قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إنّ افتتاح السلطات
الدنماركية عيادات طبية جديدة مخصصة لعلاج اللاجئين الأوكرانيين دون غيرهم يبرز بوضوح المعايير المزدوجة والسياسات
التمييزية التي تمارسها ضد اللاجئين غير البيض.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الإثنين أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، أنّ إقليم "هوفدستادن" (منطقة العاصمة الدنماركية كوبنهاغن والمناطق المحيطة بها) قد أنشأ بالتعاون مع جمعية الأطباء العامين أربع عيادات طبية مخصصة فقط لعلاج العدد المتزايد من اللاجئين الأوكرانيين القادمين للبلاد.
وافتُتحت أولى تلك العيادات الأسبوع الماضي في "نوريبرو" (إحدى مقاطعات كوبنهاغن) وستبدأ الثلاث الأخريات العمل في الأيام المقبلة، حيث يتم تقديم الخدمات باللغة الإنجليزية أو بمساعدة مترجمين فوريين عند الضرورة.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أن ما تقوم به الحكومة الدنماركية يتناقض بشكل واضح مع هدف "صفر طالبي لجوء" الذي ردّدته رئيسة الوزراء الدنماركية "مته فريدريكسن" مرارًا وتكرارًا، لافتًا إلى أنّ تفضيل المواطنين الأوكرانيين يؤكد أنّ المشكلة لا تكمن في تدفق الوافدين الجدد بل في جنسيتهم وعرقهم.
ونظرًا لأن الدنمارك ليست ملزمة بتوجيه الاتحاد الأوروبي للحماية المؤقتة، فقد أقرت الشهر الماضي قانونًا خاصًا لتسهيل حصول الأوكرانيين الفارّين من الحرب على الإقامة المؤقتة والعمل.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الأشخاص من خارج الاتحاد الأوروبي الذين لم يتم اتخاذ قرار بشأن طلبات إقامتهم، لا يمنحون عادة الحق في الحصول على الرعاية الصحية بشكل تلقائي، بل يضطر بعضهم للجوء إلى تأمين صحي خاص خلال مدة الانتظار، لكن رئيس المجلس الإقليمي لإقليم "هوفدستادن"، "لارس غاردهوج"، قال إنّ البلاد هذه المرة تريد "مساعدة الأوكرانيين المصابين بأمراض منخفضة الخطورة" وإن السلطات "بحاجة إلى أن تستعد بحلول أكثر متانة" في ضوء التوقعات بقدوم الآلاف من أوكرانيا.
وكان
اللاجئون الأوكرانيون حتى الأسبوع الماضي يحصلون على الرعاية الطبية الطارئة فقط، ولكن وزارة الصحة الدنماركية في 13 أبريل/ نيسان أجرت تعديلًا أتاحت بموجبه للأوكرانيين تلقّي العلاج عند طبيب عام أثناء معالجة طلباتهم.
والدنمارك الدولة الأولى والوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي ألغت تصاريح الإقامة الخاصة باللاجئين السوريين، وقد تُعيدهم إلى سوريا بزعم أنّها لم تعد مكانًا خطيرًا.
وفي عام 2021، منحت الدنمارك الحماية لـ 3٪ فقط من إجمالي اللاجئين الأفغان الذين طلبوا اللجوء هناك. كما أقرّت قانونًا لترحيل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة غير معروفة في أفريقيا لمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم واستضافتهم هناك، إذ بات من الواضح أنّ الدنمارك تحدد مكان ومستوى عيش اللاجئين وطالبي اللجوء بناء على بلدهم الأصلي.
وتحتفظ وزارة النقل والبناء والإسكان الدنماركية منذ عام 2010 بقائمة مناطق "الغيتو" ـ وهي قائمة تضم مناطق الإسكان العامة التي، وفقًا للسلطات، تعاني من مشاكل اجتماعية ويكون أغلب سكانها من "الأعراق غير الغربية" ـ التي تفرض عليها حزمة من
السياسات التمييزية.
وعلى عكس ذلك، أعفت الدنمارك اللاجئين الأوكرانيين من "قانون المجوهرات" المثير للجدل، والذي يسمح للسلطات بمصادرة المقتنيات الثمينة الخاصة بالمهاجرين لدفع تكاليف استقبالهم وإقامتهم، ولكنها ما تزال تطبقه على طالبي اللجوء القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت "ميكيلا بولييزي"، باحثة شؤون اللجوء والهجرة في الأورومتوسطي: "هذا ليس وضعًا غير طبيعي كما وصفته السلطات الدنماركية. إنّ غير الطبيعي هو المعاملة التفضيلية للاجئين الأوكرانيين في مقابل السياسات التمييزية تجاه اللاجئين غير البيض مثل السوريين والأفغان".
وأضافت أنّ "جهود الدنمارك لرعاية اللاجئين الأوكرانيين ستكون نبيلة فعلاً إذا لم تحرم جميع اللاجئين الآخرين من حقوقهم الأساسية".
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الدنماركية إلى ضمان تطبيق المساواة في الحصول على الرعاية الصحية لجميع اللاجئين وطالبي اللجوء بغض النظر عن العرق أو الدين أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو وضع الهجرة، مع الأخذ في الاعتبار ارتباط الحالة الصحية بقضايا الكرامة والتمييز والعدالة والمشاركة، والوفاء بحظر التمييز، وضمان ألا تكون سياسات الهجرة تميّز بين الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني.
وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات الدنماركية على التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990، واحترام القانون الأوروبي، لا سيما توجيه المجلس 2000/43/EC الذي ينص على مبدأ المساواة في المعاملة بين الأشخاص بغض النظر عن الأصل العرقي أو الإثني، والمادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حظر التمييز.
وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات الدنماركية بالامتثال لتطبيقات القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما لجنة القضاء على التمييز العنصري في توصيتها العامة رقم 30 بشأن غير المواطنين، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 14 بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه.