صحافة دولية

كاتب فلسطيني: لهذا تسرع إسرائيل من خطتها التوسعية بالنقب

النقب الفلسطيني مخزون ثوري قابل للانفجار بوجه الاحتلال- عربي21
النقب الفلسطيني مخزون ثوري قابل للانفجار بوجه الاحتلال- عربي21

تناول الكاتب والناشط الفلسطيني أمير مخول، في مقال له نشره في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني الخطط الإسرائيلية المتسارعة للتوسع الاستيطاني في منطقة النقب.

 

وأوضح في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن منطقة النقب "اكتسبت أهمية استراتيجية جديدة ضمن اهتمامات المخططات الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية، وخاصة تلك التي تتعلق بالتجارة الدولية والعلاقات الإقليمية".
 
وأمير مخول، ناشط وكاتب فلسطيني بارز في مناطق 1948 والمدير السابق لمنظمة فلسطينية غير حكومية داخل إسرائيل اسمها الاتجاه. اعتقلته إسرائيل عشر سنين".

 

وتاليا النص الكامل للمقال كما ترجمته "عربي21":
 
قبل أسابيع وقف رئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت على رأس تل في النقب لينظر إلى بلدة رهط البدوية الفلسطينية ويعلن من هناك أن دولة إسرائيل سوف تتحول إلى استراتيجية الهجوم. والهجوم في الاصطلاح الفلسطيني يعني تجدد العدوان على ما تبقى من الوجود العربي في هذا الجزء من فلسطين.
 
اكتسبت المنطقة أهمية استراتيجية جديدة ضمن اهتمامات المخططات الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية للمنطقة، وخاصة تلك التي تتعلق بالتجارة الدولية والعلاقات الإقليمية مع الإمارات العربية المتحدة وولي العهد السعودي الحالي الذي قطع عدداً من الوعود لإسرائيل والتي ينوي الوفاء بها بمجرد أن يخلف والده.
 
حاولت إسرائيل على مدى السنين اقتلاع الناس وطردهم من النقب من خلال هدم البيوت وتدمير محاصيل القمح باستخدام المبيدات الكيماوية التي ترش بالطائرات. كما أنها دمرت المنتجات الزراعية من خلال التجريف السنوي للحقول ومن خلال مصادرة الماشية وقطعان الأغنام من البدو.
 
وعملت بالإضافة إلى ذلك على إضعاف وتفتيت المجتمع من خلال السماح بانتشار الجريمة وبيع الأسلحة، ما أرهق سكان المنطقة وحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق، رجاء أن يمهد ذلك الطريق لتنفيذ خططها التوسعية.
 
وعملت إسرائيل كذلك على كسب دعم المجموعات العربية المؤيدة لبنيامين نتنياهو – الذي اشتهر بين الناخبين العرب بلقب "أبو يائير" – فيما يعتبر استمراراً للنهج الذي سلكته إسرائيل ضمن سياستها الاستعمارية الأشمل تاريخياً لاستمالة قطاعات من العرب، وهو النهج الذي مارسه بادئ ذي بدء حزب ماباي (الذي اندمج فيما بعد في حزب العمل).

 

اقرأ أيضا: النقب الفلسطيني.. مخزون ثوري قابل للانفجار بوجه الاحتلال
 
إلا أن بينيت، نصير الاستعمار الاستيطاني الأكثر عنفاً، والذي يعتقد بأن المستوطنين هم "رواد الصهيونية في هذا الزمن"، وكان من قبل يشغل منصب رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، بدأ هجومه الأخير ضد النقب انطلاقاً من قمة ذلك التل. وكان ذلك لأن الاستيطان، بالنسبة له وبالنسبة لتاريخ الصهيونية، يبدأ من رؤوس التلال، وكلما أخفقوا في عمل ذلك فإنهم يلجأون إلى تبني استراتيجية "البرج والحظيرة" والتي يتم من خلالها إقامة مخيم عسكري بالقرب من الأراضي العربية كمقدمة لمصادرتها بحجة الدفاع عن أنفسهم ضد أي هجمات قد يشنها أصحاب الأراضي الشرعيين.
 
إعلان الولاءات


لقد أتى بينيت متسلحاً بائتلافه المشكل من القائمة العربية الموحدة وحزب ميريتز اليهودي العربي اليساري، والذين أعلنوا عن ولاءاتهم له ولحكومته. ولكن هذه الأحزاب لن تنقذها التعويذة السياسية المعهودة التي كثيراً ما يرددونها – من أن "الوجود ضمن الائتلاف أصعب ألف مرة من الوجود داخل المعارضة" ومن أن "مسؤوليتنا تجاه مجتمعنا تجعل {العضوية في الائتلاف} أمراً واجباً"، كما لو أن الانضمام إلى الائتلاف الإسرائيلي الحاكم على حساب المبادئ الوطنية كان تضحية مقبولة كثمن للنفوذ الذي سيتحقق لهم داخل الدولة.
 
