ملفات وتقارير

بعد "مقصلة" الريتز.. كيف عاد الوليد بن طلال للواجهة مجددا؟

الوليد بن طلال وبرغم اعتقاله أظهر دعما مطلقا للملك سلمان وولي العهد طيلة السنوات الماضية- حسابه عبر تويتر
الوليد بن طلال وبرغم اعتقاله أظهر دعما مطلقا للملك سلمان وولي العهد طيلة السنوات الماضية- حسابه عبر تويتر

في أيلول/ سبتمبر من العام 2017، نشر الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، ملخصا لإجازته الصيفية التي تنقل فيها بين تسع دول، بينها مصر وتركيا، وأخرى أوروبية، ولم يكن يعلم حينها أن جولة الاستجمام هذه ستكون الأخيرة له إلى أجل غير مسمى، إذ زجّ به ضمن مجموعة أمراء ورجال أعمال بعد ذلك بشهرين فقط، كرهائن داخل فندق الريتز كارليتون بالرياض، بعد اتهامهم بقضايا فساد.

 

كان الوليد أحد كبار الأمراء الذين تم إيقافهم، وترددت أنباء في بداية اعتقاله عن تعنته بالإمضاء على تسوية، وهو ما فسّر تأخر خروجه نحو شهرين، بخلاف آخرين غادروا سريعا من الفندق الذي تحول إلى سجن شديد التحصين.

 

الأمير الوليد بن طلال (67 سنة)، أثار جدلا داخل المجتمع السعودي منذ نحو ثلاثة عقود، إذ كان من أوائل الأمراء الذين أظهروا انفتاحا على الغرب، وتخلوا عن بعض عادات وتقاليد المجتمع السعودي المحافظ، وهو ما دفعه للإشادة بشكل كبير بالانفتاح الحاصل في المملكة في عهد ابن عمّه محمد بن سلمان الذي يصغره بنحو 30 عاما.

 

وبخلاف أبناء عمومته ممن اعتقلوا، أو تم إقصاؤهم وتهميشهم، نجح الوليد بن طلال في العودة إلى المشهد بقوة خلال الشهور الأخيرة، رغم أن الفترة التي تلت خروجه من "الريتز" كانت تشير إلى أن نجم الملياردير السعودي خفت نهائيا، لا سيما بعد تداول مشاهد لمحاولته التقرب بالكلام ليس للملك وولي عهده فحسب، بل حتى إلى مستشار الديوان الملكي تركي آل الشيخ.

 

نشر الوليد بن طلال تغريدة، وقام بترويجها (تغريدة ممولة) في أيلول/ سبتمبر 2020، وكتب حينها: "لدي علاقة جيدة مع الغرب، وعلاقة جيدة مع الشرق، ليس في بلدي فحسب، بل في المنطقة بأكملها. لذا سأستخدم ذلك للربط بين الجانبين بقدر ما أستطيع".

 

ولاحقا تصدر الوليد بن طلال المشهد بسجاله مع الملياردير إيلون ماسك في قضية استحواذ الأخير على موقع "تويتر"، إذ أعرب الأمير السعودي عن عدم موافقته على استحواذ ماسك بالمبلغ الذي كان قد عرضه حينها، قبل أن يعود ويبارك له الاتفاق على شرائه المنصة.

 

 

 

 

 

قضية خاشقجي وتبادل المصالح

 

تصدر الوليد بن طلال المشهد في الأيام الأخيرة من اعتقاله، إذ روّج للخدمات الفندقية داخل "الريتز"، وأبدى تسامحا كبيرا مع محتجزيه، وهو ما أكد عليه لاحقا في مقابلات تلفزيونية، لدرجة أنه أيد إجراءات محمد بن سلمان، بقوله إن الكثير ممن أوقفوا على قضايا فساد كانوا يستحقون ذلك.

 

الصحفي المخضرم توماس ليبمان، المتخصص في العلاقات الأمريكية السعودية، قال إن ما حدث من عودة تدريجية للوليد بن طلال إلى المشهد، ليس بالأمر المفاجئ.

 

وأوضح في حديث لـ"عربي21"، أن الوليد بن طلال ظهر إلى جانب ابن سلمان في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" (دافوس الصحراء) الذي عقد في الرياض، بتشرين أول/ أكتوبر 2018، أي بعد نحو 8 شهور فقط من اغتيال صديقه الصحفي جمال خاشقجي، وهو المؤتمر الذي شهد مقاطعة دولية كبيرة تنديدا بالجريمة.

