هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أصدر
مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، في اجتماعه، الثلاثاء، قرارا برفع نسبة الفائدة
الرئيسية بـ 75 نقطة أساسية لتبلغ 7 في المئة.
ويؤدي
هذا القرار، إلى ارتفاع نسبتي تسهيلات الإيداع والقرض الهامشي إلى 6 في المئة و8 في المئة، على
التوالي، وفق البيان الصادر عن المجلس.
وجاء
في نص البيان أيضا، أن مجلس إدارة البنك يعرب عن "عميق انشغاله إزاء المخاطر التصاعدية
التي تحيط بآفاق تطور التضخم"، ويؤكد على "أهمية تنسيق السياسات الاقتصادية
لتجنب أي انزلاق تضخمي قد يزيد من حدة مواطن الضعف ويعيق انتعاشة النشاط الاقتصادي".
وأكد
مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على "ضرورة الشروع بأسرع ما يمكن في الإصلاحات
الهيكلية اللازمة التي من شأنها إعادة النمو الاقتصادي إلى مسار تصاعدي بهدف ضمان الاستقرار
الاقتصادي الكلي واستدامة الدين العمومي، بحسب البيان نفسه".
أسباب
القرار
وصرح
الإعلامي المختص في الشؤون الإقتصادية أيمن الحرباوي لـ"عربي21" بأن
"الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية يهدف إلى التحكم في ارتفاع نسبة التضخم".
ويضيف
الحرباوي أن "نسبة التضخم بلغت في شهر نيسان/ أبريل 7.5 في المئة بعدما كانت في حدود الـ5 المئة في نفس
الفترة من السنة الماضية، وهي أعلى نسبة بلغها التضخم في تونس في السنوات الأربع الأخيرة".
ويرجع
الإعلامي الحرباوي ارتفاع التضخم إلى "الارتفاع في تكلفة المواد المستوردة ولكن
أساسا إلى تراجع الإنتاجية في البلاد".
ويؤكد
الإعلامي التونسي أنه من "المتوقع أن يواصل التضخم الارتفاع، نظرا لارتفاع سعر
المحروقات والمواد الأولية في السوق العالمية، خاصة أن الحكومة تهدف إلى رفع الدعم
عن المحروقات بشكل كلي".
أما
أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي فيعتبر "أن القرار مجرد تطبيق
لإملاءات صندوق النقد الدولي"، موضحا في تصريحات لــ"عربي21" أن
"العجز التجاري الحاصل في تونس، مرده استيراد الطاقة التي تستحوذ على 40 بالمائة
من نسبة العجز واستيراد المواد الأولية ومواد التجهيز بأكثر من 50 بالمائة من هذه
النسبة".
ويعتبر
الشكندالي "أن القروض الاستهلاكية المسداة للعائلات لا تأثير لها على التضخم".
في المقابل
يقول المدير العام السابق للسياسات النقدية والخبير بالبنك المركزي التونسي محمد صالح
سويلم إن "القرار جاء نتيجة قراءات علمية وتحليل النماذج الاقتصادية التي أنجزت
في عدة مستويات في البنك المركزي، انطلاقا من الإدارة العامة للسياسة النقدية مرورا
بلجنة الخبراء وصولا إلى مجلس إدارة البنك".
ويضيف
محمد سويلم لـ"عربي21" أن قرار رفع الفائدة هو إجراء ظرفي بسبب تأثيرات
ارتفاع معدل التضخم، مذكرا بأن "البنك المركزي عدل في نسبة الفائدة الرئيسية منذ
سنة 2011 خمسة عشرة مرة، منها خمس مرات بالتخفيض وبمجرد التخفيض في معدل الأسعار فستتم
مراجعة نسبة الفائدة بالتخفيض".
