قضايا وآراء

اغتيال الشهود.. سياسة الاحتلال لتغييب الحقيقة

أمين خالد بركة
1300x600
1300x600
لا يكف الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه بحق الصحفيين، وهو بصورة مقصودة يحاول إسكات الحقيقة لإخفاء انتهاكاته وجرائمه التي يرتكبها يومياً بحق نحو سبعة ملايين فلسطيني يعيشون في القدس والضفة وقطاع غزة والداخل الفلسطيني المحتل.

ولأن دولة الاحتلال تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي الإنساني الذي يُفترض وفقا لما وضُع له أن يكون جدارا حاميا للصحفيين ويوفر السلامة لهم، وتنتهك دون حسيب ولا رقيب ما يحلو لها، فإن جرائمها بحق الصحفيين الفلسطينيين زادت إلى حد لا يمكن وصفه؛ فآخر الإحصائيات تقول إن هنالك 55 شهيداً صحفياً منذ عام 2000، في حين هناك العشرات من الانتهاكات الشهرية التي تُسجل بحق الصحفيين ما بين إطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز بشكل مباشر والاعتداء بالضرب والتهديد والاعتقال وقصف المقرات الصحفية. وليس أدل على ذلك مما حدث في معركة سيف القدس العام الفائت التي شهدت قصف 33 مقراً صحفياً في قطاع غزة، منها ما دُمر تدميرا كليا كبرجي الجلاء والشروق اللذين يضمان عشرات المكاتب الإعلامية الدولية.

واليوم يثبت الاحتلال الإسرائيلي للعالم أجمع أن استهداف الصحفيين عقيدة راسخة لديه من خلال تعمّده قتل الصحفية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة قنصاً، وذلك خلال تغطيتها اقتحامه لمدينة جنين. وقد حاول باستمرار وفي أحداث مختلفة استهدافها وزملاءها ومحاولة منعهم من تغطية اعتداءاته، لا سيما في مدينة القدس المحتلة.

وشهدت عملية اغتيال أبو عاقلة موجة عالمية من الإدانات والمطالبات بإجراء تحقيق شفاف في ملابسات اغتيالها، لكن الاحتلال لم يكترث كثيراً لهذه المطالبات، وتنصل في البداية من جريمته وقدم روايات مختلفة بدأها بتحميل المقاومين الفلسطينيين مسؤولية قتلها، لكن أمام الوقائع وشهادات الشهود ادعى الاحتلال في آخر روايته أن جنديا مسلحا ببندقية بعدسة تلسكوبية أطلق النار على أبو عاقلة من على بعد نحو 190 مترا وقد يكون أصابها، الأمر الذي عُد بأنها محاولة لتبرئه الجندي الإسرائيلي القاتل، وإيهام العالم أن ما حدث لم يكن مقصودا.

جريمة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة وما تبعها من قمع المشاركين في تشييعها ومحاولة منع رفع العلم الفلسطيني في جنازتها؛ تثبت بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام محتل مجرم ولا يوجد لديه أدنى نية للامتثال للمطالبات الدولية التي تتصاعد في وجهه صباح مساء؛ تطالبه بإجراء تحقيق شفاف في اغتيال فارسة الصحافة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والتوقف عن استهداف الصحفيين.

من المفروض أن تقف دول العالم والمنظمات الحقوقية الدولية التي تتغنى ليل نهار بحقوق الإنسان، وتنادي بحرية الصحافة وقفة جادة ومسؤولة أمام هذه الانتهاكات الإسرائيلية الممهنجة، وتعمل على مساءلة الاحتلال الإسرائيلي تجاه انتهاكاته وسياساته العنصرية بحق الصحفيين الفلسطينيين، ومحاسبة مرتكبي جرائم القتل والاعتداء عليهم وتقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية بدلا من الاكتفاء بالخروج ببيانات الإدانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
التعليقات (0)