اقتصاد عربي

سوريا.. من الاكتفاء الذاتي إلى الانهيار التام

أصبح نحو 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر المدقع - جيتي
أصبح نحو 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر المدقع - جيتي

فقدت سوريا خلال السنوات الماضية ميزة "الاكتفاء الذاتي" التي كانت تتمتع بها، كما أصبح نحو 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر المدقع، نتيجة استمرار الحرب التي دمرت نحو ثلثي موارد البلاد.

وتقدر خسائر الاقتصاد السوري منذ عام 2011 بأكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010، فيما بلغت نسبة دمار البنية التحتية 40 بالمئة، كما أن إنتاج النفط الخام تراجع من 400 ألف برميل يوميا إلى أقل من 30 ألف برميل، وفق تقرير صادر عن "نقابة عمال المصارف" في العاصمة السورية دمشق.

وشهد الاقتصاد السوري استقرارا نسبيا قبل الحرب، وكانت الزراعة تحتل مكانة مركزية، حيث مثلت 19% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وأسهمت في تشغيل 26% من مجموع السكان العاملين في عام 2011، وفق منظمة "الفاو".

وقال الخبير والمستشار الاقتصادي، أسامة القاضي، إن سوريا كانت تتمتع بـ"اكتفاء ذاتي زراعي"، لكن البلاد كانت تعاني من مشاكل كبيرة في توفير الطاقة الكهربائية والغاز.

وأكد في حديث لـ"عربي21"، أن سبب انهيار الاقتصاد السوري يرجع إلى سوء إدارة النظام للأزمة في البلاد، موضحا أن المشكلة في سوريا كانت بإدارة النشاط الاقتصادي وعدم استثمار مداخيل النفط بشكل جيد فضلا عن دخولها بوقت متأخر في موازنة الدولة، فضلا عن الفساد الكبير في معظم جنبات القطاع العام.

وأوضح أن ناتج الدخل القومي لسوريا قبل عام 2011 كان ضعيفا ويقدر بـ 64 مليار دولار، وهذا الرقم لا يتناسب مع بلد لديه اكتفاء ذاتي فيما يتعلق بالزراعة وما ينتج عنها.

واستعرض الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21"، والتي تمثلت بسوء أداء النظام مع الشعب السوري، حيث خسر السوريون الموارد البشرية والعمال والأراضي الزراعية بسبب عمليات التهجير والنزوح.

وبين أن دخول الجيوش الأجنبية وتقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ قطع شرايين الاقتصاد السوري حيث لم يعد يوجد إدارة مركزية، كما أن الموازنة العامة أصبحت ضعيفة، بسبب حرمانها من الموارد النفطية والزراعية.

وشدد على أن الأداء الهزيل للنظام السوري، زاد من انهيار الاقتصاد، حيث عمل النظام على منع رجال الأعمال والصناعيين من تداول العملات الأجنبية، ما عطل الصناعة والتجارة في سوريا.

ورأى أن الحرب بين القصر الجمهوري ورامي مخلوف ابن خال رئيس النظام بشار الأسد، نفر ما تبقى من رجال الأعمال حتى المقربين من السلطة، وأصبح هناك هبوط هائل في العرض.

ونبه إلى أن الاقتصاد الحالي الآن في سوريا هو أقل من 10 بالمئة من نشاطه الحقيقي وهناك شبه شلل في الاقتصاد السوري، مؤكدا أن ثبات سعر الصرف "وهمي" وفي أي لحظة يتم فيها تعويم الليرة فهي ستنهار ويمكن أن تتجاوز 10 آلاف ليرة للدولار الواحد.

وتابع: "النظام يثبت سعر العملة بالقبضة الأمنية.. وإذا أراد النظام تنشيط الاقتصاد يجب أن يلغي المرسوم رقم 3 لعام 2020 وهو ما لن يحصل، لأنه يحتاج للقطع الأجنبي، ما يزيد من الضغط على الاقتصاد السوري.

وأكد أن الوضع في سوريا ينجه للأسوأ، مشيرا إلى أن الموازنة السورية لعام 2022 كانت 13.3 تريليون ليرة سورية، لكنها الأصغر بتاريخ سوريا منذ استقلال البلاد، لأن الموازنة لا تتجاوز 3 مليار دولار في القيمة الحقيقية للعملات الصعبة

صعوبات في مناطق المعارضة

وقال عبد الحكيم المصري، وزير الاقتصاد في "الحكومة السورية المؤقتة" المعارضة، إن الصعوبات التي تشهدها مناطق شمال غرب سوريا كبيرة ومتعدة، أبرزها البطالة والتي أثرت على انخفاض مستوى الدخل بشكل كبير، إضافة إلى عدم وجود بنية تحتية بشكل كاف، وعدم اعتراف الدول بالوثائق الرسمية الصادرة عن مؤسسات الثورة، مثل شهادات المنشأ وإجازات الاستيراد.

وشدد في حديثه لـ"عربي21" على أن الطريقة الوحيدة لعودة عمل الاقتصاد السوري هي رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أن سوريا بلد كان لديها كفايتها من المواد الاستراتيجية وخاصة الزراعية.

وأشار إلى أن سوريا بعد 11 عاما من الثورة تراجعت حول 90 سنة وفق المؤشرات المالية والاقتصادية، حيث فقدت الليرة السورية أكثر من 98 بالمئة من قيمتها، وأصبح الوضع المعيشي في كافة المناطق السورية منهار تماما.

ولفت إلى أن سوريا تحتاج إلى 450 مليار دولار لعملية إعادة الإعمار، وفق التقديرات الأممية، موضحا أن الدعم الدولي لإعادة إمار البلاد متوقف حتى الوصول إلى حل سياسي، ما يعني رحيل النظام السوري.

 

وبحسب تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، فإن 82 بالمئة من الأضرار الناجمة عن الحرب بسوريا، تراكمت في 7 قطاعات تعد الأكثر تطلبا لرأس المال، هي الإسكان والتعدين والأمن والنقل والصناعة التحويلية والكهرباء والصحة.

التعليقات (0)