هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار استحواذ البنوك الإماراتية إصدار الصكوك السيادية المصرية، وترتيب القروض، وتوفيرها، تساؤلات عدة حول دلالة هذه الخطوة، خاصة بعد أن هيمنت ثلاثة بنوك إماراتية من بين تحالف ضم 6 بنوك على طرح أول صكوك إسلامية لمصر.
واختارت مصر، قبل أيام، ستة بنوك لإدارة الطرح الأول من الصكوك السيادية، البالغة قيمتها ملياري دولار، خلال الربع الثاني من العام الجاري، وفقا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية، نقلا عن مصادر لم تسمها، والبنوك هي إتش إس بي سي، وسيتي جروب، ومصرف أبوظبي الإسلامي، وكريدي أجريكول، وبنك الإمارات دبي الوطني، وبنك أبوظبي الأول.
وفي آب/ أغسطس الماضي، أقر رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي قانون الصكوك السيادية، بعد أن مرره البرلمان المصري منتصف العام الماضي، وسط مخاوف من رهن أصول مصر، وزيادة أعباء الدين وخدمته، وفتح باب جديد من أبواب الاقتراض الذي من شأنه زيادة محفظة القروض المتخمة، إذ بلغ حجم الديون الخارجية نحو 137 مليار دولار ونصف المليار في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.
اقرأ أيضا: الصايغ: مصر لن تنهض اقتصاديا إلا بتفكك "جمهورية الضباط"
وتقول الحكومة المصرية إن هذه الصكوك السيادية هي سندات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وسيتم طرحها في أسواق الدين المحلية والدولية، وتعد جزءا من استراتيجية أوسع لخفض الدين الحكومي، والتحول نحو الاقتراض طويل الأجل، ومد متوسط عمر الدين الخارجي، وتنويع محفظة الديون.
احتكار بنوك الإمارات تمويل مصر
وأصدرت مصر أول سندات "خضراء" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 دولارا في أيلول/ سبتمبر عام 2020 بعائد 5.25% بزعم تمويل مشروعات خضراء وصديقة للبيئة التي تبلغ 1.9 مليار دولار بغرض جذب المزيد من المستثمرين الذين يهتمون بالعوائد البيئية والمالية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تتولى بنوك إماراتية بعينها زمام إصدار السندات والصكوك الدولية، وترتيب القروض الكبيرة للحكومة المصرية، حيث اختارت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 كل من شركة الإمارات دبي الوطني كابيتال المحدودة، وبنك أبوظبي الأول، من أجل الحصول على قرض مشترك بقيمة ملياري دولار، لأجل ثلاث سنوات، بمعايير تمويل خضراء وإسلامية.
وفي مطلع العام الجاري، حصلت مصر على موافقة بنوك إماراتية وكويتية، لتقديم قرض مجمع للحكومة المصرية بقيمة إجمالية 3 مليارات دولار، وفقا لوكالة "الأناضول"، ومن أبرز البنوك المشاركة في القرض المجمع "الإمارات دبي الوطني، وبنك أبوظبي الأول، وبنك أبوظبي الإسلامي، والبنك الأهلي الكويتي، والمؤسسة العربية المصرفية، وبنك الكويت الوطني، وبنك وربة الكويتي".
رد الجميل وعمولات وفساد
في تقديره، يقول أستاذ التمويل الدولي، علاء السيد، إن "الإمارات تعتبر شريكا استراتيجيا رئيسيا للنظام المصري، وقد أنفقت عشرات المليارات لتثبيت أركان هذا النظام طوال نحو عقد من الزمان، ومن الطبيعي أن يرد النظام المصري كل هذا الدعم لدولة الإمارات على شكل ولاء لسياساتها، وتنفيذ لأجندتها، وطاعة لتوجهاتها، وتلبية لرغباتها".
وأضاف لـ"عربي21": "وقد ظهر ذلك جليا في سيطرة الإمارات وشركاتها على قطاعات تعتبر ضمن منظومة الأمن القومي المصري، مثل قطاع الاتصالات وقطاع الصحة ومحطات الوقود الخاصة بالجيش بخلاف القطاع المصرفي أيضا"، لافتا إلى أن "عمليات إدارة واستشارات واستقطاب الديون الخارجية وتسويق الصكوك السيادية للدول تعتبر من العمليات المصرفية الضخمة التي تدر أرباحا وعمولات كبيرة للبنوك".
اقرأ أيضا: كم تبلغ فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاد مصر؟
وأوضح الخبير الاقتصادي والاستراتيجي "أن التصرف في الأموال، ونقلها، واستقطاع العمولات وتحويلها لحسابات بعض الشخصيات في الخارج، من المسائل الحساسة شديدة السرية، ويعد تنفيذها بواسطة بنوك غير مصرية أكثر أمانا لدوائر القيادات السياسية والاقتصادية والمصرفية المستفيدة من الفساد الذي يتم باختلاس جزء من كل القروض الأجنبية، شأن مصر في ذلك شأن كافة الدول المتخلفة التي تنتفي فيها قواعد الإفصاح والشفافية".
هيمنة إماراتية جديدة
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد السابق بجامعة الأزهر، أحمد ذكر الله، إن ما يجري "يعكس حاجة الاقتصاد المصري الملحة لمصادر النقد الأجنبي؛ بسبب تداعيات آثار جائحة كورونا، وما نجم عنها من خسائر كبيرة، بالإضافة إلى العجز الكبير في الميزان التجاري وموازنة الدولة، وتفاقم حجم خدمة الديون، وبالتالي فهناك فجوة دولارية كبيرة".
أما في ما يتعلق بلجوء مصر إلى البنوك الإماراتية، فأوضح لـ"عربي21" أن "هناك العديد من الأسباب التي نرجحها، من بينها تنويع مصادر القروض، والمساندة الدائمة من الجانب الإماراتي للاقتصاد المصري، في مقابل امتيازات خاصة في الكثير من القطاعات في مصر، إلى جانب منح الأولوية للبنوك الإماراتية للاستفادة من عوائد تلك الخدمات المصرفية والمالية".