سياسة تركية

كيف تعاطى السياسيون الأتراك مع قضية إعادة السوريين؟

أردوغان أكد أن أبواب بلاده مفتوحة أمام السوريين وستواصل استضافتهم- جيتي
أردوغان أكد أن أبواب بلاده مفتوحة أمام السوريين وستواصل استضافتهم- جيتي

تفاعل الشارع التركي مع قضية اللاجئين السوريين بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية، ما دفع معظم السياسيين وقادة الأحزاب في البلاد للإدلاء بتصريحات توضح موقفهم تجاه مشكلة اللاجئين وخاصة السوريين في تركيا.

وازداد صخب قضية اللاجئين عقب حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن خطة لإعادة مليون لاجئ سوري "طوعيا"، إلى 13 منطقة في الشمال السوري، حيث سيقدم لهم منازل إسمنتية وبنية تحتية توفر جميع الخدمات الأساسية.

وفسر عدد من المحللين بأن تصريحات أردوغان، تعتبر بداية مرحلة التخلي عن اللاجئين السوريين، وبداية للتطبيع مع النظام السوري.

لكن الرئيس التركي، أعاد تمسكه بقضية اللاجئين في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى الـ 32 لتأسيس جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك "موصياد"، حيث أكد أن بلاده "لن ترمي اللاجئين السوريين في أحضان القتلة"، مشيرا إلى أن "أبواب بلاده مفتوحة أمام السوريين، وستواصل استضافتهم".

وزير الدفاع التركي، لم يكن بعيدا عن قضية اللاجئين في بلاده، حيث أعرب عن رفضه لإقحام اللاجئين السوريين في القضايا السياسية التركية الداخلية، مطالبا بعدم تحويل ملف السوريين إلى ورقة محورية للبرامج الانتخابية لبعض الأحزاب المعارضة.

وقال آكار خلال زيارة تفقدية للوحدات العاملة على الخط الحدودي مع سوريا، إن أكثر من مليون سوري قتل خلال السنوات الـ11 الماضية، وترك نحو 7 ملايين سوري أراضيهم ومنازلهم مجبرين، إضافة إلى وجود 3 ملايين و700 ألف لاجئ سوري داخل تركيا.

وأشار إلى أن بلاده تبذل جهودا لتهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين، وفقا لمعايير الأمم المتحدة، مضيفا: "السوريون الذين اضطروا إلى الهجرة إلى بلدان مجاورة، منها تركيا، سيعودون عندما يتأكدون من سلامتهم، وإن بعضهم يحاول الهروب من اضطهاد النظام والمنظمات الإرهابية وإنقاذ أرواحهم".

 

اقرأ أيضا: ما تفاصيل مشروع أردوغان لإعادة مليون لاجئ إلى سوريا؟

 

تغيّر في خطاب المعارضة

وفي خطوة مفاجئة، ردت رئيسة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، كنعان كفتانجي أوغلو، على تصريحات زعيم المعارضة كليتشدار أوغلو، حول إعادة السوريين بالطبل والزمر.

وأكدت المسؤولة في أكبر أحزاب المعارضة التركية، أنه لا يمكن إرسال جميع اللاجئين، مضيفة: "من السهل القول عندما نصل إلى السلطة، سنرسل كل السوريين، لكن لا صحة في ذلك. مثل هذا الوضع مخالف لقواعد القانون العالمي".

المنطقة الآمنة قبل عودة اللاجئين

رئيس حزب الاتحاد الكبير، مصطفى ديستيسي، أكد أنه يجب النظر إلى قضية اللاجئين في الوقت الحالي من جهة إنسانية وأخلاقية وقانونية، مشيرا إلى أن الحكومة التركية تعمل بشكل جيد لتهيئة عودة اللاجئين، بعد إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا.

وأضاف: "القرى الجديدة سيتم تشكيلها بتمويل من منظمة التعاون الإسلامي ودول الخليج.. وتركيا لن تنفق أي أموال".

العنصرية لا تجتمع مع السياسة

رئيس الوزراء التركي الأسبق، ورئيس حزب المستقبل المعارض، أحمد داوود أوغلو، أكد أن قضية اللاجئين، لا يمكن أن يتم حلها من خلال تأجيجها، مشددا على أن "العنصرية لا يمكن أن تجتمع مع السياسة".

وأشار داوود أوغلو، إلى أن مشكلة اللاجئين تحولت إلى مشكلة اجتماعية في تركيا، وهو ما بدا واضحا في تصريحات وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، تجاه زعيم حزب "النصر" أوميت أوزداغ، حين وصفه بأنه "أقل من الحيوان".

وأوضح أن تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا ازداد بعد سقوط مدينة حلب وتهجير آلاف السوريين، إضافة إلى فشل العملية السياسية في سوريا، معتبرا أن تركيا يجب أن تقود الطريق لبدء حقبة جديدة في سوريا.

 

بولنت يلدريم: يجب أن نتكاثف في وجه الحملات العنصرية ضد اللاجئين

 

رئيس جمعية الإغاثة التركية "IHH" بولنت يلدريم، تحدث عن حملة العنصرية ضد اللاجئين السوريين، وأوضح أن هذه الحملات السلبية ضد المهاجرين تستهدف تركيا.

