هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تؤثر
الأزمة الأوكرانية على طرفي الصراع فيها، الروس والأوكرانيين، وحدهم، بل إنها تؤثر
على المصالح السياسية والاقتصادية لكثير من دول العالم.
ونشرت
صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية، ترجمته "عربي21"، تقريرًا سلطت
خلاله الضوء على تداعيات تطورات الأزمة الأوكرانية الروسية على الصين، التي تبنت -بحسب
الصحيفة- مواقف مختلفة بشأن الأحداث الأخيرة التي تعيشها أوكرانيا؛ فبعد أن كانت قد
دعت في العديد من المناسبات إلى احترام سيادة جميع البلدان، بما في ذلك أوكرانيا، صرحت بأنها تتفهم مخاوف روسيا بشأن توسع الناتو.
وأضافت
الصحيفة أن نقل الولايات المتحدة الموارد العسكرية إلى أوروبا يخلق فرصًا أمام بكين
لحل مشكلة تايوان، فخلال محادثة هاتفية جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره
الصيني شي جين بينغ يوم الجمعة الماضي، أعرب الجانب الصيني عن دعمه لرغبة روسيا وأوكرانيا
في حل القضية من خلال المفاوضات، داعيًا في نفس الوقت الأطراف إلى احترام الرغبة المشروعة
لجميع الدول في ضمان أمنها، وإنشاء آلية موثوقة للحفاظ على السلام في أوروبا.
وأوردت
الصحيفة عن وكالة رويترز للأنباء أن رفض الصين إدانة التصرفات الروسية أو انتقادها
هو حقيقة واقعة، بينما وصفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" -بحسب الصحيفة الروسية-
نهج الصين بأنه "الحياد المؤيد لروسيا"، مشيرة إلى ضرورة تحقيق التوازن بين
مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم استخدام القوة على المسرح العالمي،
الذي تتبناه بكين باستمرار، وقرار عدم انتقاد موسكو.
وأفادت
الصحيفة بأن العلاقات الروسية الصينية مرت بحالات مماثلة في الماضي؛ حيث لم تنتقد الصين
اعتراض روسيا محاولة الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي حل مشكلة أوسيتيا الجنوبية
وأبخازيا بالقوة في عام 2008، وضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014.
اقرأ أيضا: مسؤول تايواني لعربي21: نختلف عن أوكرانيا وسنحفظ استقلالنا
وأشارت
الصحيفة إلى أن المسؤولة السابقة في المخابرات الوطنية الأمريكية، أندريا كيندال تايلور، المختصة بالشؤون الروسية، ترى أنه بينما تميل روسيا إلى تنفيذ عمليات مزعزعة للاستقرار، تحرص الصين على رفع مكانتها كقوة عظمى؛ من خلال الدعوة إلى التحلي بالحكمة، وتحقيق الاستقرار،
لافتة إلى أنه بخصوص الأزمة الأوكرانية، قد
يؤدي الموقف المتباين للصين إلى حدوث شرخ على مستوى التحالف.
وعلى
العكس من ذلك، كما قالت الصحيفة، فيرى شين تشانغ، خبير العلاقات الصينية الروسية بجامعة
شرق الصين، أن قبول الحكومة الصينية الإجراءات الروسية التي تتعارض مع مصالح الصين
في أوراسيا أمر غير طبيعي، ولم يستبعد تشانغ إمكانية كشف بوتين خلال المحادثة التي
جمعته مع نظيره الصيني عن خططه، فيما ترى الصحيفة أن العملية العسكرية التي أطلقتها
روسيا خطوة بدت غير متوقعة بالنسبة للشعب الصيني، وتشكل مصدر قلق بسيط لبكين، بينما
أضاف تشانع: "بغض النظر عن الدماء التي أريقت خلال هذا الصراع، إذا لم تنجر إليه
قوى عظمى أخرى، لن يؤثر ذلك على العلاقات الصينية الروسية".
وذكرت
الصحيفة أن العقوبات المسلطة على روسيا قد تمثل اختبارًا للعلاقات الروسية الصينية؛
حيث يمكن للصين مساعدة روسيا على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، من خلال إجراء معاملات
تجارة المواد الخام عن طريق البنوك المملوكة للدولة، وهو ما فعلته السلطات الصينية
الأسبوع الماضي -كخطوة أولية- عندما أمرت بإزالة القيود المفروضة على استيراد الحبوب
الروسية، ما أتاح لروسيا مصدر إيرادات جديد.
وبحسب
الصحيفة، فقد ربطت صحيفة "هونج كونج وجنوب الصين بوست الصباحية" الأزمة الأوكرانية
بمشكلة تايوان، مشيرة إلى استفادة الصين من تحويل الولايات المتحدة أنظارها نحو أوروبا، ومع إمكانية تركيز الغرب انتباهه
لسنوات طويلة قادمة على تصرفات بوتين، قد يكون لدى بكين مجال أكبر للمناورة والاستعداد
لإعادة ضم تايوان إلى الصين.
ونقلت
الصحيفة عن رئيس كلية الدراسات الشرقية في المدرسة العليا للاقتصاد في روسيا، أندري
كارنيف، أن الصين تعارض استخدام الأساليب العسكرية لحل النزاعات، ومع ذلك فإن التطورات
الأخيرة في الأزمة الروسية الأوكرانية تخلق أمام بكين فرصًا جديدة لضم تايوان. وعليه، يرى بعض الخبراء الصينيين أن الوضع الراهن مناسب لممارسة نوع من الضغط على السلطات
في تايوان.
وتابعت
الصحيفة تقريرها، حيث نقلت عن نائب مدير معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع
لأكاديمية العلوم الروسية، الكسندر لومانوف، أنه يرى الوضع الحالي قد يفرض تحديات خطيرة، ويتيح فرصًا عظيمة للصين، مبينًا بأن التحدي يتمثل في أن العقوبات المفروضة على
روسيا ستؤثر على الصين، ما يُرغم الشركات الصينية التي تريد التواجد في الأسواق الغربية
على احترام هذه العقوبات، بينما تتمثل الفرص في قدرة الشركات الصينية على دخول السوق
الروسية، والحصول على موطئ قدم هناك لفترة طويلة.