هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن تقريرا
حكوميا داخليا خلص إلى أن وزارة الخارجية والدفاع فشلتا في تقييم الخسائر المدنية
التي تسبب بها التحالف بقيادة السعودية في "الحرب الكارثية" في اليمن
واستخدام أسلحة أمريكية الصنع في عمليات القتل.
وأشارت الصحيفة، في تقرير ترجمته
"عربي21"، إلى أن الخلاصة الصادرة عن مكتب المحاسبة الحكومي تركز على
الهجمات التي شنها التحالف بقيادة السعودية، وقال التقرير إن التحالف وجّه ضربات مميتة
باستخدام طائرات مقاتلة وذخائر تم توفيرها وصيانتها إلى حد كبير من قبل الشركات
الأمريكية بموافقة وزارة الخارجية والبنتاغون.
كما ويغطي التقرير إدارات أوباما وترامب وبايدن،
ويغطي الفترة من عام 2015، عندما بدأت الحرب ضد الحوثيين، حتى عام 2021.
وهو ثاني تقرير رئيسي لوكالة أمريكية يوضح أوجه
القصور الحكومية في منع وقوع خسائر في صفوف المدنيين في اليمن. في آب/ أغسطس 2020،
أصدر المفتش العام بوزارة الخارجية تقريرا، قال فيه إن الوزارة أخفقت في اتخاذ
الإجراءات المناسبة لتقليل الوفيات بين المدنيين.
ويأتي التقرير الجديد في الوقت الذي يخطط فيه
الرئيس بايدن لزيارة السعودية هذا الصيف. ويهدف بايدن إلى إعادة بناء العلاقات مع
المملكة وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الرغم من تعهده في وقت سابق بجعل
المملكة "منبوذة" بسبب فظائعها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل
الجماعي في اليمن وقتل صحفي كان مقيما في الولايات المتحدة.
وتحدث مسؤولون أمريكيون عن التقرير بشرط عدم الكشف
عن هويتهم؛ لأن مكتب المحاسبة الحكومية لم ينشره بعد. وتم توزيع نسخة بعنوان
"حساس ولكن غير سري" في المكاتب التنفيذية والتشريعية. والتقرير مطلوب
من قبل الكونغرس كنتيجة لقوانين الميزانية.
ويدرج الموقع الإلكتروني لمكتب المساءلة وثيقة على
صفحة "التقارير المقيدة" بعنوان "اليمن: الخارجية والدفاع بحاجة
إلى معلومات أفضل عن الآثار المدنية للدعم العسكري الأمريكي للسعودية
والإمارات". تاريخ النشر هو 27 نيسان/ أبريل 2022. وتقول الصفحة إنه لا يمكن
نشر التقرير في الحيز العام؛ لأن السلطة التنفيذية قررت أنه يحتوي على معلومات سرية
أو "معلومات غير سرية خاضعة للرقابة".
قال مسؤولون إن وزارة الخارجية تجري مناقشات مع
مكتب المساءلة لوضع أجزاء من التقرير في قسم سري. الوكالة تريد أيضا حذف بعض
السطور.
ونقلت الصحيفة عن سارة كاكزماريك، المتحدثة باسم
المكتب، قولها إن مكتب المحاسبة الحكومية يتوقع الحصول على تصريح من وزارة
الخارجية والبنتاغون لإصدار نسخة عامة هذا الشهر.
وعبر العديد من المسؤولين عن قلقهم من أن وزارة
الخارجية قد تخفي نتائج مهمة عن الجمهور من خلال هذه العملية. في حالة تقرير عام
2020 الذي تناول الخسائر المدنية، ضغط المكتب القانوني بوزارة الخارجية بقيادة
مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق، على المفتش العام للوزارة لوضع النتائج
الرئيسية في ملحق سري. كان هذا القسم يحتوي على تنقيحات كثيفة لم يتمكن حتى أعضاء
الكونغرس من قراءتها.
ولم يرفع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الحالي،
السرية عن أي جزء من هذا التقرير.
اقرأ أيضا: توافق مبدئي بين طرفي الصراع باليمن على فتح الطرق تدريجيا
وقال مسؤولو وزارة الخارجية والبنتاغون إن
الولايات المتحدة تمارس باستمرار ضغوطا عالية المستوى على السعودية لتجنب وقوع
إصابات في صفوف المدنيين، وترسل بانتظام فرقا لتدريب السعوديين على القيام
بالتحقيقات.
وأشار المسؤولون أيضا إلى تقرير للأمم المتحدة قال
إن عام 2021 هو العام الثالث على التوالي الذي انخفض فيه عدد الضحايا المدنيين من
الغارات الجوية - 185 من بين 2500 قتيلا مدنيا نتجت عن الغارات. ومع ذلك، قال
التقرير إن عدد القتلى المدنيين جراء الغارات الجوية ارتفع في نهاية العام الماضي.
ويشمل العدد الإجمالي للقتلى المدنيين ضحايا عنف الحوثيين.
وقال المسؤولون إن النتيجة الرئيسية في التقرير
الجديد هي أن وزارتي الخارجية والبنتاغون أخفقتا في جمع بيانات وأدلة كافية عن
الضحايا المدنيين أو مراقبة استخدام أسلحة أمريكية الصنع.
