هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تتواصل فيه زيارة رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى تركيا، بدأت تصدر ردود الفعل الإسرائيلية المرحبة بها، رغم عدم رفع سقف توقعاتها منها، حتى إن التوصيف الأكثر رواجا كان في الساعات الأخيرة أن الزيارة عبرت عن أن "الحب بين الجانبين غير موجود، لكنها المصالح".
في حين قال أحد الوزراء الإسرائيليين البارزين عشية الزيارة، متحفظا على كشف هويته: "سندير الأمر مع الأتراك مثل قنفذين يمارسان الحب، بحذر"، مع العلم أن ما شهدته الزيارة أكثر من أي شيء آخر أن هناك شبكة مصالح دفعت الجانبين لاستئناف هذه العلاقة، ويبدو من حفاوة الاستقبال التركي، كما وصفته الصحافة الإسرائيلية، أن هناك إصرارا على الاستفادة من هذا الحدث.
ناحوم بارنيع كبير المحللين الإسرائيليين ذكر في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "زيارة هرتسوغ كتبت فصلا جديدا في مسيرة القطار الإسرائيلي التركي، بدأت فصولها في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وتخللتها سلسلة من النزول والصعود، تضمنت جملة من التحركات الدراماتيكية مع تركيا، باعتبارها من أقوى دول الشرق الأوسط، ويمكن القول إنها أيضا من أبرز دول أوروبا، ولذلك فإن تركيا تعتبر بنظر الإسرائيليين حالة خاصة".
اقرأ أيضا: احتجاجات بتركيا ضد زيارة "هرتسوغ".. وأردوغان يعلق بعد لقائه
وأضاف أن "مكانة تركيا في المنطقة أضافت صعوبات على إسرائيل لاستئناف العلاقة معها، لأنها تعلم تماما أن طريق العودة في العلاقات معها طويل، ولن تُقال فيه كلمة "آسف"، لا خلال الزيارة، ولا في المستقبل، وقد ظهر ذلك جليا حين تحدث الرئيس رجب طيب أردوغان بوجه صارم، كأنه يقرأ نصًا في فمه، ولعل ذلك تعبير عن ضائقته التي اضطر بسببها لإعادة العلاقات مع إسرائيل، حتى إنه لم يجهز جمهوره الداخلي لهذا التحول المفاجئ".
خرجت انطباعات الصحفيين الإسرائيليين متواترة من تغطيتهم لأول يوم من زيارة هرتسوغ إلى أنقرة، متواضعة في تقديراتها، وتكاد تجمع أن أردوغان لم يعط هرتسوغ الحزمة الكاملة المطلوبة من إسرائيل، لحسابات لا يعلمها سوى الأتراك أنفسهم، مع أن أردوغان يسعى فعلا لإعادة بناء علاقته مع الولايات المتحدة، وبناء مكانة جديدة لنفسه في البحر المتوسط وشرقه، هذه المرة ليس بصفته سيدًا له، ولكن كشريك مع الآخرين، بما فيهم إسرائيل.
اقرأ أيضا: رئيس الاحتلال يزور أنقرة.. كيف علّق على استقباله؟
لكن الأمر اللافت في الزيارة، وفق التقدير الإسرائيلي، أن اختيار الجانبين في أنقرة وتل أبيب للرئيس هرتسوغ هو لفتح الباب مبدئيا بينهما، باعتباره جسرا للوساطة، هو خيار ذكي، فقد عرف كيف يعبر عن الواقع القائم بينهما دون محو الماضي، ودون الانحدار إلى صداقة، أو تملق مزيف، ولذلك رأى الإسرائيليون تفاصيل الزيارة بأنها كانت "جيدة الهندسة".
الخلاصة أن زيارة هرتسوغ تعتبر محاولة لاستعادة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، صحيح أن العلاقات في مجالات التجارة والسياحة بينهما قائمة، بل ومزدهرة، رغم التوتر السياسي، لكن مجالات التنسيق السياسي، والتعاون الاستخباراتي والعسكري، والصناعات الدفاعية، مسألة تتطلب إعادة تأهيلها أكثر من لقاء وزيارة بروتوكولية.