هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعتبر مسجد العين في مدينة البيرة في الضفة الغربية المحتلة واحدا من أهم المساجد التاريخية في فلسطين حيث كان له دور كبير في حياة المجتمع على مدار التاريخ، ولعب دورا هما في تعزيز التمسك بالهوية الفلسطينية.
ويأخذ هذا المسجد اسمه من عين ماء بجواره شربت منها السيدة مريم عليها السلام بعد أن وضعت سيدنا عيسى في بيت لحم وانتقلت به إلى مدينة الناصرة، وفي طريقها عرجت على تلك العين التاريخية التي حملت اسم هذا المسجد العظيم.
ولعب مسجد العين دورا تاريخيا مهما ودعوية ووطنيا ورياضيا كذلك من خلال أنشطته المتواصلة والممتدة، وتخرج منه عدد من الشهداء والقادة والعلماء وكان سند للمسجد الأقصى في دعمه، ومنبرا دعويا ذو شان عظيم.
ويقع المسجد بحسب محمد جرادات مدير دائرة الآثار في مدينة رام الله؛ جنوب غرب البلدة القديمة لمدينة القدس المحتلة وبمحاذاة الطريق الرئيسي الذي يربط مديني البيرة والقدس والذي يسمى "شارع نابلس".
وأوضح جرادات في حديثه لـ "عربي21" أن المسجد يحمل اسما واحدا فقط وهو "مسجد العين"، وانه لا يوجد أسماء أخرى له، و تبلغ مساحته حوالي 3 دونمات فقط.
محمد جرادات.. مدير دائرة الآثار في مدينة رام الله
وقال: "ما يميز مسجد العين انه مرتبط بعين الماء التي بجانبه والذي سمي نسبة إليها، وهذه العين كانت احد المصادر المائية التي كان يعتمد عليها سكان مدينة البيرة لسد احتياجاتهم من مياه الشرب".
وأضاف: "يعود تاريخ بناء مسجد العين إلى الفترة العثمانية المتأخرة (1850م – 1917م)، وقد جرت عليه بعض التعديلات في عام 1930م على المبنى، وبالتالي في فترات لاحقة جرت أعمال إضافة وترميم لبعض الأجزاء من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية".
وتابع: "يعتبر مسجد العين البناء الأول الذي يعود إلى الفترة العثمانية المتأخرة وهو حسب القانون الفلسطيني يعتبر أثرا وبالتالي الحفاظ على هذا المسجد العثماني هو من اختصاص وزارة السياحة والآثار إضافة إلى دور وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الحفاظ على المسجد وإجراء بعض الترميمات والتعديلات ليبقى المسجد معمورا بالمصلين".
وأوضح جرادات أن مسجد العين يتبع الآن لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، وهو مسجد معمور حيث تقام به الصلوات الخمس وصلاة الجمعة.
وأشار إلى أن المسجد مثله مثل بقية المواقع الفلسطينية تعرض للاعتداءات الإسرائيلية والاقتحامات ولكنه لا يوجد سجل يوثق هذه الاعتداءات، محذرا من خطورة هذه الاعتداءات على المواقع الأثرية والمواقع بشكل عام والمساجد بشكل خاص كونها دور عبادة.
ومن جهته شدد ماجد صقر الباحث والداعية الإسلامي وإمام مسجد العين السابق على أهمية مسجد العين التاريخية والدور الذي لعبه في الدعوة الإسلامية في منطقة البيرة ومحيطها على مدار نصف قرن من الزمان رغم الكثير من الظروف التي مر بها خلال تلك الفترة.
ماجد صقر.. باحث وداعية إسلامي وإمام مسجد العين السابق
وقال صقر لـ "عربي21": "بني مسجد العين بجانب عين الماء في العهد العثماني المتأخر، والبعض أعاده إلى أيام السيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام عندما شربت من هذه العين التي مرت بها بعدما ولدته في كنيسة المهد في مدينة بيت لحم ثم انتقلت به إلى مدينة الناصرة".
وأضاف: "مدينه البيرة كما هو معروف هي همزه الوصل بين شمال وجنوب فلسطين، فكانت كل القوافل تمر بجانب مسجد العين ومن طريق مسجد العين، وهناك خان كان التجار يستريحوا فيه، وهذا يمثل الأهمية التاريخية لهذا المسجد".
وأشار صقر إلى أن مسجد العين هو ثاني أقدم مسجد في مدينه البيرة وبعد مسجد العمري الذي لا يبعد عنه سوى 200 متر.
