روسيا تواجه عزلة دولية.. والدعم الغربي لأوكرانيا يتواصل

باتت روسيا في عزلة دولية بسبب العقوبات التي فرضتها عليها بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا سيما في ظل الإغلاق الجوي أمام موسكو، فيما تواصل العواصم الغربية توفير الدعم لأوكرانيا.

ومساء الأحد، أعلنت دول مجموعة السبع استعدادها لفرض عقوبات جديدة على روسيا بعد تلك التي أُعلِنت خلال الأسبوع الماضي، "في حال لم تضع حدا لحربها على أوكرانيا".

وخلال اجتماع لوزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان وكندا وإيطاليا والمملكة المتحدة، دعت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، موسكو إلى "وضع حد فوري للهجمات على أوكرانيا وسكانها المدنيين وبناها التحتية المدنية وسحب قواتها من دون تأخير" من البلاد، وفق بيان نشرته الرئاسة الألمانية لمجموعة السبع.

 

— Außenministerin Annalena Baerbock (@ABaerbock) February 27, 2022

 

ونبهت الدول إلى أنها لن تعترف بأي تغيير في "وضع" أوكرانيا يفرض بالقوة، على ما جاء في بيان نشرته الرئاسة الألمانية لمجموعة السبع.

وسبق لموسكو أن ضمت شبه جزيرة القرم في 2014، قبل أن تعترف الأسبوع الماضي باستقلال منطقتين انفصاليتين شرق أوكرانيا.

وفي بيان لاحق، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن المجموعة لم تكن قط أكثر اتحادا "في الدفاع والحفاظ على حرية وسيادة أوكرانيا وجميع الدول".

والسبت، عمدت الدول الغربية إلى تشديد عقوباتها المالية على موسكو مستبعدة الكثير من المصارف الروسية من منصة سويفت الدولية للتبادلات المالية، واتخذت أيضا إجراءات تهدف إلى منع المصرف المركزي الروسي من دعم العملة الوطنية عبر تقييد وصوله إلى أسواق الرساميل الدولية.

من جانبه، قال الرئيس السويسري إغنازيو كاسيس، إن من "المحتمل جدا" أن تحذو بلاده حذو الاتحاد الأوروبي الاثنين في معاقبة روسيا وتجميد الأصول الروسية في سويسرا.

وأضاف كاسيس، في مقابلة مع التلفزيون السويسري العام الناطق بالفرنسية، أن المجلس الاتحادي (الحكومة) المؤلف من سبعة أعضاء سيجتمع لمراجعة توصيات وزارتي المالية والاقتصاد.

 

وقالت اليابان الأحد إنها ستشارك أيضا في إزالة بنوك روسية منتقاة من نظام سويفت وإنها ستقدم مساعدات إنسانية وتسعى لتحديد وتجميد أصول عائدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتن ومسؤولين روس آخرين، فيما اعتبر وزير الخارجية الأمريكية بلينكن أن خطوة طوكيو تظهر "وحدة وتصميم" مجموعة السبع، وستساعد في "فرض تكاليف باهظة على روسيا".

إلى ذلك، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيعقد اجتماعا عبر الهاتف مع الحلفاء والشركاء اليوم الاثنين، لتنسيق رد موحد بشأن الأزمة الأوكرانية، دون تحديد الدول التي ستشارك في هذا الاجتماع.

وقالت الولايات المتحدة إن بوتين يعمل على تصعيد الحرب باستخدام "لهجة خطيرة" بشأن الوضع النووي لروسيا وسط مؤشرات على أن القوات الروسية تستعد لمحاصرة المدن الكبرى في أوكرانيا التي يبلغ تعدادها نحو 44 مليون نسمة.

ويأتي هذا الاجتماع قبيل الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة الاثنين، والتي دعا إليها استثنائيا مجلس الأمن الدولي  لنقاش التطورات في أوكرانيا والتصويت على مشروع قرار يدين الغزو الروسي لها.

وحصل القرار على موافقة 11 دولة من إجمالي أعضاء المجلس (15)، وامتنعت 3 عن التصويت (الإمارات والهند والصين)، فيما اعترضت روسيا على القرار.

لكن لا تملك روسيا أو أي من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) حق النقض لعرقلة قرار كهذا مقدم لأعضاء الجمعية العامة.

وطبقا لميثاق الأمم المتحدة، فإنه "يجوز للجمعية العامة، عملا بقرارها الصادر في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1950 رقم 377 (د -5)، أن تتخذ إجراء في قضية ما، إذا ما فشل مجلس الأمن في إصداره قرارا فيها، بسبب التصويت السلبي لعضو دائم في المجلس، في حالة يبدو فيها أن هناك تهديدا للسلام أو خرقا للسلام أو عملا عدوانيّا".

ورجح مندوب فرنسا للأمم المتحدة أن يتم التصويت على مشروع القرار في الجمعية العامة لإدانة روسيا في وقت لاحق من الأسبوع وليس خلال جلسة الاثنين.