على الرغم من كونهم شركاء في الائتلاف إلا أن السياسيين العرب لم ولن يكونوا شركاء في ممارسة الحكم – وهو الأمر الذي ينبغي أن يكون مرفوضاً انطلاقاً من المبدأ الوطني.
 
حاولت الحكومة الظهور كما لو أنها لا تتحمل بشكل مباشر الأوامر الصادرة عن رئيس وزرائها، موكلة تلك المهمة بديلاً عن ذلك إلى واحدة من أهم أدوات الاستعمار الصهيوني في فلسطين: الصندوق القومي اليهودي.
 
بمباركة من الحاخامات تم إعفاء الصندوق القومي اليهودي من الالتزام بسنة شميتا، أي السنة السابعة في دورة من سبع سنين يحظر فيها القانون اليهودي أي نوع من النشاط الزراعي في الأرض المقدسة. ولما كان قد أعفي من الالتزام بذلك الواجب، يجد الصندوق القومي اليهودي نفسه مطلق اليدين ليمارس بحرية نشاطاته في النقب تحت مبرر أن غرس عشرات الملايين من الأشجار في المنطقة بات ضرورة ملحة جداً وأنه يصب في مصلحة الشعب اليهودي.
 
أما بالنسبة للدولة فواجبها هو حماية المناطقة المغروسة حديثاً بالأشجار بينما تقوم بتجريف خمسة وخمسين ألف دونم من الأراضي الفلسطينية العربية وبناء التلال الصناعية والسدود وإقامة السياجات لحظر دخول المالكين الأصليين. ثم يأتي دور القانون عندما تصبح تلك الأراضي محمية بموجب مراسيم خاصة بالغابات والأراضي الزراعية.
 
الجزء الجوهري من الصهيونية


لا جديد في أي من ذلك بالطبع، لأن ذلك جزء جوهري من الصهيونية، كما تجسد في الجريمة الكبرى، ألا وهي نكبة 1948، والتي تشكل جزءاً من الروح المؤسسة ومن النظام العسكري الذي تبع ذلك حتى 1966. خلال تلك الفترة، استخدمت الدولة نظام "المناطق العسكرية المغلقة" لمنع الناس من العودة إلى أراضيهم وقراهم وبيوتهم وممتلكاتهم إلى أن تحولوا إلى لاجئين دائمين سواء في الشتات أم في فلسطين نفسها.
 
ويجدر التذكير بأن إسرائيل التي كانت قد استغلت "ضباب الحرب" للقيام بنهب الأرض والتطهير العرقي وارتكاب المذابح، استخدمت أيضاً العديد من اتفاقيات "السلام" التي أبرمتها مع الدول العربية حتى تستمر في مصادرة وسرقة المزيد من الأرض. فقد صادرت إسرائيل أثناء اتفاقيات كامب دافيد مع مصر في 1978 ملايين الدونمات من الأراضي العربية في النقب، وها هي اليوم تقوم بتنفيذ مشاريع بالشراكة مع الإمارات لنقل الغاز الطبيعي عبر النقب إلى أوروبا.
 
ناهيك عن التطهير العرقي وعمليات الطرد التي تجري في البلدات العربية الفلسطينية في الجليل وفي النقب، وكلاهما يحتويان على أكثر الأراضي الزراعية خصوبة.
 
سياسة الدولة العميقة


ما من شك في أن العدوان الحالي على الأراضي العربية في النقب وما يرافق ذلك من إجراءات قمعية يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وذلك لكونه إرهاباً وتطهيراً عرقياً يتم بأمر من الدولة وبإشرافها. هكذا ينبغي أن يعرض الوضع أمام هيئة تحقيق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي يحقق في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وكذلك أمام جميع المنتديات الدولية المعنية.

لن يتم ردع عدوان الحكومة من خلال التغيب عن جلسات الكنيست، وإنما من خلال التعطيل والإلغاء – فالتغيب وحده لا أسنان له.
 
في نفس الوقت، فإنه لا ينبغي أن تخدع الأحزاب العربية فتعتقد بأن ما يجري على الأرض إنما هو ثمرة سياسة حكومة واحدة. بل إنها سياسة الدولة العميقة المسنودة بتاريخ استعماري عدواني يمتد من بن غوريون إلى بينيت.
 
إن الوسيلة الوحيدة لردع هذه السياسة هو النضال الشعبي والصموت العربي الفلسطيني في النقب وما بعد النقب. يشكل النقب اليوم ميدان المعركة، والنقب لا يخص فقط سكانه الحاليين بل يخصنا جميعاً. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن الجليل وعن الساحل وعن المثلث (حيث تتواجد البلدات والقرى التي يقطنها عرب إسرائيل بمحاذاة الخط الأخضر) بل وعن كل فلسطين.
 
أكثر ما يثلج الصدر هو رؤية الوجود القوي لأبناء الجيل الجديد في النقب وهم يحملون راية النضال ويحققون الوعد الاستمرار في ذلك. ذلك هو الشيء الذي سوف يردع المشروع الاستعماري إلى جانب نضالنا من أجل الحرية والكرامة الوطنية.

التعليقات (0)