هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين المصرية جمال حشمت:
- هناك محاولة جديدة للم شمل الجماعة وإنهاء خلافاتها الداخلية بأقل الخسائر الممكنة
- وصلنا ما يفيد اعتماد المرشد وباقي إخوانه لشرعية إبراهيم منير في إدارة المرحلة الحالية
- أدعو لفصل العمل الحزبي عن الإخوان وأرجو أن تتم مناقشة هذا الاقتراح داخل الجماعة
- آمل تخلص الإخوان من عبء الخلافات الحزبية أو الانتخابية لتصبح "جماعة ضغط"
- لا بد من مراجعة أنفسنا وتقييم مواقفنا السابقة وعلينا الاعتراف بما أخطأنا فيه
- مبادرة السيسي للحوار سيكون مصيرها كمصير الحوارات الديكورية التي تمت أيام مبارك
- السيسي لن يكون جزءا من حل الأزمة المصرية ولا مخرج إلا باختفائه من المشهد
كشف القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين المصرية، جمال حشمت، أن "هناك محاولة جديدة للم شمل الجماعة وإنهاء خلافاتها الداخلية بأقل الخسائر الممكنة، خاصة بعد وصول ما يفيد اعتماد المرشد (محمد بديع)، وباقي إخوانه، لشرعية القائم بالأعمال، إبراهيم منير، في إدارة المرحلة الحالية"، مشدّدا على أنهم يعملون الآن على "إتمام التوافق".
وشهدت جماعة الإخوان إشكالات داخلية عقب اعتقال القائم السابق بأعمال المرشد، محمود عزت، في 28 آب/ أغسطس 2020، وذلك إثر رفض مجموعة من قيادات الإخوان في الخارج بقيادة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين، مجموعة من القرارات التي اتخذها إبراهيم منير، الأمر الذي أدى إلى إيقاف ستة من هؤلاء القيادات.
وأضاف حشمت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن ما تسمى بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، مؤخرا، "لن تنتهي إلى نتائج حقيقية تساهم في إخراج مصر من أزمتها، بل سيكون مصيرها كمصير الحوارات الديكورية التي تمت أيام المخلوع حسني مبارك".
وكان السيسي قد دعا، نهاية شهر رمضان المبارك، إلى إطلاق حوار بين كافة القوى السياسية "دون تمييز ولا استثناء"، وذلك في دعوة هي الأولى من نوعها منذ وصوله للسلطة صيف 2014، مُعلنا عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تشكلت أواخر 2016.
وتباينت ردود الفعل من القوى السياسية المختلفة ورموز المعارضة في الداخل والخارج إزاء تلك الدعوة بين الرفض والتأييد والتحفظ المشروط.
وحول موقف جماعة الإخوان من دعوات البعض بتجميد نشاطها السياسي، قال حشمت، وهو عضو بمجلس شورى الجماعة (أعلى هيئة رقابية): "أنا شخصيا ممن يدعون لفصل العمل الحزبي عن الجماعة، وهو المعني بالمنافسة على السلطة والحكم بشكل دائم، وأرجو أن تتم مناقشة هذا الاقتراح لما فيه من تخلص مؤسسة الجماعة من عبء الخلافات الحزبية أو المنافسات على السلطة بكافة أشكالها".
ورأى حشمت أن "تفرغ الجماعة للعمل الدعوي والخيري والتربوي هو أفضل ما يمكن أن يُقدم لمحترفي الحكم والمتنافسين عليه، لتصبح الإخوان جماعة ضغط يخطب ودها مَن تتفق معه في الرؤى والأفكار، وهذا يترك مساحة كانت الجماعة تتضرر منها كلما هلت مناسبة انتخابية أو تنافسية".
ودشّنت جماعة الإخوان "حزب الحرية والعدالة" عقب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وكانت اتهامات كثيرة توجّه للجماعة بهيمنتها على القرار داخل الحزب، الذي تم حله بقرار قضائي عقب انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، بينما نفت الجماعة سابقا تلك الاتهامات، مؤكدة أن الحزب مستقل من الناحية الإدارية والمالية.
وفي ما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
- كيف ترى اليوم التطورات الخاصة بدعوة السيسي للحوار الوطني؟
فكرة الحوار فكرة سامية لا يمكن رفضها من حيث المبدأ، لكنها عندما تأتي من قاتل لا يؤمن إلا بنفسه، وقائد عسكري يكذب كما يتنفس بلا أي انتصارات عسكرية ولا أي رصيد عمل لصالح مصر، ومن رئيس اغتصب السلطة، وما زال حتى اليوم يبذل جهدا ليقنع نفسه أنه لم يخن أو يقتل أو يتآمر؛ فهي محاولة عبثية للإلهاء والخروج من أزمات أحاطت به، لأنه لم يصدق في قوله إن دعوته ستكون بلا استثناء أو تمييز، ولم يصدق بإيمانه أن الخلاف لا يفسد للوطن قضية؛ فما زالت الاعتقالات مستمرة طوال الأسابيع الماضية في صفوف الإخوان والمعارضين على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى مَن يظنون أنهم المعارضة في الداخل عندما اجتمعوا وتكلموا بما يضايق النظام حجبوا اجتماعهم عن الإعلام ولم يعرف بهم أحد فماذا تبقى من الحوار؟ لا الخارج مدعو ولا الداخل مسموح لهم بالحوار فيما بينهم.
ويتأكد لي يوما بعد يوم ما قلته في شهر آذار/ مارس 2014 أن السيسي جزء من المشكلة والأزمة في مصر، ولن يكون جزءا من الحل، ولا مخرج من الأزمة إلا باختفائه من المشهد.
- إعلاميون ومقربون من نظام السيسي قالوا إن دعوة الحوار لا تشمل جماعة الإخوان، بل القوى السياسية والحزبية المدنية، بهدف إحياء معسكر 30 حزيران/ يونيو 2013.. فكيف ترى إقصاء واستبعاد جماعة الإخوان من الحوار؟
لأن الدعوة غير صادقة ولم يُعدّ لها بذكاء فكانت التصريحات من البعض في هذا الاتجاه الإقصائي، وهو متوقع بعد حملة الأكاذيب الواسعة التي روّج لها رأس النظام في المسلسل الذي قام بتأليفه وإخراجه، وما زال يقسم بالله على صدق كل كلمة فيه.
- هل يمكن أن تنجح أي مبادرة للحوار الوطني دون وجود جماعة الإخوان؟
لقد قبل الإخوان أن يكونوا جزءا من الرافضين للانقلاب ونظامه دون تصدر للمشهد في محاولة لجمع شمل كل الجبهات والشخصيات لوحدة الصف في مواجهة هذا النظام الذي اختطف مصر ويبيعها الآن، ولعل من الآثار الإيجابية القليلة لهذا الأمر هو توحد عدد أكبر من الرافضين للانقلاب والمعارضين له لإدارة حوار فيما بينهم والتوافق على العمل من أجل المعتقلين في سجون النظام، ولا أعتقد أن أي حوار وطني جاد يمكن أن ينجح في مسعاه حال تم استبعاد أي قوى سياسية أو مجتمعية حيّة من المشاركة فيه؛ فالجميع لا بد أن يكون مشاركا في إخراج مصر من أزمتها الطاحنة.
- لكن كيف تنظرون لترحيب البعض بالمشاركة في هذا الحوار؟ وما الذي كان ينبغي على النظام فعله؟
الترحيب بمن يُرحب بهم في أي حوار جاد لا بد وأن يسبقه إبداء حسن النوايا من خلال تنفيذ القانون بشكل واضح من إفراج عن النساء والمرضى وكبار السن والمحبوسين احتياطيا لمدد طويلة، والسماح بالزيارات للمعتقلين، ولقاء محاميهم، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، ليتفرغ الجميع لاستكمال النظر في مصير باقي المعتقلين، ورد الحقوق، وإتمام المصالحة المجتمعية، ومن ثم لمناقشة أحوال الوطن والأزمات المختلفة التي يلقاها، وكيف يمكن الخروج من الورطات التي تسبّب فيها النظام، واستعراض نقاط الخلاف، وكيف يمكن تفاديها لإنقاذ مصر من طريق الفتنة المجتمعية والإفلاس الاقتصادي المحتوم.
- ما النتائج التي سينتهي إليها "حوار السيسي" برأيكم؟
طالما أن القوى الحيّة في الداخل والخارج لم تشارك، وطالما لم يعترف النظام بما تسبّب فيه، ولم يملك القدرة على حوار مخالفيه ومعارضيه فلن تكون هناك نتائج حقيقية يمكن الخروج بها، وسيكون مصيره مصير الحوارات الديكورية التي تمت أيام المخلوع حسني مبارك.
- البعض يقول إنه يجب على جماعة الإخوان أن تقوم بحل أزمتها وانقساماتها الداخلية أولا قبل أن تطالب بالحوار مع النظام أو حتى مع قوى المعارضة الأخرى.. ما تعقيبكم؟
هذا كلام صحيح ومحترم، ونحن نعمل الآن على إتمام التوافق، وكما أعلم فهناك محاولة للم الشمل بأقل الخسائر الممكنة، خاصة بعد وصول ما يفيد اعتماد المرشد (محمد بديع)، وباقي إخوانه، لشرعية الأستاذ إبراهيم منير في إدارة المرحلة الحالية.