في المقابل، عبرت السعودية عن التزامها باتفاق تحالف "أوبك بلاس" حول كميات إنتاج النفط والذي تقوده إلى جانب روسيا.

جاء ذلك في اتصال هاتفي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص "الأوضاع في أوكرانيا (...) وأثر الأزمة على أسواق الطاقة"، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وأضافت الوكالة: "أكد سمو ولي العهد حرص المملكة على استقرار وتوازن أسواق البترول والتزام المملكة باتفاق أوبك بلاس".

 ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، لم تبد الرياض، أحد أكبر مصدري النفط في العالم، نية في زيادة الإنتاج لتهدئة الأسعار، في ظل الارتفاع المسجل.

الدعم الغربي

 

في المقابل، يتواصل الدعم الغربي لأوكرانيا، حيث قرر الاتحاد الأوروبي الأحد وللمرة الأولى في تاريخه تزويد دولة في حالة حرب بالسلاح وتعهد بتقديم أسلحة تشمل طائرات مقاتلة إلى كييف.

وقالت ألمانيا، التي جمدت خط أنابيب للغاز تحت البحر من روسيا، إنها ستزيد الإنفاق الدفاعي بشكل كبير لتنهي بذلك حالة من التردد استمرت لعشرات السنين لمضاهاة قوتها الاقتصادية بقوتها العسكرية.

 

وعبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين عن دعمها لعضوية أوكرانيا في سياق مقابلة أجرتها معها شبكة "يورنيوز"، قائلة عن أوكرانيا إنها "واحدة منا".

وأغلق الاتحاد الأوروبي مجاله الجوي أمام جميع الطائرات الروسية مثلما فعلت كندا، ما أجبر شركة الطيران الروسية إيروفلوت على إلغاء جميع الرحلات الجوية إلى الوجهات الأوروبية لحين إشعار آخر.

 

وحثت الولايات المتحدة وفرنسا مواطنيهما على التفكير في مغادرة روسيا على الفور. وحظر الاتحاد الأوروبي وسائل الإعلام الروسية ووكالة سبوتنيك.

وتسبب هذا الإغلاق في حرمان روسيا من المشاركة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية، بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.

وبحسب تصريحات زاخاروفا لقناة "روسيا-1"، فإن الوفد الروسي برئاسة لافروف لن يتمكن من المشاركة في اجتماع مجلس حقوق الإنسان واجتماع لجنة نزع السلاح في جنيف الثلاثاء.

وقالت: "الأمم المتحدة والأمين العام ملزمان بضمان وصول الوفد إلى مقر الأمم المتحدة ومكتبها في جنيف، ولا سيما في هذه المرحلة الصعبة".

والأحد، أيد وزراء الداخلية الأوروبيون الأحد بأغلبية كبيرة خطة منح حماية مؤقتة للأوكرانيين الفارين من الهجوم الروسي، والذين قد تصل أعدادهم إلى "الملايين". 

 

— GregorSchusterschitz (@GSchusterschitz) February 27, 2022

وحتى الأحد، وصل 300 ألف أوكراني إلى مناطق الاتحاد الأوروبي، وفقا للمفوضية الأوروبية، نصفهم في بولندا بحسب وارسو.

وناقش الوزراء أثناء اجتماعهم الطارئ إمكان توفير حماية مؤقتة لهؤلاء الأوكرانيين، وذلك من خلال اللجوء إلى مذكرة تعود إلى العام 2001 تسمح لهم بالبقاء لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في الاتحاد الأوروبي وبالعمل فيه.

وقال الوزير الفرنسي جيرالد دارمانين، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إنه لاحظ وجود أغلبية كبيرة مؤيدة لهذا الطرح.

من جهتها، قالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا جوهانسون إن معظم الأوكرانيين الوافدين لديهم جوازات سفر بيومترية ويمكنهم البقاء بدون تأشيرة لمدة 90 يوما في الاتحاد الأوروبي، ولكنها شددت على ضرورة الاستعداد بعد ذلك لوصول "ملايين" الوافدين.

وأشارت جوهانسون إلى أن معظم الأوكرانيين الذين فروا إلى الاتحاد الأوروبي يستضيفهم أقارب، لافتة إلى أن "عددا محدودا" تقدم بطلبات لجوء.

ويتوجه هؤلاء إلى بلدان تستضيف بالأصل عددًا كبيرا من السكان من أصل أوكراني، على غرار بولندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا وألمانيا وجمهورية التشيك.

ويجب أن تتم المصادقة على هذا الاقتراح من جانب أغلبية في المجلس، أي بحد أدنى 15 من أصل 27 دولة تمثل 65 بالمئة على الأقل من سكان أوروبا.

 

دعم عسكري

وأعلن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن الاتحاد سيرسل إلى الجيش الأوكراني معدات وأسلحة بقيمة 500 مليون يورو.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بوريل، الأحد، بعد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وأوضح بوريل أن الاتحاد الأوروبي قرر تقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، بينها أسلحة بقيمة 450 مليون يورو، ومعدات وقاية بقيمة 50 مليون يورو.

وأضاف أن هذه المساعدات ستمول من صندوق "إرساء السلام في أوروبا" ومن "الصندوق الحكومي الدولي".

وأكد بوريل أن حزمة المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا قد تشمل أيضا طائرات حربية، مبينا أن الاتحاد الأوروبي ناقش مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الطائرات التي تحتاجها بلاده.

وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن الدول الأعضاء في التكتّل قررت الأحد تخصيص 450 مليون يورو لشراء أسلحة وتسليمها للجيش الأوكراني لمساعدته في مقاومة الهجوم الروسي.

وفي وقت سابق الأحد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن الاتحاد سيمول لأول مرة في تاريخه شراء وتسليم أسلحة لدولة تخوض حربا.

 

اقرأ أيضا: حشد روسي باتجاه كييف.. وأوروبا تبدأ تسليح أوكرانيا (تغطية)

وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة الفنلندية عن قرارها إرسال ألفي سترة واقية من الرصاص وألفي خوذة و100 نقالة ومعدات طبية كاملة لمحطتي إسعاف.

وكانت فنلندا أعلنت في وقت سابق قرارها تقديم مساعدات مالية بقيمة 14 مليون يورو لأوكرانيا.
وأعلنت السويد على لسان رئيسة وزرائها ماغدالينا أندرسون، عزمها على تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا.

وذكرت في مؤتمر صحفي الأحد، أنه سيتم تقديم أسلحة خفيفة ومضادات دروع للجيش الأوكراني، و5 آلاف سلاح مضاد للدروع من طراز آي تي 4، و5 آلاف سترة واقية و5 آلاف خوذة ومواد غذائية تكفي لـ 135 ألف جندي، إلى جانب مساعدات إنسانية بقيمة 50 مليون يورو.

وأعلن رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف، عن تقديم بلاده مساعدات عسكرية لوجستية للجيش الأوكراني إلى جانب مساعدات إنسانية.

والسبت أعلنت الحكومة الألمانية، عن عزمها على تزويد أوكرانيا "في أقرب وقت" بألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، و500 صاروخ أرض-جو من طراز "ستينغر"، لمساعدتها في مواجهة هجوم الجيش الروسي.

 

وفي المواقف العربية شبه الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي الحرب التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا بالحرب التي كان قد أعلنها على الشعب السوري، محذّرا من خطورة مآلاتها على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الدولية.


ووصف المرزوقي في تصريحات نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الغزو الروسي لأوكرانيا، بـ "الحرب المجرمة"، وقال: "سنكون من بين ضحايا هذه الحرب المجرمة الجديدة ويسموننا في لغتهم الخشبية الأضرار الجانبية".


وأضاف: "انتظروا ارتفاع الأسعار خاصة سعر القمح الذي بالكاد نستطيع شراءه بالثمن الحالي، انتظروا ارتفاع فاتورة البترول التي ستقصم ما بقي من الظهر، انتظروا تفجرا في جنون العظمة عند كل مستبد مهووس بالحكم الفردي وهو يرى في بوتين القدوة والمثال وصرخته الشهيرة مام لم يقدر العنف عليه، يقدر عليه عنف اقوى".


وأكد المرزوقي في ختام تدوينته أن مصير بوتين سيكون مثل مصير كل المستبدين، وقال: "لكن لينتظر هو وأمثاله نفس مصير كل المستبدين وهو مصير النار التي تأكل كل شيء لتأكل نفسها أخيرا.. وكم صدق إيليا أبو ماضي: 


وَاِنظُر إِلى النارِ إِنَّ الفَتكَ عادَتُها                 لَكِنَّ عادَتُها الشَنعاءَ تُرديها.
 تَفني القِرى وَالمَغاني وَهيَ ضاحِكَةٌ             لِجَهلِها أَنَّ ما تَفنيهِ يُفنيها".

 

وأطلقت روسيا، فجر الخميس الماضي، عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل غاضبة من عدة دول ومطالبات بتشديد العقوبات على موسكو.


وأمس الأحد قالت محكمة العدل الدولية إن أوكرانيا رفعت دعوى قضائية ضد روسيا لخرقها اتفاقية الإبادة الجماعية.


وأفادت المحكمة في بيان لها، نشرته وكالة "الأناضول)، أن أوكرانيا رفضت ادعاءات روسيا القائلة بوقوع إبادة جماعية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين.


وأشارت إلى أن أوكرانيا اتهمت روسيا بالتخطيط لأعمال إبادة جماعية وادعت قتلها مواطنين أوكرانيين عمدا.


وأوضحت أن أوكرانيا طلبت من المحكمة اتخاذ إجراءات عقابية عاجلة "للحيلولة دون الأضرار التي لا يمكن جبرها ومنع انتهاك الحقوق".


ومن المنتظر أن تعلن المحكمة تاريخ الجلسة المتعلقة بالإجراءات العاجلة خلال فترة قصيرة.