أمريكا نحو معسكر معارض واحد بحكم الضرورة.
لقد أوجدت
الولايات المتحدة لنفسها عدواً أشد خطورة، بينما وجدت كل من روسيا والصين، وكلاهما
قوتان نوويتان، غاية مشتركة في الوقوف بحزم في وجه واشنطن، ولا أدل على ذلك من أن الطرفين
قاما منذ الصيف بإجراء ألعاب حربية ومناورات عسكرية مشتركة، وذلك للمرة الأولى على
الإطلاق.
يدخل العالم على ما يبدو أنها حرب باردة جديدة، أشد تعقيداً، يمكن لأي سوء فهم أو حادثة أو تحرك خاطئ
فيها أن يتطور سريعاً إلى مواجهة نووية. فيما لو حصل ذلك فسيكون تعقب "مصداقية"
الولايات المتحدة قد لعب دوراً مركزياً فيما سيحل به من نكبة.