وقال: "مسجد العين له أهمية كبيرة عند أهالي مدينه البيرة وضواحيها وأيضا على مستوى الوطن بشكل عام حتى في فلسطين يعني مسجد مشهور ومعروف تخرج منه نخبة من القادة والعلماء على مدار التاريخ."
وأضاف: "لمسجد العين أهمية دعوية كبيرة حيث كان له دور كبير في الصحوة الإسلامية التي حدثت قبل عشرات السنين".
وتابع: "أنا عملت إماما للمسجد أبان انتفاضة الحجارة (1987م ـ 1994م) وكان له دور كبير في فعاليات الانتفاضة المباركة، وقد تخرج من مسجد كثير من الشهداء والقادة والعلماء، بينهم الشهيدين عماد وعادل عوض الله وأمجد الطويل".
وأشار صقر إلى أن لمسجد العين مشاركات دعوية ورياضية مشهودة سواء على صعيد فريق الطائرة أو كرة السلة أو القدم، وكانت فرقه تنافس على مستوى عالي.
وقال: "مدينه البيرة بحمد الله هي مدينه متدينة ما زالت تحافظ على الطابع الثقافي الديني الأخلاقي رغم وجود العديد من المغتربين إلى الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضاف: "مسجد العين يمثل مركزا للدعوة والمقاومة وما يزال ينتظر دور شبابه في دعم المسجد الأقصى المبارك، رغم اعتقال عدد كبير من رواه وشبابه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح صقر أن المسجد لعب دورا كبيرا في نشر الدعوة الإسلامية، حيث تعج فيه حلقات الذكر وتحفيظ القران الكريم والتجويد وفيه يوميا مواعظ دينية.
ومن جهته دعا الكاتب والصحفي أمير أبو عرام من مدينة البيرة التي تحتضن مسجد العين إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في إبراز معالم مدينته التاريخية لا سيما مسجد العين وعينه المعروف والمسجد العمري.
أمير أبو عرام.. كاتب وصحفي فلسطيني
وشدد أبو عرام في حديثه لـ "عربي 21" على انه يحث على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال صوت فلسطين للعالم وتعريف العالم بآثارها نظرا لعدم امتلاك ماكنة إعلامية تقليدية تصل إلى العالمية في ظل سيطرة اللوبي اليهودي على هذه الوسائل العالمية.
وقال:" المشكلة الأولى في قضية الآثار أن الشعب الفلسطيني لا يملك ماكنة إعلامية يمكنه استغلالها لإيصال صوته إلى العالم بحيث غالبية وسائل الإعلام العالمية التي ممكن أن توصل صوت الفلسطينيين تعمل ضمن معايير محددة".
وأضاف: "هناك كثير من القضايا تمنع الصحفي الفلسطيني من تناولها خاصة إذا ما تحدثنا عن قضايا حساسة وتاريخية تحمل أبعاد للديانة اليهودية وكأنه محاولة مهاجمة الرواية الصهيونية".
وتابع: "الرواية الصهيونية هي رواية وان كانت على باطل فإنها تمتلك قوة الوصول إلى كافة الأماكن لتعزيز الرواية عالميا".
وتطرق أبو عرام إلى الصعوبات التي تواجه الصحفي الفلسطيني في الحصول على المعلومات التاريخية والأثرية وذلك لعدم وجود برامج واضحة من قبل وزارتي الثقافة والسياحة والآثار لتعزيز المعطيات الحقيقية الموجودة في فلسطين وهذا يفتح مجال اكبر الاحتلال أن يأخذ دور ويعزز روايته الأقوى.
وقال: "آلية التصدير الأنسب للمعلومة أن تكون هناك معلومات واقعية قيمة حقيقية ومعطيات مدروسة من قبل الجهات الرسمية كالوزارات من اجل توثيق الكثير من الأماكن التاريخية في فلسطين المتنازع عليها والتي يدعي الاحتلال أحقيته بها".
وأضاف: "الآن هناك حملات للسوسل ميديا تفتح مجال جيد ممكن نوصل رسالتنا للعالم من خلالها".
وتابع: "يستطيع الإعلام الفلسطيني مواجهة الرواية الإسرائيلية، ولكن يحتاج إلى إبراز وتوثيق كل المعلومات الحقيقية من اجل مواجهة الرواية الإسرائيلية لأنها مبنية على خرافات وضلالات".