سياسة تركية

كيف يؤثر تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا على تركيا؟

عرضت تركيا الوساطة بين روسيا وأوكرانيا- جيتي
عرضت تركيا الوساطة بين روسيا وأوكرانيا- جيتي

تسعى تركيا لمنع تصعيد التوتر بين أوكرانيا وروسيا، ما يؤثر على توازنها في العلاقة بين دولتين حليفتين بالنسبة لها.

 

مجلس الأمن القومي التركي في اجتماعه مساء الخميس، أكد أن التصعيد بين روسيا وأوكرانيا لن يكون من مصلحة أحد.

 

وعرضت تركيا الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، ودعت زعيمي البلدين لعقد لقاء في أنقرة للحد من التوتر الذي قد يؤثر على الساحة الدولية بشكل عام وسط تهديد أمريكي أوروبي بفرض عقوبات على روسيا إذا شنت هجوما عسكريا على أوكرانيا.

 

وتمنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألا تقدم موسكو على عمل عسكري ضد أوكرانيا، قائلا: "لا يمكن أن تكون عقلانية بالنسبة لروسيا والمنطقة".

 

وحول موقف تركيا في حال شنت موسكو هجوما ضد كييف، ذكر أردوغان أن بلاده دعمت منذ البداية سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، مضيفا أن بلاده اتخذت موقفا واضحا ضد الخطوات الروسية التي تنال من وحدة الأراضي الأوكرانية لا سيما ضمها شبه جزيرة القرم، مؤكدا التزام بلاده بهذا الموقف.

 

ويعتزم أردوغان إجراء زيارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف بداية شباط/ فبراير المقبل، فيما وجه دعوة للرئيس فلاديمير بوتين لزيارة تركيا.

 

اقرأ أيضا: ما أهداف تركيا من الوقوف إلى جانب أوكرانيا؟
 

أوكرانيا لا تريد أن تفقد ثقة تركيا

 

وحول الموقف التركي من الأزمة الأوكرانية الروسية، أوضح الخبير في الشؤون العسكرية عبد الله أغار، أن تركيا لديها علاقات طورتها مع أوكرانيا وروسيا، لافتا إلى أن أنقرة ترفض منطق احتلال روسيا للمناطق في أوكرانيا مثل شبه جزيرة القرم.

وأضاف أغار في حديث لـ"عربي21"، أن تركيا تسعى لحل المسألة عن طريق المفاوضات والتوسط بهذا الشأن، ولكن هذا الأمر ليس سهلا. 

وترى أنقرة بحسب الخبير التركي أن روسيا تملك القوة ولكنها ليست على حق ومخطئة في احتلالها لشبه جزيرة القرم وضمها، أو محاولة احتلال أراض في أوكرانيا عبر الوكلاء.

وتابع بأن تركيا تتمتع بعلاقات قوية للغاية مع أوكرانيا، خاصة فيما يتعلق بإنتاج محركات الطائرات المسيرة، كما أن أوكرانيا تعد الدولة الثانية التي يتم فيها تصنيع الطائرات المسيرة، وهناك روابط قوية بين البلدين.

ونوه إلى أن العلاقات بين البلدين تعود إلى فترة طويلة، أي ما قبل الأزمة مع روسيا، بمعنى أنها لم تتطور في ظل الصراع الأوكراني الروسي، وهناك ثقة متبادلة بين كييف وأنقرة التي تسعى جاهدة للحفاظ على ذلك، مشددا على أن الأهم هو أن أوكرانيا لا تريد أن تفقد ثقة تركيا، والعكس صحيح مهما حدث.

 

تركيا لا تريد التخلي عن كلا البلدين.. لماذا؟

 

عضو الهيئة التدريسية في جامعة قادر هاس، مصطفى آيدن، ذكر في حوار مع موقع "خبر ترك"، أن تصاعد التوتر بين أوكرانيا وروسيا صعب للغاية، لا سيما أنها تتمتع بعلاقة جيدة مع البلدين.

 

وتابع بأن تركيا لا تريد التخلي عن كلا البلدين، وأي تخل عن إحداهما فسيكون لذلك ثمن باهظ.

 

وأوضح أن تخلي تركيا عن روسيا، سينعكس على السياسة الخارجية التركية بأكملها والتي حافظت على نهجها طوال السنوات العشر الماضية، وأنقرة لا ترغب بالقيام بذلك.

