هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "التايمز" إن الحكومة
الأمريكية عبرت عن قلقها من المال الروسي "القذر" في لندن والذي سيعقد
من مهمة الولايات المتحدة فرض عقوبات ضد موسكو، حالة قرر الرئيس فلاديمير بوتين
غزو أوكرانيا.
وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته
"عربي21" إن المسؤولين الأمريكيين عبروا عن مخاوفهم من تعقيدات فرض
العقوبات نظرا لتسامح بريطانيا مع المال المشبوه الذي تدفق على لندن عبر السنين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية قولها إن
مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية عبروا عن "غضبهم وإحباطهم" من فشل
الحكومة البريطانية بالتحرك ضد المال الروسي وبخاصة في "لندن غراد".
وأشار المصدر: "هناك خوف من رسوخ المال الروسي في لندن بدرجة لم تعد هناك فرصة
لاستخدامه كورقة ضغط ضد بوتين".
وقال المصدر في واشنطن: "يتحدث بايدن عن
فرض عقوبات على بوتين ولكنها ستكون رمزية، فبوتين لا يحتفظ بماله في الخارج. وكله
باسم جماعات المصالح ومعظمه في نايتسبرغ وبلغريفيا وتحت سمع ونظر حكومتكم".
وتضيف الصحيفة أن الخلاف حصل وسط زيادة التوتر
بشأن الأزمة في أوكرانيا وإمكانية غزو روسي لها. وقال مصدر استخباراتي غربي إن
روسيا بعيدة أسبوعين فقط عن إكمال حشد القوة الكافية للسيطرة على أوكرانيا. وطلب
المركز الوطني البريطاني للأمن الإلكتروني من المنظمات البريطانية تقوية دفاعاتها
خشية إطلاق الروس العنان "لهجمات إلكترونية كبيرة".
وحشدت روسيا 100 ألف جندي قرب الحدود مع
أوكرانيا، في وقت شدد فيه بايدن اللهجة وأكد أن الغزو يعني إلغاء خط الغاز
"نورد ستريم". وأضافت الصحيفة أنه من الصعب تتبع وتحديد حجم المال
الروسي الذي استثمره الأوليغارش الروس في لندن.
ففي عام 2016 قدرت الحكومة حجم المال الفاسد
الذي يتدفق على بريطانيا بحوالي 100 مليار جنيه إسترليني في العام. وفي عام 2020، قالت
لجنة البرلمان للأمن والاستخبارات إن الأوليغارش الروس انجذبوا للندن بسبب "التنظيمات
الخفيفة والمحدودة وما يمنحه رأس المال في لندن وسوق العقارات لهم من فرص للاستثمار".
وقالت منظمة الشفافية العالمية إن هناك عقارات
بيعت في لندن بمال روسي مشبوه قيمته مليار جنيه إسترليني. واتهم النائب المحافظ
جون بينروز، مسؤول مكافحة الفساد حكومة بوريس جونسون بتأخير قانون الجريمة
الاقتصادية والذي سيكشف عن استخدام أصحاب المصالح الشركات الوهمية لشراء عقارات في
بريطانيا. واقترح مركز التقدم الأمريكي القريب من إدارة بايدن جهدا مشتركا على
جانبي الأطلنطي "لتحفيز تحرك قوي من حكومة بريطانيا".
وجاء في تقرير للمركز أعده مسؤول من فترة باراك
أوباما استخدم فيه "لندن غراد" أن التخلص من الأليغارش المرتبطين
بالكرملين سيكون تحديا نظرا للعلاقة القوية بين المال الروسي والحزب المحافظ الحاكم
والإعلام والعقارات والصناعة المالية. ويعتقد أن حزب المحافظين تلقى مليوني
جنيه إسترليني من متبرعين على علاقات مع روسيا ومنذ تولي جونسون رئاسة الحزب عام
2019.
وحثت لجنة الأمن والاستخبارات في البرلمان
الحكومة لإغلاق ما أسمتها "مغسلة لندن". وقال النائب المحافظ توم
توغينات والذي يترأس اللجنة: "حماية بريطانيا تعني حمايتنا من الفساد الخارجي،
ونحن لسنا بحاجة للولايات المتحدة كي تطلب منا".
ويعزو البعض تأخير قانون الجريمة الاقتصادية
لجاكوب ريز- موغ، زعيم المجلس والذي يرفض تخصيص وقت برلماني لها أو لـ 10 داونينغ
ستريت الذي تخلى عن كل شيء لا يساعد جونسون لمواجهة مشاكل القيادة التي يعاني منها
بسبب الفضائح التي تلاحقه.
وقال مسؤولون في الحكومة إن القانون ليس جاهزا
ولم تصدر وعود بأنه سيمرر هذا العام. ولطالما حذر الناشطون من أنه بدون إغلاق
صنبور المال الروسي القذر الذي يغرق لندن فمن الصعب بعد ذلك السيطرة عليه. وقال
بيل برودر، الممول الأمريكي المولد والمقيم في بريطانيا: "لندن هي عاصمة غسل
الأموال في العالم، ولا يزال الوضع سيئا كما كان رغم تعهدات الحكومة المتعاقبة
بوقفه".
ويعتبر برودر من الناشطين ضد المال الروسي
القذر منذ مقتل محاميه سيرغي ماغنتسكي، قبل عقد.
وأضاف: "السبب باستمرارها كملجأ هو عدم
وجود قواعد أو فرض النظام" و"قوات حفظ النظام البريطانية هي
أضحوكة". وتم الترحيب بالمال الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في
التسعينات من القرن الماضي وعلى اعتقاد أن موسكو أصبحت تؤمن بالرأسمالية الليبرالية
الغربية.
ورفعت الحكومة البريطانية علامة النصر فوق
نيويورك عندما قرر رجال الأعمال الروس اختيار السوق المالي في لندن لعرض شركاتهم.
وهي شركات ملك للشعب الروسي تم تخصيصها وتجريدها من أرصدتها على قاعدة واسعة وبدون
ملاحظة أحد.
وقال توم كيتنغ من مركز دراسات الجريمة المالية
والأمن في المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "فرشنا السجادة للمال" و"لم يكن أمرا شعرنا بالقلق حوله، ولم نره خطرا أمنيا"، كما قال للنواب
عام 2017.
وعندما أصدرت لجنة الأمن والاستخبارات تقريرها
عام 2020 أكدت ما حذر منه الناشطون ولعدة سنوات "مكن الروس الذين يدينون
بثرواتهم للعلاقة مع الكرملين وبوتين بالتحديد، أنفسهم في لندن وبطريقة لا رجعة
فيها واستخدموا المال المسروق من الدولة".