هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت صحيفة "فايننشال تايمز" قضية العداء للاجئين السوريين لحسابات سياسية داخلية لها علاقة بالانتخابات المقبلة والتي ستعقد في حزيران/ يونيو 2023.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن التضخم ومحاولات بعض الأحزاب التركية الحصول على أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة، زادت من حدة العداء لحوالي أربعة ملايين لاجئ سوري بدرجة يقول المحللون إنها وصلت إلى "نقطة الغليان".
والأسبوع الماضي، ظهر فيديو تحريضي على منصات التواصل الاجتماعي صور مدينة إسطنبول بالمستقبل وعام 2043، وكأنها متهالكة وخطيرة. وقدم معلق خيالي، صورة عن ما آل إليه حال الأتراك بسبب سيطرة العرب على المدينة.
وفي مقطع الفيديو "بشتكي طبيب تركي طامح للعمل في مهنته، وأصبح منظفا في المستشفى، إلى والديه، أن التحدث بالتركية أصبح ممنوعا لأن طاقم المستشفى والمرضى لا يتحدثون سوى العربية".
وشاهد الفيلم الذي حمل عنوان "الغزو الصامت" وكلف بإعداده وموله السياسي المتطرف أوميت أوزداغ، مليونا شخص في اليوم الأول الذي بث فيه.
وتقول الصحيفة إن اهتمام أوروبا انحرف نحو اللاجئين القادمين من أوكرانيا بسبب حرب بوتين فيها، ولكن التوتر زاد في تركيا بسبب النزاع الطويل في سوريا الذي مضى عليه 12 عاما. واستضافت تركيا، وهي دولة من 85 مليون نسمة نحو 3.7 مليون لاجئ سوري ومئات الآلاف من اللاجئين الأفغان.
وظل وجود اللاجئين مصدرا للتوتر. ولكن المصاعب الاقتصادية والانتخابات المقررة في حزيران/ يونيو 2023 زاد من الوضع الصعب لهم، ووصل كما يقول المحللون إلى "نقطة الغليان".
اقرأ أيضا: التحريض ضد اللاجئين بتركيا.. تغذية للكراهية لحسابات انتخابية
وقال عمر كادكوي، المحلل في معهد "تيباف" بأنقرة: "ربما قاد إلى عنف بين المجتمعات المضيفة والسوريين". وقال كادكوي، السوري الأصل، إن المناخ الحالي في تركيا "عدواني" و"متوتر" تجاه اللاجئين. وليس غريبا تزامن المخاوف من اللاجئين مع المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد، فقد وصل التضخم إلى 70% في نيسان/ إبريل. وأضافت الانتخابات القادمة إلى الجو المشحون، ما جعل اللاجئين الهدف المناسب للساسة المتنافسين على أصوات الناخبين. ومن بينهم أوزداغ العضو السابق في عدد من أحزاب اليمين المتطرف وجذب الانتباه بسبب لهجته القاسية من المهاجرين ومنشوراته على منصات التواصل التي تستهدف مهاجرين بأعينهم.
وأعلن أوزداغ في العام الماضي عن حزبه الجديد بوعد إرسال كل المهاجرين من حيث جاءوا وبالقوة إن اقتضى الأمر. ورغم استبعاد المحللين فوز "حزب النصر" الحصول على أصوات كثيرة، إلا أن الخطاب المعادي للمهاجرين بات يؤثر على مواقف الأحزاب الرئيسية في تركيا. وأعلنت الأحزاب الكبيرة عن تعهدات بإرسال السوريين إلى بلادهم. ولكن مقترحاتهم ليست أخلاقية فقط ولكنها غير واقعية كما يقول الخبراء.
وزعم كمال كليتشدار أوغلو، قائد أكبر حزب معارض في تركيا، أن كل اللاجئين السوريين سيعودون "طوعا" حالة فوز حزبه "الشعب الجمهوري". ويقول إنه سيحصل على ضمانات من بشار الأسد، الديكتاتور الذي فر من قمعه اللاجئون، بتأمين العودة الآمنة لهم، وهي فكرة يرى المحللون أنها خطيرة وخيالية.
وفي الوقت ذاته أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دافع عن سياسته باستضافة اللاجئين السوريين ووصفهم بـ"الإخوة والأخوات" في الأسبوع الماضي، عن خطة لبناء مئة ألف منزل في شمال سوريا قد تقنع مليون سوري بالعيش فيها.
اقرأ أيضا: تركيا ترد على "الغزو الصامت" وتكشف عدد اللاجئين السوريين
إلا أن نيغار غوسيكل، مديرة برنامج سوريا في مجموعة الأزمات الدولية ذكرت أن هناك نظرة مختلفة بشأن عودة اللاجئين السوريين، متسائلة: "من سيغادر طوعا الأماكن المتوفرة فيها الاحتياجات الأساسية إلى أماكن من المحتمل عدم توفرها؟". وقالت إن التعهد بإرسال السوريين إلى بلادهم ليس حلا بل إنه "سيرفع من توقعات الرأي العام ولن يتم الوفاء بها".
وتساءلت الصحيفة عن موقف الاتحاد الأوروبي الذي يتهمه الكثيرون في تركيا بمعاملة بلادهم "كمخزن" للاجئين بعد اتفاقية بـ 6 مليارات يورو بين أردوغان وأوروبا عام 2016 لوقف تدفق المهاجرين. ويناقش كادكوي أن على الكتلة الأوروبية النظر إلى ما يجري في البلد وتسريع دفع 3 مليارات يورو جديدة أعلن عنها العام الماضي.
وفي السنوات الماضية عززت دول الاتحاد الأوروبي من حدودها إلا أن كادكوي يعتقد بمحاولة الكثيرين الدخول إلى أوروبا من خلال المهربين وعبور بحر إيجة كما فعل مئات الآلاف عام 2015. وقال إن الظروف وضعت السوريين بين المطرقة والسندان و"غالبيتهم لا يريدون العودة إلى سوريا. وازداد شعورهم بالرفض في تركيا، وربما يحاولون البحث عن جهة آمنة، وبالنسبة لمعظم السوريين، فهذه ستكون أوروبا".