 

توماس ليبمان مؤلف كتاب "بين دهاليز السراب"، الذي يتناول العلاقة السعودية الأمريكية، قال إنه "من الواضح أن الوليد بن طلال دفع أي ثمن طالب به ولي العهد من أجل حريته، وقرر التعاون معه"، مضيفا أن هذا سبب تمتع الوليد بالحرية في عقد الصفقات حاليا.

 

وفي آذار/ مارس 2019، قال الوليد بن طلال متغزلا بمحمد بن سلمان، إنه يسير بخطى كبيرة نحو الإصلاح الاقتصادي، ثم قال بعد زيارته "نيوم"، إنه "مارس أنواعا مختلفة من الرياضات في 153 دولة في 6 قارات، لكن نيوم كانت أجملها".

 

 

 

 

كما برّأ الوليد بن طلال، ابن عمه ابن سلمان بشكل كامل من دم خاشقجي مضيفا أنه يثق في القضاء السعودي.


وزعم الوليد بن طلال أن عائلة خاشقجي، والمحامي المكلف من قبلهم، راضون بشكل كامل عن محاكمة المتورطين بقتله.

واتهم الوليد بن طلال وسائل الإعلام الغربية، وتحديدا الأمريكية المحسوبة على الديمقراطيين، بتسييس قضية خاشقجي، لتحصيل مكسب سياسي، والإضرار بولي العهد محمد بن سلمان، من أجل تشويه سمعة دونالد ترامب قبل انتخابات الكونغرس الأخيرة.

وقال إن ما جرى لخاشقجي حدث سابقا في العديد من الدول، وكانت الولايات المتحدة من أبرز المتهمين به، في قضية التعذيب الشهيرة في سجن أبو غريب بالعراق.

 

— Fox News (@FoxNews) November 4, 2018

 

— الليوان (@almodifershow) March 18, 2019

 

 

 

لا طموحات سياسية


منذ أن بدأ الوليد بن طلال بالبروز بشكل كبير في الساحة السعودية بتسعينات القرن الماضي، لم ترتبط شخصيته بأي أطماع سياسية، ولم يبد أي تمرد على أعمامه الملوك (فهد، عبد الله، ولاحقا سلمان)، بخلاف والده الراحل الأمير طلال الذي أسس مع أربعة مع إخوته في العام 1958 ما يعرف بـ"حركة الأمراء الأحرار"، مطالبين بـ"حكم دستوري برلماني"، وهو ما كلفه الإقصاء، والنفي لسنوات إلى مصر، وبرغم عودته لاحقا، ظل طلال يبعث برسائل انتقاد للوضع الحالي في المملكة، إلى ما قبل وفاته في العام 2018.

بحسب المعارض والخبير السياسي السعودي علي آل أحمد، فإن "الوليد لم يكن أبدا مرشحا فعليا لأي منصب سياسي بسبب سمعته داخليا، وفي الأسرة الحاكمة ذاتها، ولأنه أيضا منشغل بالتجارة، وهو ذو شخصية ضعيفة سياسيا، وليس له قاعدة سياسية في الأجهزة الحكومية".

 

ورأى آل أحمد في حديث لـ"عربي21"، أن محمد بن سلمان مقتنع بعدم وجود أي أطماع سياسية للوليد بن طلال الذي دعمه بصورة واضحة، وتخلى عن جزء كبير من ثروته مقابل سلامته.

 

ولفت إلى أن محمد بن سلمان وجد في الوليد بن طلال "أداة مفيدة في المشاريع التي يريد تنفيذها، إذ قام الملياردير السعودي باستخدام علاقاته التجارية في أمريكا لدعم ابن عمّه ولي العهد، كما روّج لمشروع نيوم أمام مستثمرين عرب وغربيين، وهو ما شجع الأخير لمنح الوليد مساحة للحركة".

 

آل أحمد الذي يدير "معهد شؤون الخليج" في واشنطن، قال إن الوليد بن طلال "شخصية وصولية، وسيبقى يخدم ابن سلمان ليحافظ على بعض ما لديه"، مكررا أنه "مثل أبيه، لا يشكلان أي وزن سياسي داخل الأسرة الحاكمة، رغم الثروة الكبيرة التي جمعاها من السرقات أو التجارة الفعلية".

