هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش 17 فردا من أسرة الفلسطيني محمد نجاجرة، وأسرتي والده وشقيقه، في مساكن بدائية وكهوف بأرض خاصة، ورثوها عن أجدادهم في قرية "المركز" إلى الشرق من بلدة يطّا، في الخليل جنوب الضفة المحتلة.
واليوم، بات أفراد الأسر الثلاث، ونحو 1200 فلسطيني، يعيشون في 12 قرية، تقع في منطقة مَسافر يطّا، عرضة للتهجير بعد رفض محكمة الاحتلال العليا، الأربعاء الماضي، التماسا ضد ترحيلهم.
وندّد نجاجرة في حديث للأناضول، بقرار المحكمة، وقال إنه يهدف إلى "ترحيل السكان قسرا من أرض ورثوها أبا عن جد".
وأضاف أنه وعائلته يعيشون "حالة ترقب وخوف؛ خشية إقدام الاحتلال على مداهمة التجمع وتنفيذ عملية التهجير".
وأكد: "لن نعترف بقرار المحكمة، نحن هنا ولن نرحل من أراضينا الخاصة، لا يوجد لنا بديل".
والأربعاء، أصدرت محكمة الاحتلال العليا قرارها برفض التماس ضد ترحيل السكان في قضية منظورة أمامها منذ نحو عقدين، ولم يتحدد موعد تنفيذ القرار.
وقالت المحكمة في حكمها؛ إن السكان الفلسطينيين "لم يكونوا مقيمين بشكل دائم في المنطقة عندما بدأ الجيش إعلانها منطقة تدريب على إطلاق النار في الثمانينيات"، من القرن الماضي.
لكنّ السكان وجماعات حقوقية، ومنها مؤسسات إسرائيلية، ينفون ذلك، ويقولون؛ إن العائلات الفلسطينية كانت تقيم بشكل دائم منذ ما قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967.
ومنذ عام 2000، تقدم جيش الاحتلال بقضية لإجلاء السكان من 12 تجمعا، بدعوى أنها مناطق "تدريب وإطلاق نار"، مدعيا أن المنطقة كانت غير مأهولة قبل 1980، وهو ما ينفيه الفلسطينيون.
وقال نضال يونس، رئيس مجلس محلي مَسافر يطّا؛ إن القضية تعود إلى عام 2000، وتتعلق بالاعتراض على قرار ترحيل سكان 12 قرية فلسطينية، وتحويل أراضيها إلى "مناطق إطلاق نار".
وأضاف للأناضول، أن الالتماس تقدم به عدد من سكان تلك التجمعات، ومنظمات حقوقية ضد تهجير السكان، وكانت أولى جلسات للمحكمة في 29 آذار/مارس 2000، وآخرها في 15 أذار/مارس الفائت، وصدر قرارها الأربعاء الماضي، برفض الالتماس.
اقرأ أيضا: تخوف إسرائيلي من اندلاع انتفاضة فلسطينية خارجة عن السيطرة
وأكثر ما يخشاه المسؤول الفلسطيني، أن تشرع إسرائيل في تنفيذ أوامر هدم، صدرت خلال فترة التقاضي، بحق منازل ومنشآت أخرى، بينها مدارس وعيادة صحية، تم تجميدها بسبب وجود الالتماس.
وأوضح المسؤول المحلي أنه "لا فرص الآن أمام السكان في المحاكم الإسرائيلية، والأنظار تتجه إلى التحرك السياسي والمحكمة الجنائية الدولية".
وأشار يونس إلى أن ترحيل السكان يعني أيضا "تهديد مصدر رزق الذين يعملون في الزراعة والرعي على مساحة 35 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) ذات ملكية خاصة، ويمتلكون عشرات الآلاف من رؤوس الأغنام".
وتابع أن وضع اليد على تلك المساحات، يعني "استباحتها من قبل الجيش الإسرائيلي، وتدميرها وتسليمها لاحقا للمستوطنين".
ولفت إلى وجود 4 مدارس في التجمعات المهددة، بها نحو 200 طالب وطالبة، معربا عن أمله في تدخل المؤسسات الدولية لمنع عملية التهجير.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية؛ إنها تتحرك على المستويات كافة لنقل صورة ما يجري جنوبي الخليل، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى سرعة التحقيق في "جرائم الاحتلال".
وقال مستشار وزير الخارجية، أحمد الديك للأناضول؛ إن القرار الإسرائيلي "يثبت أن ما تسمى بمنظومة القضاء والمحاكم في دولة الاحتلال، هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه".
وأضاف أن تلك المحاكم "بُنيت وصممت لخدمة مصالح إسرائيل الاستعمارية التوسعية على حساب الأرض الفلسطينية".
وشدد على مواصلة فلسطين "العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، ومجلس حقوق الإنسان وجميع المنظمات الدولية المختصة لوضع حد لتغوّل الاحتلال".
وأعرب عن استغرابه من "صمت المحكمة الجنائية الدولية التي أخذت قرارا بوجود شبهات بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة، لكنها لم تقدم على خطوة عملية واحدة لبدء تحقيقاتها في تلك الجرائم".
وطالب الديك، المدعي العام للمحكمة بـ "البدء فورا، بهذه التحقيقات، وصولا إلى مساءلة ومحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين".
وأشار إلى أن الخارجية أوعزت للبعثات الدبلوماسية وسفراء فلسطين "للتحرك الفوري لدى وزراء خارجية الدول المضيفة، والمسؤولين الأمميين لفضح هذا الانتهاك، وتوضيح المخاطر الحقيقية التوسعية العنصرية التي تتهدد مَسافر يطّا".
والخميس، قال المجلس النرويجي للاجئين (مؤسسة دولية حقوقية غير حكومية تنشط بالضفة الغربية)؛ إن قرار محكمة الاحتلال "يُمهّد الطريق للتهجير القسري لمئات الفلسطينيين".
وتابعت في تصريح مكتوب: "يحاول الجيش الإسرائيلي طرد الفلسطينيين من مَسافر يطّا منذ 40 عاما على الأقل، بعد تصنيف 7400 فدان من الأراضي الزراعية الفلسطينية الواقعة بملكية خاصة، على أنها (منطقة إطلاق نار)".
واستنادا إلى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فقد هدمت السلطات الإسرائيلية أو صادرت 217 مبنى فلسطينيا في "منطقة إطلاق النار" منذ 2011، ما أدى إلى تهجير 608 فلسطينيين.