صحافة دولية

استراتيجية الصين بالشرق الأوسط: شراكات مع إيران وسوريا

مشروع الأسد "ربط البحار الخمسة" يتناسب مع تطلعات الصين- جيتي
مشروع الأسد "ربط البحار الخمسة" يتناسب مع تطلعات الصين- جيتي

نشرت مجلة "يوراسيا ريفيو" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن استراتيجية الصين الحديثة في الشرق الأوسط، التي تقوم على تعزيز الشراكات مع إيران وسوريا.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن استراتيجية الصين في الشرق الأوسط تحرز تقدما تدريجيا بعد دخول اتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل بين إيران والصين للأعوام الـ25 القادمة حيّز التنفيذ، وتوقيع سوريا مفاهمة للانضمام إلى مبادرة "الحزام والطريق". وساعدت مختلف المبادرات التجارية والاستثمارية الضخمة الصين على ترسيخ مكانتها كطرف فاعل في المنطقة.

ومع وصول الحرب في سوريا إلى نهايتها، ترغب كل من إيران وسوريا في تعزيز علاقاتهما التجارية. ويعد مقترح "ربط البحار الخمسة"، الذي طرحه رئيس النظام السوري بشار الأسد لأول مرة في سنة 2009، انعكاسا لمشروع طريق الحرير الجديد الذي تسعى الصين لتنفيذه.

ذكرت المجلة أن دور سوريا قد حان للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تعد إيران جزءا منها. ولكن من المحتمل أن يترتب عن هذه الخطوة تداعيات عدة.

 

اقرأ أيضا: "بدعوة إيرانية".. هل تزاحم الصين أخيرا في سوريا؟
 

من جهتها، تعمل الولايات المتحدة منذ عهد باراك أوباما على وضع حد لاتفاقيات دول الشرق الأوسط مع الصين. لكن هذه المساعي لم تثن الصين عن مواصلة العمل على دمج الشرق الأوسط ضمن مبادرة الحزام والطريق، من خلال تعزيز التواصل والتعاون مع إيران وصولا إلى سوريا.

 

وعلى إثر هذا الاتفاق، تعهدت سوريا بعدم تقديم تنازلات للغرب حتى بعد تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع النظام وإرسال فرنسا بعثة دبلوماسية.

ولا يمثل التعاون الصيني السوري مصدر قلق بالنسبة لروسيا وإيران. وعلى الرغم من إمكانية توصل إيران إلى تسوية في المناقشات حول برنامجها النووي، إلا أنها تقوم الآن "بما يتطلبه المجال" وتُبرم صفقات ستلتزم بها لمدة ربع قرن مع الصين. هذا إلى جانب المصالح المشتركة بين الأطراف الثلاثة إيران وروسيا وسوريا.

 

ورغم التزام الصين الهدوء طوال الصراع السوري، إلا أن منافستها مع الولايات المتحدة قد تحتدم، خاصة أن التحركات السورية تتزامن مع "اللحظة التي ينبغي فيها تنفيذ الإجراءات المضادة".

وأشارت المجلة إلى أن عودة روسيا إلى الشرق الأوسط ستتبعها عودة الصين قريبا. وبعد أعوام من الترقب، انضمت سوريا أخيرا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهو ما أكده رئيس النظام السوري بشار الأسد، عندما تحدث عن مشاركة بلاده في المبادرة عن طريق مشاريع تطوير البنية التحتية.

 

كما أن العرض السوري، الذي يشمل ستة مشاريع، قد نال استحسان بكين التي اختارت في نهاية المطاف أن تضم دمشق إلى مبادرتها.

وهناك العديد من المشاريع التي يمكن تنفيذها كجزء من هذه المبادرة، مثل خطوط السكك الحديدية بين طرطوس والحدود العراقية، والطرق السريعة التي تربط جنوب البلاد بشمالها، ومحطات توليد الكهرباء، والتنقيب عن النفط والغاز، والمناطق التجارة الحرة الصينية في سوريا.

وفي بيان صادر عن وكالة أنباء "شينخوا"، قال السفير الصيني في سوريا تشي تشيانجين؛ إن بلاده ترغب في أداء دور أكبر في الشؤون الاقتصادية والسياسية والعسكرية لسوريا، وذلك خلال زيارته إلى مستشفى في دمشق.

 

وأضاف: "أعتقد أن الوقت قد حان للتركيز على نمو سوريا وإعادة بنائها، وستزيد الصين من دعمها للشعب السوري وحكومته". وخير دليل على ذلك المساعدات الإنسانية لسوريا التي بلغت 44 مليون دولار مؤخرا.

وفي رسالة في آب/ أغسطس 2019، شدّد السفير الصيني على تطوير السكك الحديدية والموانئ السورية، بعد أن وعدت الصين بتقديم 20 مليار دولار لسوريا واليمن ولبنان والأردن لإعادة التأهيل والنمو الاقتصادي.

 

وفي سنة 2013، أعلنت الصين عن مبادرة الحزام والطريق التي تتكون من جزأين: الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الذي يهدف إلى ربط الصين بأوروبا عبر جنوب آسيا وآسيا الوسطى، وطريق الحرير البحري الذي يهدف إلى ربط الصين بأوروبا عبر جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وذكرت المجلة أن الأسد أعلن مؤخرا عن توصله إلى اتفاق رسمي مع الصين للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق. ووفقا للاتفاقية الموقعة بين الصين وسوريا، سيتم تمويل السكك الحديدية والطرق الدولية ومحطات الطاقة وتوسيع الموانئ السورية من الصين، مع التزام سوريا بدفع جزء كبير من النفقات بمرور الوقت.

