هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أطلق المعارض الأفغاني لحكم طالبان أحمد مسعود الذي يقود المعارضة تحذيرات من خطورة حكم طالبان للبلاد، معتبرا أن "أفغانستان تُشكل اليوم تهديدا للعالم أكبر بكثير مما كان عليه الوضع في عام 2001"، وفقا لما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وأحمد مسعود هو نجل القائد الأفغاني المعروف أحمد شاه مسعود الذي يعرف بلقب "أسد بانشير"، وهي مقاطعة تقع شمال العاصمة الأفغانية كابول، ومنها تنحدر العائلة.
وقد قُتل شاه مسعود على يد عناصر في تنظيم القاعدة قبل يومين من هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر على الولايات المتحدة في عام 2001.
ملاذ آمن
وقال أحمد مسعود إن بلاده أصبحت مرة أخرى ملاذا آمنا لعشرات الجماعات المسلحة، بما في ذلك تنظيم الدولة والقاعدة، وهي الجماعات التي تريد تصدير أيديولوجيتها المتطرفة إلى العالم.
وكانت الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب قد انهارت في آب/ أغسطس من العام الماضي بعد انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية، لتستعيد طالبان السلطة بعد أكثر من 20 عاما من القتال ضدها.
وحذر أحمد مسعود، في مقابلة خاصة مع "بي بي سي"، العالم من تجاهل أفغانستان، قائلا إن بلاده بحاجة إلى اهتمام عاجل واستقرار سياسي، مضيفا أن الجماعات المتطرفة سوف تستغل الاضطرابات لاستهداف المصالح الأجنبية، على حد تعبيره.
وكان والده الراحل أحمد شاه مسعود قد أصدر تحذيرا مماثلا قبل أيام قليلة من أحداث 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001.
وأكد مسعود الابن أن تحذير والده لم يُلتفت إليه وأن العالم يعيش مع العواقب منذ ذلك الحين، واصفا الوضع في أفغانستان بأنه أسوأ بكثير مما كان عليه في زمن والده.
وقال: "آمل أن يتفهم العالم وخاصة أوروبا خطورة التهديدات من أفغانستان وأن يتدخل بطريقة هادفة للمساعدة في تشكيل حكومة شرعية وخاضعة للمساءلة في أفغانستان".
قاتلت مجبرا
وقال أحمد مسعود الذي خضع لتدريب لمدة عام في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، إن الأزمة في بلاده يجب حلها من خلال المفاوضات السياسية وليس الحرب، مستدركا أن طالبان لم تترك له خيارا سوى المقاومة ومحاربة ما يُطلق عليه "جرائم طالبان ضد الإنسانية".
وانسحب أحمد مسعود إلى مسقط رأسه في بانشير وشكل جبهة المقاومة الوطنية في أعقاب عودة طالبان إلى السلطة في آب/أغسطس من العام الماضي.
ويقود مسعود الآن أكثر من 3 آلاف مقاتل مسلح، حيث تقاتل قواته طالبان على مدى الأشهر الـ 11 الماضية، بشكل رئيسي في وديان وجبال بانشير ومنطقة أندراب الاستراتيجية المجاورة في مقاطعة بغلان.
وعلى عكس القتال المسلح الذي خاضه والده ضد طالبان في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، لم تؤيد أي دولة حتى الآن المقاومة المسلحة لأحمد مسعود ضد طالبان.
والشهر الماضي، أصدرت الحكومة البريطانية بيانا قالت فيه: "إنها لا تدعم أي شخص يسعى لتحقيق تغيير سياسي من خلال العنف، أو أي نشاط يحرض على العنف لأغراض سياسية في أفغانستان".
وقد رحبت حركة طالبان بموقف بريطانيا، لكن أحمد مسعود يرى أن هذا الموقف "مشكوك فيه أخلاقيا"، متسائلا: "كيف يمكن للقوى العالمية أن تقول إنه من غير المقبول القتال ضد طالبان الآن في الوقت الذي دعمت فيه القوى الغربية لعقود الحملة العسكرية ضد الحركة".
كما اعتبر أنه "للشعب الأفغاني الحق في النضال من أجل العدالة والحرية"، مضيفا: "أخلاقيا، هذا سبب يجب دعمه".
اقرأ أيضا: الولايات المتحدة مستعدة لمنع أحمد مسعود من محاربة طالبان
نقص في الدعم
وأقر زعيم جبهة المقاومة الوطنية بأن قواته لديها موارد أقل بكثير من طالبان. لكن الروح المعنوية العالية والتحفيز أبقيا المقاومة مستمرة، على حد تعبيره.
وأضاف: "نحن في عام 2022 حيث يريد جيل جديد أفغانستان جديدة يمكنهم تقرير مستقبلهم فيها".
كما حث أحمد مسعود القوى العالمية، بما في ذلك بريطانيا، على الوقوف إلى جانب شعب أفغانستان وزيادة الضغط على طالبان لقبول حل سياسي.
وبعد ما يقرب من عام على تولي الحركة السلطة في كابول، لم تعترف أي دولة بحكومة طالبان، لكن العديد من الدول والقوى الإقليمية، مثل روسيا، أشارت إلى استعدادها لإقامة علاقات طبيعية مع حكومة طالبان.
إلى ذلك، حذر أحمد مسعود من الاعتراف بطالبان قائلا إن أي دولة تقرر القيام بذلك ستتحمل مسؤولية استبداد وفظائع طالبان، متهما الحركة بتنفيذ حملة واسعة النطاق لاعتقال وتعذيب وقتل المدنيين بشكل غير قانوني في بانشير وأندراب وأماكن أخرى.
كما أوضح مسعود الابن أن 97 في المئة من الذين اعتقلتهم طالبان لا صلة لهم بجبهة المقاومة الوطنية التابعة له، مضيفا أنها تفعل ذلك لممارسة ضغوط نفسية عليهم.
كما اعتذر مسعود لأسر الضحايا، وقال إنه لا يستطيع مساعدتهم بسبب موارده المحدودة.
دعوة للحوار
وأكد أحمد مسعود أن المحادثات السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة، بحسب بي بي سي.
وكان مسعود قد أجرى عدة لقاءات مع قادة طالبان، بما في ذلك لقاء مباشر مع أمير خان متقي وزير خارجية طالبان في طهران قبل 6 أشهر.
وأوضح أحمد مسعود أن المحادثات لم تسر على ما يرام، وهو يلقي باللوم على طالبان ويقول إنهم لم يصلوا إلى النقطة التي يؤمنون فيها بالتوصل إلى تسوية سياسية، لكنه أكد وجود مؤشرات على أن المستويات الأدنى في حركة طالبان تريد عملية أكثر انفتاحا وشمولية، وهو يأمل أن يصل هذا الإدراك إلى كبار القادة.
وختم مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية بالقول: "لقد تخلى العالم عن الشعب الأفغاني، وتركنا بمفردنا لمحاربة الإرهاب العالمي".