 

وتابع: "لأننا بشر والإنسان يهتم بمساعدة الإنسان، ويسعى في مساعدة من هم في ظروف صعبة ويدعمهم، وتركيا نقطة عبورة لجميع الشعوب، ومن الطبيعي أن نرى هناك من يريد العبور إلى أوروبا ومن يريد البقاء في تركيا".

 

وأضاف أن الحكومة التركية سمحت ببقاء البعض منهم الذين حصلوا على بعض الحقوق، ومنهم من تزوج وعمل وساهم في بناء تركيا".

 

وقال: الحملات العنصرية الأخيرة أضرت بالناس والمهاجرين أيضا، ويجب علينا أن نقف بكل ما أتينا ضد هذه الحملات، والمطلوب من الأحزاب السياسية إيقافها، ولو استمر العنصريون بهذه الحملات وتعرض أحد ما لضرر بسببها فلن نستطيع ثمن ما سيحدث، لأنهم لجؤوا إلينا ونحن لجأنا سابقا إليهم".

 

 

 

 

 

اقرأ أيضا: التحريض ضد اللاجئين بتركيا.. تغذية للكراهية لحسابات انتخابية

خطة انقلاب تستغل اللاجئين

وتحدثت صحيفة "تركيا" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، عن خطة "انقلاب" تعتمد على استغلال الوضع الاقتصادي، وموجة العداء والاستفزاز ضد اللاجئين وإثارة الفوضى في البلاد، بهدف الإطاحة بالحكومة التركية.

وقالت مصادر أمنية للصحيفة، إن الخطة يتم التحضير لها منذ عامين، وخصص مبلغ 60 مليون دولار لتنفيذها، حيث تم اختيار غازي عنتاب وكيليس وهاتاي وشانلي أورفا ومرسين وأضنة، كولايات تجريبية لتنفيذ أعمال التحريض والاستفزاز.

وأشارت المصادر الأمنية إلى أن الركيزة الأخرى للإجراءات الاستفزازية سوف تكون في سوريا، من خلال شن حملات ضد تركيا في العديد من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، مثل جرابلس وإعزاز وعفرين، بهدف إخراج الناس إلى الشوارع ضد تركيا.

عودة طوعية

وفي وقت سابق، تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن مشروع يجري الإعداد له يسمح بعودة طوعية لمليون لاجئ سوري إلى المناطق الآمنة في شمال سوريا، ما يثير التساؤلات حول تفاصيل هذا المشروع والفئات التي سيتضمنها، والجهات التي تشرف عليه.

وسينفذ المشروع في 13 منطقة على رأسها إعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين، بالتعاون مع المجالس المحلية في تلك المناطق.

ولفت الرئيس أردوغان، إلى أنه تم إنجاز 57 ألفا و306 منازل في الشمال السوري، حتى اليوم، ضمن الحملة الرامية لبناء 77 ألف منزل، بدعم من منظمات مدنية وتنسيق من إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد".

ويرى مراقبون بأن مسألة "اللاجئين السوريين" والتي تثار من المعارضة، وحالة الاحتقان في الشارع التركي تعد أحد الموضوعات التي سيكون لها تأثير على الانتخابات التي ستجرى في حزيران/ يونيو 2023.

صحيفة "صباح" أشارت إلى أن مشروع عودة اللاجئين يتضمن ثماني مراحل، من خلال إقامة تجمعات سكنية تتوزع جغرافيا على 13 منطقة في المناطق الآمنة الخاضعة لسيطرة القوات التركية في الشمال السوري.

ويبدأ مشروع العودة الطوعية للاجئين، من المدن الكبرى المكتظة بالسوريين، مثل أنقرة وإسطنبول وقونية وأضنة وغازي عنتاب.

كما سيتم تقديم طلبات الدعم من جهات تمويل محلية أو أممية، بما في ذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ومن بين المؤسسات والمنظمات التي ساهمت بالمشروع جمعية حجر صدقة (Sadaka Taşı) التركية، وجمعية دنيز فنري، ووقف الديانة التركي، ووقف عزيز محمود هداية، وجمعية يدي باشاك "السنابل السبع" الإنسانية، وجمعية قيام دير، وجمعية فاتح التركية، وجمعية بشير.

الخطوة التركية ليست جديدة، بل جرى الحديث عنها سابقا، حيث بدأت تركيا ببناء منازل الطوب بإشراف منظمات غير حكومية تركية عام 2020.

وفي حديث سابق لـ"بي بي سي" بالنسخة التركية، ذكر مسؤول تركي يعمل في المشروع السكني بإدلب، بأن "أفاد" ستجتمع مع المجالس المحلية في المنطقة لتحديد الفئات التي ستقطن تلك المنازل.

وستشكل المجالس المحلية قائمة بالأشخاص الذين يمكنهم البقاء في تلك المنازل، وسيتم الإقرار عليها من خلال "أفاد" وكذلك سمؤولي المخابرات والأمن، وبعبارة أخرى سيتم اتخاذ القرار النهائي من قبل السلطات التركية.

ووفق "بي بي سي" التركية، ذكر مسؤولون أتراك أن الأولوية ستكون لعائلات مقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا والذين فقدوا أرواحهم في الحرب، إلى جانب المسنين الذين يعيشون مع أحفادهم في الخيام.

وأشار مسؤول تركي إلى أن الغرض من بناء المنازل في المقام الأول موجه للرأي العام التركي الذي يعرب عن قلقه من تزايد تدفق اللاجئين للبلاد.

التعليقات (0)