ومن جهته، تعهّد الرئيس الصيني بمساهمة قدرها 20 مليار دولار، تخصص منها 9 مليارات دولار لسوريا. مع ذلك، لن تنافس الصين روسيا على ميناء طرطوس، لكنها ستسعى جاهدة لتطوير ميناء اللاذقية بمساعدة الشركة ذاتها، التي تعمل حاليا على توسيع نطاق ميناء طرابلس في لبنان.

الاتفاق الصيني الإيراني


وصرّح وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بأن "اتفاقية التعاون الشامل بين إيران والصين (25 عاما) قد بدأت مرحلة التنفيذ". وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن محتويات هذه الاتفاقية الاستراتيجية، التي تمثّل خطة للتعاون طويل الأمد بين البلدين، إلا أنه تم التوصل إلى إجماع. وستشمل هذه الاتفاقية التعاون الاقتصادي كعنصر رئيس، الذي سيكون في شكل اتفاقيات منفصلة تتوجب التوقيع والتنفيذ بين البلدين.

في 27 آذار/ مارس 2021، أعلن البلدان عن "شراكة استراتيجية شاملة" في بيان مشترك، وفي 27 نيسان/ أبريل، وقّع وزيرا خارجية إيران والصين، محمد جواد ظريف ووانغ يي، على هذه المعاهدة.

وذكرت المجلة أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين في السنوات الأخيرة بلغ حوالي 20 مليار دولار، حيث صدرت إيران منذ سنة 1995 سلعا بقيمة 9 مليارات دولار إلى الصين، واستوردت ما بين 9 و13 مليار دولار، وتعدّ الصين المزود الرئيس للسلع الكهربائية والسمعية والبصرية والكيميائية والصناعية لإيران. 

من ناحية أخرى، تعد إيران واحدة من أكبر موردي النفط للصين، وكانت واردات النفط قبل العقوبات تشكل حوالي 6 بالمئة من إجمالي الواردات، كما تظهر بيانات غير رسمية أنه خلال فترة العقوبات كانت الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني.

 

اقرأ أيضا: "فورين أفيرز": الخوف من الصين يشكل النظام العالمي الجديد

وأشارت المجلة إلى أن مشروع الحزام والطريق سيشمل 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و35 بالمئة من التجارة العالمية، وله ثلاثة أهداف رئيسة. ويتمثّل الهدف الأساسي في تحرير الصين من الحصار البحري والاعتماد كليا على مضيق ملقا، حيث تبحر أكثر من 150 سفينة يوميا معظمها ناقلات صينية ويابانية.

وتعمل الصين حاليا على أن تصبح القوة الاقتصادية الرائدة في العالم من خلال تصدير المنتجات والخدمات التكنولوجية والهندسية إلى الدول الأخرى. وتعد إيران موردا رئيسا للطاقة والمواد الخام مثل خام الحديد والمنتجات البتروكيماوية الخام إلى الصين، ما يجعلها أولوية رئيسة في مبادرة الحزام والطريق.

 

وأعلن وزير الاقتصاد أن اتفاق 25 عاما بين إيران والصين يقترب من الاكتمال. وحاليا، تمتلك الحكومة حوالي 100 ألف مشروع اقتصادي وتنموي غير مكتمل، وتحتاج إلى مبلغ ائتمان بقيمة ألف مليار تومان لإكمالها. 

وإلى جانب مواصلة شراء النفط الإيراني، يساعد الصينيون في بناء احتياطيات كبيرة من النفط والغاز وتحديث مصافي النفط الإيرانية، كما تشمل مبادرات الطاقة الأخرى في البلاد تطوير الطاقة المستدامة وتجديد مرافق الطاقة القديمة.

 

وتشمل الأعمال المصرفية والتعاون المالي المجدي، تعزيز التعاون المصرفي والمالي والتأميني، وإنشاء فروع للبنوك الإيرانية، وتشكيل بنك مشترك بين إيران والصين.

وأضافت المجلة أن الاتفاقيّة التي تمتد على 25 عاما، تشمل بناء السكك الحديدية في أجزاء مختلفة من البلاد، وتزويد السكك الحديدية بالطاقة الكهربائيّة، مثل سكة حديد طهران-مشهد، وتطوير شبكات المترو في المدن الإيرانية الكبرى، والمشاركة في تطوير شواطئ مكران، وتطوير الموانئ الإيرانية مثل ميناء تشابهار، واستكمال الطرق العامة والسريعة المحلية والدولية في إيران.

وفي الأشهر الأخيرة، وردت أنباء عن مشاركة الصينيين في إنشاء المباني السكنية لفائدة حركة الإسكان الوطنية، وبناء أربعة ملايين وحدة سكنية في أربع سنوات.

 

بالإضافة إلى ذلك، تشمل مجالات التعاون المحتملة الأخرى لمدة 25 عاما، الاتصالات السلكية واللاسلكية والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والصحة والسياحة.

التعليقات (0)