- هل هناك جهود جديدة لمحاولة إنهاء الأزمة الداخلية بالإخوان؟
الجهود لا تنقطع والمحاولات مستمرة، ولعل الله يشرح الصدور، ويُدرك الجميع أننا في مركب واحد، وليس لخلافنا أي مكسب، ولا بد من مراجعة أنفسنا وتقييم مواقفنا السابقة، وعلينا الاعتراف بما أخطأنا فيه، لكي نبني مستقبلا مشرقا بصفحة جديدة يقود فيها الشباب، ويشارك فيها الجميع؛ فالأعمال أكثر من الأوقات وتحتاج كل جهد وفكر وكفاءة وبغير ذلك فلن يكون للإخوان أثر أو تأثير، ونحن نستبشر خيرا قريبا إن شاء الله.
- بعد نحو 10 أشهر على الحالة الجديدة التي شهدتها جماعة الإخوان، ما تقييمكم لأداء القيادة الجديدة بقيادة إبراهيم منير؟
أعتقد أن الإدارة الجديدة نجحت في تجميع مَن تم استبعاده أو تخلى عن العمل في الفترة الماضية، ومنحت الأمل في إصلاح ومراجعة حقيقية يجب أن تتم، ولم شمل الخارج، وهي تبذل جهدا لإنقاذ مَن بالداخل، إلا أن المشكلة تتمثل في الأداء البطيء الذي لم يستطع القائمون على الإدارة تجاوزه، خاصة أن الحذر اللازم من سرعة العمل تظهر الآثار متأخرة.
- ما أبرز ملامح التطوير المرتقبة داخل الجماعة؟
التطوير سيشمل المؤسسة الشورية، وبعض اللوائح، وعمل الشباب، والأقسام المتخصصة لتعمل باحتراف وتضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتستوعب الجميع، ويغلف ذلك قليل من الصبر على التغيير والإنجاز المأمول بفضل الله.
- البعض دعا جماعة الإخوان إلى إعلان تجميد نشاطها السياسي في مصر.. فهل هذا وارد في أي مرحلة من المراحل؟
أنا شخصيا ممن يدعو لفصل العمل الحزبي عن الجماعة، وهو المعني بالمنافسة على السلطة والحكم بشكل دائم، ويبقى للجماعة موقفها وآراؤها السياسية والوطنية لتُعبّر عنها بكل الوسائل السلمية، وأرجو أن تتم مناقشة هذا الاقتراح لما فيه من تخلص مؤسسة الجماعة من عبء الخلافات الحزبية أو التحالفات أو المنافسات على السلطة بكافة أشكالها، ولتتفرغ للعمل الدعوي والخيري والتربوي.
- ما التنازلات التي يمكن أن تقدمها الجماعة من أجل إنهاء ملف المعتقلين وإيجاد حلحلة ملموسة في الأزمة المصرية؟
أعتقد أن ابتعاد الإخوان عن المنافسة الحزبية وانشغالها بالعمل الدعوي والتربوي هو أفضل ما يمكن أن يُقدم لمحترفي الحكم والمتنافسين عليه، لتصبح الإخوان جماعة ضغط يخطب ودها مَن تتفق معه في الرؤى والأفكار، وهذا يترك مساحة كانت الجماعة تتضرر منها كلما هلت مناسبة انتخابية أو تنافسية.
- ما موقع الإخوان من المصالحات الجارية في المنطقة؟
أعتقد أنه لو تم التعامل مع هذه التطورات بذكاء قد تخدم الإخوان وكافة القوى الوطنية ليكونوا يدا واحدة أمام أي نظام استبدادي يحكم مصر؛ فلا بد أن نستفيد من اللحظة الراهنة، بل ومن الأزمة العالمية التي تعيد النظر في كل الثوابت التي رسمت خطى العالم خلال السنوات السابقة.
- إلى أين ستمضي الأزمة المصرية برأيكم؟
النظام أغلق كافة الأبواب في وجه المصريين، وفتح مصر لكل مَن يطمع فيها، وباع الأرض والعرض والشركات والموانئ والبنوك والمياه والغاز، ولم ير الشعب المصري خيرا أو ثمرة من خيرات بلده التي تصرف فيها العسكر بفجور كأنه ليس هناك شعب أو أحرار في مؤسسات الدولة المحتفلة.
ومع ذلك فأنا أعتقد أن القادم أفضل، وأن النظام يخسر بسبب الفشل المزمن، والكذب المتعمد، وانهيار الطبقة الوسطى، وغضب الشارع المصري من الأداء طوال السنوات التي تلت الانقلاب العسكري في عام 2013، ولعل ذلك يسبّب حراكا وغضبا في الداخل بجانب ضياع أمل الذين راهنوا على العسكر في استقرار الأوضاع بمصر، لكن الأمر يحتاج إلى فهم وعمل وإرادة وإدارة ووحدة وتفهم للأوضاع في داخل وخارج مصر، وربما نشهد مؤشرات لذلك خلال الأيام المقبلة، وكل يوم هو في شأن.