هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
هوى سعر الجنيه المصري في نهاية تعاملات الأسبوع في البنوك المحلية إلى أدنى مستوى له أمام الدولار الأمريكي منذ شباط/ فبراير 2017، أو نحو خمس سنوات ونصف، وسجل سعر شراء الدولار الواحد 18.58 جنيها، وسعر البيع 18.63 جنيها.
وواصل الجنيه الهبوط أمام سلة العملات الأجنبية منذ قرار البنك المركزي المصري خفض قيمة الجنيه من ناحية، ورفع الفائدة 100 نقطة أو 1% من ناحية أخرى في 21 آذار/ مارس الماضي، ويفقد نحو 20% من قيمته قبل شهرين.
وقال موقع "إيكونومي بلس" المتخصص في الشؤون الاقتصادية المصرية؛ إن تراجعات الجنيه أمام الدولار، ساهمت في تصاعد معدلات التضخم في مصر، ما دفع البنك المركزي لرفع معدلات الفائدة 3% إجمالا في اجتماعين متتالين، أحدها استثنائي بهدف السيطرة على التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية لأدوات الدين المصرية.
اقرأ أيضا: لماذا هوى الجنيه المصري أكثر من التوقعات؟
وقفزت معدلات التضخم في مدن مصر 13.1% في نيسان/ أبريل الماضي، مسجلا أعلى معدل له منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وتتوقع وحدة أبحاث "الإيكونوميست" أن يستمر سعر الجنيه في التراجع أمام الدولار خلال الأربع سنوات المقبلة أي حتى عام 2026، وأن يظل قرب الـ 20 جنيها لكل دولار أي أعلى نحو 8% من المستوى الحالي.
ورغم هبوط الجنيه أمام الدولار الأمريكي في البنوك المحلية، فهو يبدو متماسكا مقارنة بسعره في السوق الموازي (السوق السوداء)، وسوق الذهب إذ يتداول التجار الجنيه عند مستوى 21 و 22 جنيها للدولار بشق الأنفس.
وتخارج المستثمرون الأجانب من سوق أدوات الدين الحكومي بقيمة 20 مليار دولار خلال الشهور القليلة الماضية، وتُقدر مصر كلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على مصر عند 130 مليار جنيه سنويا (نحو 7.1 مليارات دولار)، وغير المباشر عند 335 مليار جنيه سنويا (18.3 مليار دولار).
تعويم مدار وجنيه معلق
وفي تقديره، يقول الخبير المالي بمؤسسة واشنطن آناليتيكا بالعاصمة الأميركية واشنطن، شريف عثمان؛ إنه "من الصعوبة بمكان في ظل تدخل المركزي المصري في دعم الجنيه تحديد القيمة الفعلية له، وعلى المسؤولين أن يكفوا عن سياسة التعويم المدار، فما يقرره المركزي هو ما يكون، في حين ينبغي ترك الجنيه لآليات السوق".
لكنه رأى في تصريحات لـ"عربي21"، أن "قيمة الجنيه مرهونة بأمرين، أولهما كف يد المركزي عن التدخل في تحديد قيمته، وثانيهما، تقليل العجز سواء في الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات، وأن تكون الموازنة لدعم الاقتصاد، وليس لسداد الفوائد وأقساط الدين، وكبح جماح التضخم وسعر الفائدة".
وتوقع عثمان أن "يواصل الجنيه تذبذبه خلال الفترة المقبلة حتى تستقر الأسواق عالميا وتضع الحرب أوزارها على الأقل، ومدى قدرة الحكومة المصرية على الاستجابة أو الانصياع لكل مطالب أو ضغوط صندوق النقد الدولي، الذي يريد أن يفرض مراجعة قيمة الجنيه، وعدم السماح للمركزي المصري تثبيته عند سعر محدد".
نظرة مستقبلية سلبية
وتشكل الودائع الخليجية غالبية الاحتياطي المركزي المصري البالغ 37 مليار دولار، وحصلت مصر على وديعة سعودية بقيمة 5 مليارات دولار، وأخرى وديعة إماراتية بقيمة 3 مليارات دولار، مما يرفع إجمالي ودائع دول مجلس التعاون الخليجي إلى حوالي 20 مليار دولار.
وقفز الدَّين الخارجي لمصر منذ عام 2012 إلى 145.5 مليار دولار في عام 2021 مقارنة بـ 38.8 مليار دولار في عام 2012، أي بنحو 3 أضعاف، وبلغ متوسط الزيادة السنوية للدَّين الخارجي في السنوات الثلاث الأخيرة 16 مليار دولار، بحسب موقع "بلومبيرغ".
اقرأ أيضا: هل تتسبب شهادات الـ18% في بنوك مصر بزيادة الركود الاقتصادي؟
ما يصعب الاقتراض على مصر، تأكيد وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني تصنيفها عند B2، وتغير نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.
وأشارت موديز إلى أن النظرة المستقبلية السلبية، تعكس المخاطر الجانبية المتزايدة لقدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية.
— فوربس الشرق الأوسط (@ForbesME) May 26, 2022
تداعيات مؤلمة لخفض الجنيه
بدوره، يقول أستاذ الاقتصاد في جماعة "أوكلاند" الأمريكية، الدكتور مصطفى شاهين؛ إن "أي اقتصادي منصف، كان يعلم أن الاقتصاد المصري يعيش على مسكنات، وما يقوم به من إصلاحات هي ورقية، ولكن انكشف عند اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ولم يعمل حساب الأزمات الاقتصادية التي تهز الأسواق بين ليلة وضحاها".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "ما يحدث هو ليس وليد اللحظة، ولكن نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة، اعتمدت بالأساس على القروض بعد إغراء صندوق النقد الدولي بحصول الحكومة المصرية على قرض بقيمة 12 مليار دولار، شريطة تبني خطة وصفها بالإصلاحية، والنتيجة كما نرى مزيد من الديون ومزيد من الأزمات".
وبشأن تداعيات خفض الجنيه أمام الدولار، حذر شاهين "من ارتفاع التضخم الشهور المقبلة بوتيرة أسرع، نتيجة ارتفاع أسعار السلع بجميع أنواعها التي تستوردها البلاد، ومدخلات الصناعة من مواد خام وخلافه، وسيتحمل المواطنون فاتورة باهظة لاستمرار تراجع قيمة الجنيه".