وقال مسؤول في البنتاغون إن الوكالات الأمريكية
تعتمد على معلومات استخبارية مفتوحة المصدر لتقييم الوفيات، وليس لديها أفراد
عسكريون في اليمن يمكنهم الذهاب إلى مواقع الهجمات.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت سلسلة من
المقالات العام الماضي، كشفت فيها عن الخسائر المدنية في الضربات الجوية الأمريكية
في أفغانستان والعراق وسوريا، وفشل الحكومة في التحقيق في الخسائر المدنية.
في اليمن، كانت الخسائر في صفوف المدنيين جراء
الضربات الجوية التي قادتها السعودية هي الأعلى في السنوات الأولى من الحرب. لقد
بدأت في الارتفاع مرة أخرى قبل نصف عام، لكنها تراجعت خلال وقف إطلاق النار الذي
بدأ في أوائل نيسان/ أبريل وتم تمديده يوم الخميس الماضي.
واستهدفت الضربات مستشفيات ومدارس وحافلات وقاعة
عزاء ومواقع أخرى. في 21 كانون الثاني/ يناير، قتلت غارة جوية على سجن يديره
الحوثيون 70 شخصا على الأقل وأصابت العشرات، وفقا لمسؤولين حوثيين ومنظمات إغاثة
دولية.
قُتل أكثر من 150 ألف شخص في الحرب، بما في ذلك ما
يقرب من 15 ألف مدني، وفقا لتقدير موقع مشروع بيانات الصراع المسلح والأحداث. أدى
الصراع إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان.
وقال بايدن، في خطاب ألقاه في وزارة الخارجية في شباط/ فبراير 2021، إنه سينهي
كل الدعم الأمريكي "للعمليات الهجومية" في اليمن، بما في ذلك
"مبيعات الأسلحة ذات الصلة". ولم يصرح هو ولا أي مسؤول أمريكي آخر
علانية ماذا يستلزم ذلك. في الوقت الحالي، تم تعليق المبيعات الجديدة من المقذوفات
جو- أرض، كما يقول المسؤولون.
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا تقريرا
استقصائيا حول كيفية تنفيذ عدد كبير من الغارات الجوية في اليمن بواسطة طائرات
طورتها وقامت على صيانتها وبيعها شركات أمريكية وطيارون دربهم الجيش الأمريكي.
قالت داليا داسا كاي، خبيرة الشرق الأوسط في مركز
بيركل للعلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: "من الصعب القول
بشكل قاطع إن الولايات المتحدة لا تدعم الحملة الهجومية هناك.. هذا لا يزال مصدر
قلق".
وأضافت أن "الكثير من الذخيرة والإمدادات
والأشياء المزمع إرسالها لا تزال مستمرة".
وكانت القنابل التي صنعتها شركة ريثيون من بين
أكثر الأسلحة التي استخدمها التحالف بقيادة السعودية في الضربات الجوية فتكا، وقد تسببت بقتل المدنيين. وافقت وزارة الخارجية
على بيع الذخائر، ما يعرض مسؤوليها لخطر الملاحقة القضائية على جرائم الحرب، وفقا
لمذكرة قانونية داخلية من عام 2016.
وفي عام 2016، بعد غارة جوية على قاعة عزاء أسفرت
عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة مئات آخرين، منعت إدارة أوباما شركة ريثيون من بيع
حوالي 16000 قنبلة موجهة للسعودية. واستأنفت إدارة ترامب المبيعات، لأنها عززت
العلاقات مع السعودية والإمارات، القوة الرائدة الأخرى في الحرب.
ويعتبر الصراع على نطاق واسع مستنقعا للأمير محمد،
الحاكم الفعلي للسعودية، الذي سعى للإطاحة السريعة بالحوثيين بعد أن سيطروا على
صنعاء، عاصمة اليمن، في عام 2014.
قدم بايدن
وعودا بإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب خلال حملته الرئاسية لعام 2020. كما
ندد بمقتل جمال خاشقجي، الذين كان مقيما
في فرجينيا ويكتب في صحيفة واشنطن بوست، على يد عملاء سعوديين. في شباط/ فبراير
2021، أصدرت إدارة بايدن تقريرا استخباراتيا أمريكيا قال إن الأمير محمد وافق على
الاغتيال.
لكن في الأسبوع الماضي، قال مسؤولون أمريكيون إن
بايدن سيسافر إلى السعودية الغنية بالنفط. ويحاول بايدن خفض أسعار الطاقة، حيث قاطعت الولايات المتحدة والدول الشريكة لها
النفط الروسي؛ لمعاقبة الرئيس فلاديمير بوتين على غزوه لأوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن رحلة بايدن المخطط لها تنطوي على
مخاطر سياسية. حيث أدان الديمقراطيون وبعض الجمهوريين في الكونغرس الأمير محمد
لقتله خاشقجي وحرب اليمن. يقول مسؤولون
أمريكيون إن إدارة بايدن تحاول انتزاع تنازلات من السعودية من أجل جعل الرحلة تبدو
مستساغة. تشمل القضايا التي تتم مناقشتها حرب اليمن.