هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي مقال رأي للكاتب سيمون واتكينز تحدث فيه عن مشاريع الطاقة التي جهزها العراق ويستعد لتنفيذها والتي من شأنها أن تغير قواعد اللعبة العالمية.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن صفقة تضم أربعة مشاريع بقيمة 27 مليار دولار أمريكي بين شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "توتال إنرجيز" ووزارة النفط العراقية تم الاتفاق عليها السنة الماضية ستدخل "مرحلة التنفيذ" في الربع الأول من هذه السنة، وذلك وفقًا لبيان صادر عن الوزارة الأسبوع الماضي.
يتمثّل أول هذه المشاريع في استكمال العمل على مشروع إمدادات مياه البحر المشتركة الذي سيكون حاسمًا لتمكين العراق من تحقيق أهدافه طويلة الأمد لإنتاج النفط الخام بمعدل 7 ملايين برميل يوميا، ثم الوصول إلى 9 ملايين برميل في اليوم وربما 12 مليون برميل في اليوم.
ويتضمن هذا المشروع، الذي سيشهد استثمارًا أوليًا بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي في مرحلته الأولى، معالجة مياه بحر الخليج العربي ثم نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى مرافق إنتاج النفط للحفاظ على الضغط في مكامن النفط لتحسين طول عمر الحقول وإنتاجها.
اقرأ أيضا: FT: توسع صيني بالعراق مع انسحاب أمريكا.. وهذه أبرز الصفقات
وفقًا لأرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، يمتلك العراق ما يقدر بنحو 145 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكدة، التي تمثّل 17 بالمئة من إجمالي احتياطيات الشرق الأوسط، وحوالي 8 بالمئة من احتياطيات العالم، وخامس أكبر احتياطي على هذا الكوكب. ومن المرجح أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير.
وذكر الكاتب أن وزارة النفط العراقية سبق أن صرّحت بأن موارد البلاد غير المكتشفة تبلغ حوالي 215 مليار برميل. وبما أن كلا من حقل كركوك الذي بدأ الإنتاج في عشرينيات القرن الماضي، وحقل الرميلة الذي بدأ الإنتاج في خمسينيات القرن الماضي، يستأثران بحوالي 80 بالمئة من إنتاج النفط العراقي التراكمي فإنهما يتطلبان ضخا مستمرا للمياه، حيث انخفض ضغط الخزان في السابق بشكل ملحوظ بعد إنتاج حوالي 5 بالمئة فقط من النفط الجاهز.
وعلى الرغم من أن الاحتياجات المائية لمعظم حقول النفط في العراق ترتبط بهاتين الحالتين، إلا أن الحاجة إلى إمدادات مياه بحر بكميات كبيرة ومستمرة للحفاظ على الضغط في الآبار القديمة أكبر في حقول النفط الواقعة جنوب العراق.
ووفقًا لتوقعات سابقة من وكالة الطاقة الدولية، فإن تحقيق أهداف إنتاج النفط الخام المستقبلية في العراق ثم الحفاظ عليها لفترة جيدة، سيتطلب احتياجات إجمالية لضخ المياه تعادل حوالي 2 بالمئة من متوسط التدفقات المجمعة لنهري دجلة والفرات، أو 6 بالمئة من تدفقهما المشترك خلال موسم انخفاض الأمطار. قد تبدو هذه المستويات قابلة للتحقيق، إلا أن مصادر المياه المذكورة يجب أن تستمر أيضًا في تغطية احتياجات بقية القطاعات بما في ذلك قطاع الزراعة.
وأشار الكاتب إلى أن المشروع الثاني يكتسي أهمية كبيرة ويمثل ضرورة ملحة وهو مشروع جمع وتكرير الغاز الطبيعي المصاحب الذي يتم حرقه حاليا في حقول النفط الخمسة في جنوب العراق، وهي حقل نفط غرب القرنة 2 ومجنون والطوبة واللحيس وأرطاوي.
تعتزم شركة توتال إنرجيز توفير ملياري دولار أمريكي في المرحلة الأولى من المشروع لبناء معمل المعالجة، مع التقديرات الأولية من وزارة النفط العراقية السنة الماضية التي أبرزت أنه من المتوقع أن ينتج المصنع 300 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، مع إمكانية مضاعفة هذا الرقم بعد الانطلاق في المرحلة الثانية من التطوير.
في تصريح له أدلى به السنة الماضية، أفاد وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار بأن الغاز الذي سينتجه المشروع الثاني لتوتال إنرجيز في الجنوب سيساعد العراق على خفض وارداته الإيرانية من الغاز، كما أن الغاز المنتج محليًا أرخص من الغاز الإيراني. ومن المعتاد أن يعد المسؤولون العراقيون بتخفيض واردات الغاز والكهرباء من إيران في الفترة التي تسبق الزيارة السنوية لواشنطن لطلب المال، لكنهم لا يفون بهذه الوعود. مع ذلك، هناك أسباب أخرى قد تجعل العراق يتقيد بخفض حجم الغاز الطبيعي المهدور في الحقول النفطية.
اقرأ أيضا: العراق يوقع عقدا مع شركة عالمية لتطوير حفر آبار النفط
وأشار الكاتب إلى أن جمع هذا الغاز ومعالجته من خلال مشروع توتال إنرجيز، سيقلل من تكاليف الطاقة المستهلكة محليا في العراق. ووفقا للأرقام الصادرة عن وزارة النفط العراقية السنة الماضية، كانت تكلفة الغاز المستورد من إيران في حدود 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما تكلفة الغاز المتأتي من مشروع توتال إنرجيز ستكون 1.50 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
قد يجد العراق نفسه قادرا أو راغبا في تصدير البعض من هذا الغاز، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الغاز الحالية، ما من شأنه أن يساعد أيضًا على التخفيف من حدة أزمة السيولة التي واجهها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ توليه منصبه.
بعد انضمامه في سنة 2017 إلى مبادرة "وقف حرق الغاز الروتيني'' التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولي التي تهدف إلى إيقاف حرق الغاز الروتيني بحلول عام 2030، قد يجد العراق نفسه ملزمًا بتنفيذ هذا المشروع. وفي الوقت الحالي، لا تزال البلاد تصنف على أنها من أسوأ المخالفين في حرق الغاز المصاحب، في العالم بعد روسيا.
وذكر الكاتب أن شركة توتال إنرجيز تمتلك بالفعل خبرة في العمل في جميع أنحاء العراق، بامتلاك حصة 22.5 بالمئة من حقل الحلفاية النفطي في محافظة ميسان في الجنوب وحصة 18 بالمئة في منطقة استكشاف سرسنك في إقليم كردستان شبه المستقل في الشمال. وهذا يمنحها الخبرة التشغيلية الضرورية للعمل في الأراضي العراقية على مشروع جمع الغاز المصاحب ومعالجته، إلى جانب تمكينها من زيادة إنتاج النفط الخام بشكل متزامن من حقل أرطاوي النفطي، وهو ثالث المشاريع الأربعة التي التزمت بها حاليا.
ومن شأن نجاح مشروع جمع الغاز المصاحب بدلا من حرقه أن يمكن العراق من إحياء مشروع البتروكيماويات الخاص بشركة نبراس وشركة رويال داتش شل، المتوقف منذ فترة طويلة والذي تبلغ تكلفته 11 مليار دولار أمريكي. وفي حال تم المضي قدما في هذا المشروع بطريقة مناسبة فإنه سيكتمل في غضون خمس سنوات وسيولد أرباحا للعراق تقدّر بـ 100 مليار دولار خلال فترة تعاقده الأولية البالغة 35 عاما.
وأشار الكاتب إلى أن شركة توتال إنرجيز تتبع من الناحية النظرية نهجا أكثر مراعاة للبيئة وهو ما يتجلى في آخر المشاريع الأربعة للشركة الفرنسية الذي يتمثل في بناء وتشغيل محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط.