هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتح نشر منظمة العفو الدولية "أمنستي" لتقريرها عن الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، الباب أمام التساؤلات حول إمكانية محاكمة قادة الاحتلال على ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية.
ورحبت فصائل فلسطينية بتقرير "أمنستي"؛ الذي جاء بعنوان "نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين".
واتهم التقرير الاحتلال بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والأبرتهايد في المناطق الفلسطينية وفي الداخل المحتل ضد الفلسطينيين، ممن يحملون "الهوية الإسرائيلية".
مسارات عمل السلطة
وحول أهمية ما جاء في تقرير "أمنستي" للعمل في صالح وقف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وخاصة جريمة الفصل والتمييز العنصري، قال السفير أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: "نحن نسير في هذا الطريق قبل تقرير "أمنستي" بفترة طويلة، ولدينا قناعة مطلقة بأن ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني بمناطق عام 1948، نظام فصل عنصري بغيض".
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "الشعب الفلسطيني وأجياله المتعاقبة نتيجة هذا الأبرتهايد، يدفع أثمانا كبيرة نتيجة هذا النظام، وهذا الأمر كان محركا أساسيا لعملنا السياسي والدبلوماسي وعلى مسار القانون الدولي، بما في ذلك متابعتنا وعملنا مع الجنائية الدولية".
اقرأ أيضا: "أمنستي" تتعهد بمواصلة فضح الفصل العنصري الإسرائيلي
وأفاد الديك، بأنه "يتم العمل في أكثر من مسار من أجل الوصول إلى مساءلة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين تورطوا في جرائم بحق الشعب الفلسطيني ومن يقف خلفهم"، مضيفا أن "هناك مسار الجنائية الدولية؛ وهو مسار قائم ويتفاعل، ومطلوب من الجنائية الدولية أن تسارع في فتح تحقيقاتها في الملفات التي أحالتها دولة فلسطين لها".
ونوه إلى أن هناك "مسارا أثاره تقرير "أمنستي"، ومطلوب من مجلس الأمن الدولي أن يتخذ عقوبات ضد دولة الاحتلال، من أجل الضغط عليها لتفكيك نظام الأبرتهايد ومنظومتها الاستعمارية الاستيطانية التوسعية في أرض فلسطين".
وأما المسار الثالث، فهو "يتعلق بالمحاكم الوطنية في الدول، حيث يستطيع أي مواطن فلسطيني أن يرفع قضية؛ سواء في محاكم تلك الدول أو على مستوى المحكمة الجنائية الدولية"، وفق قوله.
وعن استثمار ما جاء في تقرير "أمنستي" بشكل رسمي، قال السفير: "نعم، هذا تقرير هام، ونحن رحبنا به، ونعتبر أن لدينا الآن إثباتا جديدا بالإضافة للإثباتات والأدلة التي لدينا؛ والتي تؤكد أن ما تقوم به إسرائيل في فلسطين المحتلة من البحر وحتى النهر، هو نظام أبرتهايد".
ونبّه إلى أن "ما يميز هذا التقرير، أنه تقرير أممي صادر عن منظمة دولية ذات مصداقية، تكتب تقاريرها بمهنية تعتمد على المعايير التي حددها القانون الدولي، وليست من قبيل التقارير المسيسة، كما هو حال في بعض الدول".
وأكد أن الخارجية الفلسطينية ومن خلفها السلطة "ستبني على هذا التقرير، سواء في الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان أو في توجهنا للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل المطالبة بإعادة تشكيل لجنة مناهضة التمييز والفصل العنصري، على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصولا إلى مجلس الأمن الدولي، ونحن سنتابع الأمر".
وطالب الديك، "الدول بالتعامل مع تقرير "أمنستي" بجدية، والتعامل مع دولة الاحتلال بناء على النتائج التي خلص إليها هذا التقرير الهام".
وصف دقيق لجرائم الاحتلال
من جانبه، أوضح أستاذ القانون الدولي الجنائي في جامعة "الاستقلال"، إسلام البياري، أن "أهمية هذا التقرير تنبع من أنه صادر عن منظمة دولية يعترف بها المجتمع الدولي، وهذا يوجب على الجهات الرسمية الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية، أن تتعاطى معه بشكل جدي".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "المحكمة الجنائية الدولية تتلقى التقارير سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، وعندما تكون هذه التقارير صادرة عن منظمات دولية، فهذا يعني أنها أكثر حيادية ومصداقية في التوصيف القانوني وتحديد القيمة القانونية للجرائم الدولية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما تحدث عنه تقرير "أمنستي" الذي تناول كل أنواع جرائم الاحتلال الواقعة في فلسطين والتي تقع ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بحق شعبنا".
ونبّه البياري، إلى أنه "يفترض بالأمم المتحدة والمحكمة الجنائية أن تأخذ هذا التقرير على محمل الجدية والمساءلة القانونية للمجرمين بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة، وهذه قواعد أقرتها محكمة العدل الدولية".
ونوّه إلى أن "المحكمة الجنائية تتعاطي مع المعلومات الدقيقة والمهمة الموثقة من المنظمات الدولية أو الدول الطرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية".
اقرأ أيضا: فصائل فلسطينية لـ"عربي21": تقرير "أمنستي" مهم ونرحب به
ولفت إلى أن أهمية تقديم هذه التقارير ومن بينها تقرير "أمنستي" لأنها "تساعد المدعي العام على الوصول إلى الحقائق والوصف القانوني في قضية توجيه الاتهام للمجرمين؛ سواء كانوا دولا أو أشخاص"، موضحا أن "المحكمة الجنائية هي سيدة نفسها، إذا كانت تريد أن تقرر أن هذه المعلومات صحيحة أو غير ذلك، أو تأخذ بها أو لا، ولكن نظام المحكمة يلزمها بالأخذ بعين الاعتبار بهذه التقارير التي تدين الاحتلال الإسرائيلي".
وبين أستاذ القانون، أن "اتهام إسرائيل بأنها تتبع نظام الفصل العنصري، يؤكد أنها ما زالت تضطهد الشعب الفلسطيني وتمارس جريمة العنصرية ضده، علما بأنه في عام 1975 كان هناك قرار من الجمعية العامة باعتبار الاحتلال دولة عنصرية، ولكن القرار سحب تحت ضغوطات دولية".
وأضاف: "لكن عودة منظمة العفو للتطبيق القواعد المتعلقة بالقانون الدولي حول الجرائم الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضعت الاحتلال أمام الواقع القانوني الذي يتطلب المساءلة عن هذه الجرائم، وأحرجت بعض المجتمعات الدولية في التعاطي مع هذا الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، حيث إن الاحتلال ما زال يمارس على الأرض جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجريمة عدوان ضد الشعب الفلسطيني".
وأكد أن "تقرير "أمنستي" وضع الاحتلال في الوصف القانوي والدقيق حول الجرائم التي ترتكب بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني".