قضايا وآراء

نيران صديقة في مواجهة الظلم والاستبداد

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
الاستغراق في توصيف الظاهرة ومطالبة الآخرين بحلها من دون صناعة حلول عملية، يمكن أن يمثل مفسدة كبرى تضر أكثر مما تنفع.

تتعدد وتتنوع أشكال مقاومة الظلم والاستبداد، سواء كان محليا من قبل النظم المستبدة بأجهزتها المختلفة الأمنية وما تمارسه من اعتقال وسحق وقتل وتشريد للملايين، وأجهزتها الإعلامية وما تمارسه من كذب وتزييف وتضلييل وتغييب للحقائق وتغيير وعي الشعوب، أو الدول الكبرى والنظام الدولي بالكلية؛ من دعم للنظم المحلية المستبدة ومن ازدواجية في التعاطي مع القضايا والملفات المختلفة.

الأشكال التقليدية في التعاطى مع الظلم والاستبداد:

1- توصيف الظاهرة وتحليلها، وبيان وفضح المستبدين الظالمين والمتعاونين معهم فيها والمتضررين منها.

2- إعلان الرفض والشجب.

3- عرض المظلمة من ضحايا وخسائر وتشرد.. إلخ.

4- مطالبة المنظمات الدولية والعالم الحر بالتدخل.. إلخ.

5- مطالبة الشعوب بالتحرك ومواجهة هذا الظلم والاستبداد.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، ويتكرر ذلك منذ سنوات طويلة حتى تحول إلى منهج محدد ومتكرر في التعامل مع كل حدث ونازلة تنزل بالشعوب المستضعفة، من دون تقديم حلول علاجية ووقائية للتعاطي مع الظاهرة، ومن دون السعي لامتلاك أدوات حقيقية لمواجهة هذه الظاهرة، وبتكرار الأمر وبتكرار استغراق نخب الأمة، الذين تنتظر منهم الشعوب الحلول المناسبة لمواجهة ذلك الاستبداد والظم.

ينجم عن ذلك سلسلة من التداعيات الخطيرة التي تصب في مصلحة المستبدين الظالمين.

تداعيات الاستغراق في توصيف الظاهرة من دون حلول عملية قابلة للتطبيق:

1- إحساس الشعوب بالخوف والقهر.

2- تعزيز الإحساس بالضعف.

3- تأكيد العجز والاستسلام للأمر الواقع والسكون، مما يتطلب المزيد من الفهم والوعي لاستكمال جزء مهم من أشكال التعاطي مع الظلم والاستبداد.

وهو:

1- بيان الحقيقة كاملة للشعوب لتعزيز وعيهم بحقيقة النظم والمفاهيم والتصورات التي تعرض عليها والأشخاص والأحداث، بالإجابة على أسئلة ماذا ولماذا وكيف ومن ولحساب ومصلحة من؟ بما يبين الحقيقة بشمولها وعمقها، ويربط المفاهيم والأحداث ببعض، ويبين العلاقات الخفية والمصالح المشتركة بين النظم المستبدة المحلية، والدول الكبرى والنظام الدولي. ومن ثم نتوقف عن مطالب أعدائنا بحل مشاكلنا ورفع الظلم عنا، ونتوجه لعلاج ضعفنا وامتلاك أسباب القوة الحقيقية لمواجهة الظلم والاستبداد.

2- بيان الواجب فعله علينا جميعا كمؤسسات ونخب وأفراد لمواجهة الظلم والاستبداد، بإنتاج أساليب عملية قابلة للتنفيذ في ظل الواقع الحالي، بما سيمنح الشعب الأمل ويعزز ثقته بذاته، ويستعيد له حيويته وعافيته، ويعزز صموده في الثورة والمقاومة.

3- تعزيز وعي الشعب بما لديه من قدرات بشرية وفكرية ومادية ومعنوية متنوعة يمكن تحويلها إلى قوة حقيقية، للخروج من حالة العجز والاستسلام إلى مجابهة الظلم والاستبداد.

4- تقديم حلول عملية لعلاج أسباب الفرقة والضعف الحالية، وإنتاج أفكار وحلول وبدائل متنوعة تنقل الشعب من دائرة المتاح المسموح به إلى دائرة الممكن تحقيقه.

نموذج تطبيقي: في التعامل مع ازدواجية الغرب في التعاطي مع الملفات التي تخص العرب والمسلمين بعد فضح وكشف هذه الازدواجية وهذا التناقض، لا بد من استكمال التعاطي إلى نهايته بتقديم حلول وواجبات عملية يمكن للمؤسسات والأفراد القيام بها لمواجهة هذه الإشكالية:

أولا: حلول إصلاحية للذات

1- دعوة النخب والمفكرين إلى تصميم مشروع وطني بديل يعبر عن حلم الشعوب الساعية للتحرر والتنمية والاستقرار، ليصبح بوصلة واحدة لمكونات المجتمع كافة، وكبديل عن هذه النظم المستبدة.

2- دعوة العلماء والباحثين للقيام بدورهم في رأب الصدع ونزع أسباب الخلاف بين فصائل ومكونات الشعب الثائر، والعمل على الوحدة والاحتشاد الوطني.

3- دعوة الأفراد المتخصصين في الاقتصاد إلى إنتاج أفكار وحلول اقتصادية لتطوير فكرة المقاطعة الاقتصادية إلى إنتاج بدائل محلية للاكتفاء الذاتي، وحرمان الدول الجائرة من الأسواق العربية تماما، بما سيمثل رادعا حقيقيا لها.

ثانيا: حلول سياسية

بإعداد ملفات سياسية تكشف ازدواجية وظلم وتناقض هذه النظم السياسية، بما يتناقض مع ما تعلنه أحزابها من قيم ومبادئ.. إلخ، وترجمتها والتواصل مع القوى المعارض لهذه الأنظمة في بلادها للتعاون معها في الضغط عليها، وإجبارها على التخلي عن ظلمها.

هذه بعض الواجبات العملية الممكنة، وعند الدراسة والبحث المتأني يمكننا إنتاج واجبات عملية خاصة بالمؤسسات وأخرى بالأفراد.. إلخ، للقيام بردود فعل قانونية وحضارية وعملية فاعلة.
التعليقات (0)