 

اقرأ أيضا: محاكمة قتلة خاشقجي.. الوليد بن طلال راسله من داخل الريتز

"ترميم الإمبراطورية الجريحة"

 

قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، إن ثروة الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال هبطت بعد حادثة الريتز 22.7 مليار دولار لتتوقف عند 13.4 مليارا، بعدما وصلت في العام 2012 إلى 36.1 مليار دولار.

 

وتعود أسباب فقدان الوليد لثروته إلى تأثر شركاته أو الشركات المساهم فيها بأزمة النفط العالمية، بالإضافة إلى دفعه جزءا من ثروته كتسوية مع الحكومة، وفقدانه جزءا آخر لتراجع أسهم شركاته نتيجة اعتقاله. 
  

الوليد بدأ بالعودة تدريجيا إلى أعماله، إذ قوّى حصته في الشركة الإعلامية، مجموعة روتانا، واشترى 19 بالمئة من "يونيت 21 سينشري فوكس"، التي كانت تملكها مجموعة "نيوز كوروب" في عام 2018.


وفي آب/ أغسطس 2020، أعلن الوليد بن طلال إتمام صفقة بقيمة مليار ريال سعودي بين شركة المملكة القابضة ومجموعة روتانا وشركة ديزر الفرنسية.

ولكن الصفقة الأبرز، والتي تعطي دلالات أخرى على توفيق وضع الأمير السعودي مع الحكومة، كانت في أيار/ مايو الماضي، عندما أعلن عن موافقة الوليد بن طلال على بيع حصة من أسهم شركة المملكة القابضة لصندوق الاستثمارات السعودي المملوك للدولة.

وقالت شركة المملكة القابضة السعودية، في بيان للبورصة، الأحد، إن صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادية، سيشتري 625 مليون سهم بسعر 9.09 ريالات (2.42 دولار) للسهم بإجمالي 5.68 مليارات ريال (1.51 مليار دولار).

 

 

 

 

"الرياضة نافذة"

 

إلى جانب أعماله التجارية، ارتبط اسم الوليد بن طلال منذ سنوات بنادي الهلال، إذ يعد الأمير أحد أبرز أعضاء الشرف الداعمين للنادي على الدوام.

 

وبعد خروجه من الاعتقال بأسابيع فقط، قدّم الوليد بن طلال في شباط/ فبراير 2018، دعما سخيّا بقيمة مليوني ريال لخزينة نادي الهلال، وعاد في صيف العام الماضي للتكفل بصفقة البرازيلي ماتيوس بيريرا والتي قدرت بنحو 15 مليون يورو، وهو ما دفع قاعدة جماهيرية كبيرة لتطالب باختياره رئيسا للنادي.

 

الدعم السخي الذي وصل إلى أندية أخرى بخلاف الهلال، كان سببا رئيسيا في أولى سفرات الوليد الخارجية بعد اعتقاله، إذ حضر نهائي البطولة العربية (كأس الشيخ زايد)، بين الهلال والنجم الساحلي التونسي، التي أقيمت في مدينة العين الإماراتية في نيسان/ أبريل 2019.


وحضر الوليد بن طلال بصفته عضوا شرفيا في نادي الهلال، وجلس في المقصورة الرئيسية إلى جانب ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وتركي آل الشيخ.

 

إلا أن الخبير والمعارض علي آل أحمد، قال إن سفر الوليد بن طلال إلى الإمارات لا يعني أن حريته بالتنقل الخارجي باتت متاحة له، مضيفا لـ"عربي21" أن "وجوده في الإمارات يعني أنه بقي تحت السيطرة الأمنية هناك أيضا".

يشار إلى أن الوليد بن طلال ظهر في زيارة خارجية ثانية معلنة فقط منذ اعتقاله، حين توجه إلى سلطنة عمان للتعزية بوفاة السلطان قابوس، مهنئا السلطان هيثم بن طارق على توليه الحكم.

 

التعليقات (2)
الأكوان المتعددة
الخميس، 16-06-2022 10:43 م
مثلما اتت رغد صدام حسين من الاردن الي السعودية اذا فطست المومياء المجنونة سليمة محمود لن ينزل من الحكم وكل شئ مفتوح ربما يكون وليد طلال شريك لة بلحكم
الاكوان المتعددة
الخميس، 16-06-2022 10:35 م
هل وليد طلال سيكون حليف لمحمود سليمة ال سعو لدرجة الحكم مشاركتة الحكم لا شئ بعيد لان الدولة مضطربة