اقرأ أيضا: هل ينتفض الشارع التونسي مع تفاقم الأزمات في البلاد؟
"ضربة
موجعة للقدرة الشرائية"
وحول
انعكاسات قرار المركزي قال شكندالي إن "انعكاسات قرار البنك المركزي ستكون سلبية
بصفة مباشرة على القدرة الشرائية للتونسيين"، معتبرا أن "هذا الإجراء يجعل
التونسيين عاجزين عن الاستدانة، كما أنه يؤدي إلى رفع نسبة الاقتطاع بالنسبة للمقترضين
من البنوك التقليدية".
ويضيف
الشكندالي أن "الانعكاسات السلبية ستكون على الدولة نفسها، التي تقترض من البنوك
وتسددها بنسبة فائدة عالية".
وانتقد
أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي قرار البنك المركزي قائلا إن "البنك المركزي حصر
أسباب التضخم في ارتفاع نسبة استهلاك المواد المستوردة، والحال أنه مرتبط بالسياق العالمي
وارتفاع الأسعار بسبب تداعيات أزمة كوفيد والحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تدهور قيمة
الدينار وإقراض البنوك للدولة التونسية بنسبة فائدة عالية دون نماء للثروة".
ويرى
الشكندالي، أن القرار يتعدى انعكاسه على الأفراد والدولة ويؤثر سلبا على المؤسسات الاقتصادية
وديمومتها.
ويقول
في هذا الصدد: "نسبة المخاطر المعطلة للاستثمار عالية جدا في تونس، بسبب الأزمة
السياسية التي تعرفها البلاد وما خلفتها من عدم استقرار، وإن الرفع من نسبة الفائدة
الرئيسية سيزيد من كلفة الاستثمار ويعمق حالة الانكماش الاقتصادي في البلاد".
ويوضح
الشكندالي أن "المؤسسات التونسية الصغرى والمتوسطة تعاني من مشاكل عديدة، وأن
قرار البنك سيؤدي إلى رفع حجم الالتزامات الشهرية تجاه البنوك لسداد قروضها الاستثمارية،
وبالتالي فإنه يزيد من حجم كلفة الإنتاج لديها ويضعف قدراتها التنافسية".
"خطوة
ضرورية"
في
المقابل يرى الخبير بالبنك المركزي سويلم أن "من أهم أهداف البنوك المركزية في
العالم هو المحافظة على استقرار الأسعار، لأن ارتفاع الأسعار ينعكس في الاستقرار الاقتصادي
والاجتماعي وأيضا السياسي، نظرا لتأثيره على المقدرة الشرائية للمواطنين ويؤثر في الآفاق
الاقتصادية لكل المتدخلين في الشأن الاقتصادي".
وأضاف
سويلم: "هذه الآلية تمكن البنوك المركزية من التحكم في الكتلة النقدية المتأتية
أساسا من الودائع في البنوك، من خلال الحد من الطلب على القروض الاستهلاكية، وبالتالي
الحد من تطور الكتلة النقدية غير المتناسق مع الإنتاج".
ويعتبر
المدير العام السابق للسياسات النقدية بالبنك المركزي التونسي، أن قرار الترفيع في
نسبة الفائدة المديرية سيؤدي بالضرورة إلى "خفض حجم السلع المستوردة وأسعارها،
بما يساهم في التحكم في ميزان المدفوعات والحد من عجز الميزان التجاري".
ويضيف
أن القرار يهدف إلى "المحافظة على رصيد تونس من العملة الأجنبية وتقليص نسبة المديونية".
يذكر
أنه وفق بيانات البنك المركزي فإن البلاد سجلت ارتفاعا في العجز الجاري بلغ 2.7 في المئة من الناتج
المحلي الإجمالي خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2022 مقابل 1.7 في المئة في سنة 2021، وبلغ مستوى احتياطيات الصرف
23.655 مليون دينار أي ما يعادل 124 يوما من التوريد بتاريخ 16 أيار/ مايو 2022 مقابل
23.313 مليون دينار و133 يوما من التوريد في ذات الشهر من سنة 2021.