 

واستدرك أن التخلي عن كييف يعني أيضا أن جزءا كبيرا من مشاريع الصناعات الدفاعية قد تتوقف لأن أوكرانيا لديها مكانة هامة بهذا الاتجاه، لا سيما على صعيد إنتاج محركات الطائرات المسيرة التركية.

 

وأوضح أن تركيا لم تتمكن من الحصول على محركات الطائرات المسيرة من حلفائها، واتجهت لأوركرانيا البديل المهم، ولذلك لا يبدو أنها قادرة على التخلي عن أوكرانيا.

 

اقرأ أيضا: خبير تركي يستبعد احتلال روسيا لأوكرانيا.. ما دور "المسيرات"؟
 

بدوره قال مدير الأبحاث الاقتصادية والسياسة الخارجية "EDAM" سنان أولقين، إن تركيا جزء من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والذي يعد موقفه واضحا تجاه أوكرانيا.

 

وأوضح أن الموقف التركي لا يختلف عن "الناتو"، فهي لا تعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم وتؤكد على وحدة الأراضي الأوكرانية، وهو ذات الموقف الذي تتبناه الدول الأوروبية، لكنها في الوقت ذاته لم تلتزم بعقوبات فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية ضد روسيا.

 

وأضاف أن لدى أنقرة تعاونا مشتركا مع موسكو في مناطق عدة لا سيما بسوريا، وكذلك في قره باغ، موضحا أنها تبحث عن استقرار مع روسيا، لذلك فإن العلاقات بين البلدين متعددة المستويات ولها أبعاد كثيرة.

 

ونوه إلى أن تركيا في ذات الوقت تعمل على تعميق التعاون العسكري مع أوكرانيا، لا سيما على صعيد بيع الطائرات المسيرة، وإنتاجها بشكل مشترك، مشددا على أن كييف أصبحت أحد العملاء المهمين لصناعات الدفاع التركية.

 

ما خسائر تركيا من حرب محتملة بين أوكرانيا وروسيا؟

 

الأكاديمي التركي صالح يلماز، رأى في حوار مع صحيفة "سوزجو"، أنه على جبهة أنقرة قد تتسبب الحرب المحتملة بخسائر كبيرة، موضحا أنه إذا اندلعت حرب في منطقة البحر الأسود، فسيكون من الصعب على السياح الروس والأوكران القدوم إلى تركيا في الصيف.

 

وأشار إلى أن تركيا تلبي معظم احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، وبما أن الحرب المحتملة قد تؤثر على هذه الواردات.

 

ونوه إلى أن تعرض خطوط أنابيب "ترك ستريم" و"بلو ستريم" التي تعتبر مصدر دخل مهم لروسيا في البحر الأسود لهجوم قد يخلق أزمة غاز في تركيا.

 

وتابع بأن دعوة الرئيس أردوغان، لنظيريه الروسي والأوكراني إلى تركيا، تشير في الواقع إلى أنها ستبقى محايدة تجاه الأزمة من خلال تقديم الوساطة.

 

ونوه إلى أن تركيا لا تعترف ولا تطبق العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا، وبهذا الإطار يمكن القول إن هناك تفاهما وتعاونا بين البلدين.

 

اقرأ أيضا: روسيا منزعجة من طائرات "بيرقدار" التركية في أوكرانيا

وعلى الرغم من أن تركيا لا تطبق العقوبات الروسية، إلا أن العقوبات التي سيتم فرضها، خاصة في النظام المصرفي، ستؤثر سلبا على المشاريع الروسية في تركيا، وقد يتأخر مشروع محطة "أكويو" النووية، كما يذكر الخبير التركي الذي أشار إلى أن عدم تداول الدولار قد يضطر روسيا إلى إبطاء مشاريعها في تركيا.

 

وأشار إلى أن تصاعد الحرب في منطقة البحر الأسود، سيؤدي إلى صعوبة في استخدام الطرق التجارية، مما سيؤثر على الأسعار في تركيا.

 

واستبعد الخبير التركي حصول أزمة بين موسكو وأنقرة، لكن تركيا هي الدولة الأكثر تضررا على الصعيد الاقتصادي من الحرب، لافتا إلى أن العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة قد تشكل عقبة أمام تعويض الخسائر الاقتصادية.

التعليقات (1)
نعيم عيدان ياسين
الجمعة، 25-03-2022 05:49 م
تركيا يهمها بالدرجة الأولى مصالحها على الرغم انها في حلف الناتو ولابد لها ان تطبق قوانين الحلف المهم ان تركيا هي الخاسر الاكبر من هذه الحرب