هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جوبهت دعوة روسيا إلى تغيير مكان انعقاد المحادثات الدستورية السورية من جنيف بالرفض من جانب المعارضة السورية، إلا أنها تثير تساؤلات حول سببها.
وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، قد أعلن عن اقتراح روسي ينص على نقل مقر اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف إلى مسقط أو أبو ظبي أو الجزائر.
وأرجع مقترح بلاده، إلى العقوبات التي تفرضها سويسرا على روسيا، قائلا، إن "استمرار العمل في جنيف بالنسبة لروسيا أصبح صعبا، بسبب الموقف غير الودي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا".
وأضاف خلال مشاركته في اجتماع "أستانا 18" في العاصمة الكازاخية نور سلطان/ أستانا، أن التفاوض لا يزال مستمرا حول هذا الموضوع، مؤكداً أن بلاده أكدت خلال محادثات أستانا للدول الضامنة الأخرى تركيا وإيران، اهتمامها بنقل موقع المفاوضات من جنيف.
المعارضة تطالب بفصل الملف
وتعليقا على الدعوة الروسية، دعا عضو "اللجنة الدستورية" عن المعارضة بشار الحاج، إلى عدم إقحام الملف السوري في النزاعات الدولية وخاصة المواجهة الروسية مع الغرب في أوكرانيا.
وأضاف لـ"عربي21"، أن اللجنة الدستورية تعقد تحت مظلة الأمم المتحدة وفي مقرها بجنيف، ونرفض بشكل قاطع سحب هذا الملف من الغطاء الأممي، وكذلك نرفض أن يكون الملف السوري تحت تأثير التجاذبات الروسية مع الغرب.
اقرأ أيضا: أحمد طعمة لـ"عربي21": نتائج معقولة لـ"أستانا 18" حول سوريا
وقال الحاج، إن دعوة روسيا إلى تغيير مكان انعقاد اللجنة الدستورية يشكل تهديدا للعملية السياسية السورية، وقد يؤدي إلى توقفها بشكل كامل.
وشدد عضو اللجنة السورية، على "ضرورة إبقاء اللجنة الدستورية تحت إشراف وعهدة الأمم المتحدة، حيث تشكل المظلة الأممية عاملا مطمئنا للسوريين".
وقال: "نرفض هذا المقترح، الذي يمهد إلى سيطرة قوى أستانا عليه بطريقة أو بأخرى، وعلى مجريات الحل السياسي وبالتالي على حساب السوريين".
روسيا تستأثر بالملف السوري
ورأى، الكاتب المختص بالشأن الروسي، الدكتور نصر اليوسف، في الدعوة الروسية لتغيير مكان انعقاد المحادثات الدستورية من جنيف، محاولة من روسيا لاستبعاد أي دور غربي في القضية السورية، بسبب القطيعة الروسية مع الدول الغربية على خلفية الصراع في أوكرانيا.
وقال لـ"عربي21"، إن علاقات روسيا مع الغرب وصلت إلى حالة القطيعة، وبما أن روسيا تمسك تماماً بالقضية السورية، تريد أن تستبعد أي دور للغرب، لأن المحادثات في جنيف هي بطابع دولي.
وأضاف: "بذلك، تريد روسيا أن تنهي أي تأثير للغرب في مسار المحادثات"، موضحا: "بعبارة ثانية، تريد روسيا أن تستأثر بالملف السوري، لحل هذا الملف وفق مصالحها ورغباتها".
جملة أهداف من جانب روسيا
وفي السياق ذاته، أشار الكاتب المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، إلى جملة أهداف تريد روسيا تحقيقها من هذا المطلب، من أهمها إلغاء القيمة التي تتمتع بها جنيف على صعيد النزاعات والدبلوماسية الدولية منذ عقود، عقابا لسويسرا على موقفها من أوكرانيا وانخراطها في العقوبات الغربية ضد روسيا.
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن روسيا تريد استثمار التوتر مع الغرب بسبب أوكرانيا، لسحب الملف السوري إلى مكان آخر غير جنيف، المدينة التي تعد عاصمة الدبلوماسية الدولية.
اقرأ أيضا: الدول الضامنة لـ"أستانا 18" تصدر بيانا مشتركا بشأن سوريا
ويقول عبد الواحد، لا توجد أي مدينة مثل جنيف، لإعطاء أي مفاوضات تعقد فيها صفة الشرعية الدولية، ومن الواضح أن روسيا لن تقبل بمكان آخر مثل فيينا أو نيويورك بديلا عن جنيف.
وبحسب الخبير بالشأن الروسي، فإن كل ذلك يأتي بعد شعور روسيا بأنها نجحت في سحب جزء من المفاوضات السورية من الأمم المتحدة، أي من خلال مسار "أستانا"، مبينا أن "روسيا تعتقد بأن الوقت الآن يعد مناسبا لسحب البساط كاملا من الأمم المتحدة بالملف السوري".
وأشار عبد الواحد، إلى دعم النظام السوري لمقترح روسيا، وقال: "باختصار، تريد روسيا أن تعاقب الغرب، وتحاول سحب الملف السوري بعيدا عن الشرعية الدولية، ومن ثم تدعي شكليا أنها ملتزمة بالقرارات الأممية للحل في سوريا".
ومنذ أواخر العام 2019، بدأت اللجنة الدستورية أعمالها عام 2019، وعقدت ثماني جولات بحضور المعارضة والنظام والأمم المتحدة، لكن من دون أن تسفر عن أي نتائج على صعيد كتابة الدستور السوري الجديد.