قضايا وآراء

"إسرائيل" تتوسع في العمل الخيري ودولنا تغلق دونه الباب

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
حدثني صديقي العائد للتو من مهمة صحفية على الحدود البولندية الأوكرانية عن تواجد إسرائيلي كبير في استقبال اللاجئين، مع تقديم الطعام والألعاب للأطفال، بينما لم تفلح محاولاته في العثور على جمعيات خيرية عربية أو إسلامية هناك!!

لا شك أن عدم عثوره على مؤسسات إسلامية خلال مدة تواجده لنحو أسبوعين لا ينفي وجودها، ولكن يؤكد عدم ظهورها بشكل بارز كما تظهر المنظمات التي تعتبر نفسها دولية وهي ترفع علم "إسرائيل" فقط.

وأشار إلى وجود منظمات إسلامية في العاصمة وارسو، ولكن لا تكاد تراها في النقاط الساخنة على الحدود.

يقول أحد ممثلي المنظمة اليهودية للاجئين (HIAS): على الرغم من صعوبة مشاهدة تأثير الحرب على الكثيرين، فقد اندهشت تماماً من تعبئة المجتمع اليهودي الأوروبي في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية، حيث استجابت الروابط الشعبية والخيرية والشبابية اليهودية في جميع أنحاء القارة الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وبلجيكا وسويسرا وهولندا، بأذرع مفتوحة وجهود واضحة، وأرسلت متطوعيها إلى دول أوروبا الشرقية للمساعدة في خدمة وتأمين اللاجئين على الحدود، كما ورد في موقع المؤسسة الإلكتروني.

ويتحدث عن تخصيص أربعة فنادق تملكها مؤسسات إسرائيلية في بولندا لاستضافة اللاجئين، واستوعبت 300 منهم، والعمل في هذا المجال متواصل على حدود مولدافيا وسلوفاكيا إضافة إلى بولندا.
نذكر كيف كانت مؤسساتنا الإسلامية فاعلة وحاضرة بقوة خلال تسعينيات القرن الماضي مع مأساة البوسنة، ولكن يبدو أن سياسة تجفيف منابع العمل الخيري وتقزيمه قد آتت أوكلها، ولم نعد نرى حضور المؤسسات ذات الثقل في هكذا مواقف

تقول منظمة "HIAS": "نحن كنا ملزمين بمساعدة اللاجئين لأنهم يهود، والآن نحن ملزمون بمساعدة اللاجئين لأننا يهود"، فضلا عن انتهاز ذلك لاستقطاب آلاف المهاجرين الأوكرانيين للاستقرار في مستوطنات جديدة على أراضي فلسطين المحتلة.

وعودة للمقارنة بين هذا الحضور الإسرائيلي الكبير من بوابة العمل الخيري وتراجع حضورنا الإسلامي فيه، نذكر كيف كانت مؤسساتنا الإسلامية فاعلة وحاضرة بقوة خلال تسعينيات القرن الماضي مع مأساة البوسنة، ولكن يبدو أن سياسة تجفيف منابع العمل الخيري وتقزيمه قد آتت أكلها، ولم نعد نرى حضور المؤسسات ذات الثقل في هكذا مواقف، وإن حضرت فتحت لواء مؤسسات تابعة للأمم المتحدة أو الصليب الأحمر الدولي، وعليه لا يلمس اللاجئ حضورها ولا يعرف عنها.

وليست بعيدة عنا قصص دفع التبرعات الهائلة التي جمعت لأهلنا في سوريا عبر بوابة الهلال الأحمر التابع لنظام بشار الأسد، ولك أن تستنتج وحدك كيف تم صرفها بعد ذلك.

في الوقت الذي تتخلى به مؤسسات خيرية إسلامية عن اسمها وجلدها لصالح مسميات إنسانية مجردة، نجد "إسرائيل" تدعم بقوة حضور مؤسسات بصبغة دينية يهودية بحتة تقدم باسمها المساعدات.
نحن بحاجة لتحرك المؤسسات الخيرية الإسلامية ذات الصفة المستقلة والمتواجدة في عدة دول غربية لملء هذه الثغرة، مع ضرورة تضافر جهودنا جميعا بدعمها والتبرع لها بأقصى ما نستطيع حتى تؤدي دورها بالشكل المطلوب

وعليه يزداد حضور المؤسسات الخيرية الداعمة لـ"إسرائيل" أو الصديقة لها بينما يضيق الخناق على الجمعيات والمراكز الإسلامية، وقد شهد عام 2021 إغلاق 131 مؤسسة خيرية في السودان وحده، وبدلا من القضاء على الفقر في السودان تم القضاء على المؤسسات الخيرية الداعمة للفقراء بذرائع واهية.

إن جريمة المسؤولين في بلادنا العربية مضاعفة بتضييق الباب على للعمل الخيري الإسلامي وربط التبرعات بمنظمات أممية ذات مصاريف إدارية عالية، بينما يُفتح على مصراعيه لـ"إسرائيل" والمنظمات اليهودية.

وعليه فنحن بحاجة إلى تحرك المؤسسات الخيرية الإسلامية ذات الصفة المستقلة والمتواجدة في عدة دول غربية لملء هذه الثغرة، مع ضرورة تضافر جهودنا جميعا بدعمها والتبرع لها بأقصى ما نستطيع حتى تؤدي دورها بالشكل المطلوب.
التعليقات (0)