صحافة دولية

NYT: لماذا تريد روسيا إغلاق فرع الوكالة اليهودية في أراضيها؟

لعبت الوكالة دورا أساسيا في المساعدة على إنشاء إسرائيل في عام 1948
لعبت الوكالة دورا أساسيا في المساعدة على إنشاء إسرائيل في عام 1948
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن روسيا تهدد بحظر وكالة يهودية كبرى تساعد اليهود في الهجرة إلى إسرائيل، من العمل في البلاد، في إشارة إلى تدهور علاقة الكرملين بإسرائيل والتداعيات بعيدة المدى للحرب في أوكرانيا.

وذكرت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن وزارة العدل الروسية تسعى إلى تصفية الفرع الروسي للوكالة اليهودية التي تعمل بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، بحسب إشعار من محكمة في موسكو.

وكانت خطوة الحكومة الروسية بمثابة انتقاد لليهود في روسيا وبدا أنها تراجع عن جهود الرئيس فلاديمير بوتين على مر السنين لبناء علاقات أوثق مع إسرائيل والجالية اليهودية.

وتم تحديد جلسة استماع أولية في 28 تموز/ يوليو، وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد الخميس إنه سيرسل وفدا إلى روسيا لإجراء محادثات تهدف إلى إبقاء الوكالة تعمل هناك.

وقال لابيد في بيان: "الجالية اليهودية في روسيا مرتبطة بإسرائيل بعمق.. سنواصل العمل من خلال القنوات الدبلوماسية حتى لا يتوقف نشاط الوكالة اليهودية المهم".

ولم تكشف وزارة العدل عن سبب سعيها لإغلاق الفرع الروسي للوكالة ولم ترد على طلب للتعليق.

لكن وفقا لمسؤول في الوكالة اليهودية، فقد أرسلت الوزارة خطابا قبل حوالي أسبوعين إلى مكتب الوكالة في موسكو تتهمه فيه بانتهاك قوانين الخصوصية من خلال الاحتفاظ بتفاصيل المتقدمين للهجرة إلى إسرائيل في قاعدة بيانات.

وقال المسؤول، الذي لم يُصرح له بالتحدث علنا خلال الإجراءات القانونية، إن الرسالة تضمنت شكوى لا علاقة لها بالادعاءات القانونية.. إن إسرائيل تستنزف بعضا من أفضل العقول من روسيا، التي يقطنها مئات الآلاف من الأشخاص من أصل يهودي.

بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير، أصبحت إسرائيل واحدة من الوجهات الرئيسية لموجة الهجرة، وهي موجة نزوح شملت العديد من العمال في صناعة التكنولوجيا الروسية. وتم تسجيل حوالي 16,000 مواطن روسي كمهاجرين في إسرائيل منذ بداية الحرب، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تم تسجيله في العام الماضي بأكمله؛ ووصل 34,000 آخرون كسائحين.

وقال المسؤول في الوكالة اليهودية إن الاستياء الروسي من إسرائيل بشأن مجموعة متنوعة من الأمور الأخرى قد يساعد أيضا في تفسير الضغط الروسي الجديد. وتشمل هذه الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في سوريا والنزاع على ممتلكات الكنيسة في القدس.

وأصبح المسؤولون الإسرائيليون أكثر جرأة في انتقادهم للحرب الروسية في أوكرانيا، بعد محاولتهم في البداية السير في طريق دبلوماسي وسط. ففي الأسبوع الماضي، بدأت إسرائيل في توفير الخوذات وغيرها من المعدات الوقائية لقوات الإنقاذ الأوكرانية والمنظمات المدنية بعد أن رفضت في وقت سابق القيام بذلك، ووقع لابيد إعلانا مشتركا مع الرئيس بايدن يعبر عن "مخاوف بشأن الهجمات المستمرة ضد أوكرانيا".

وقال وزير شؤون الشتات الإسرائيلي نحمان شاي، في بيان الخميس: "محاولة معاقبة الوكالة اليهودية على موقف إسرائيل من الحرب أمر مؤسف ومهين.. لا يمكن فصل يهود روسيا عن علاقتهم التاريخية والعاطفية بدولة إسرائيل".

الوكالة اليهودية، التي تأسست منذ ما يقرب من قرن من الزمان باسم الوكالة اليهودية لفلسطين، لعبت دورا أساسيا في المساعدة في إنشاء إسرائيل في عام 1948، وسهلت هجرة ملايين اليهود من جميع أنحاء العالم. وهي تصف نفسها بأنها أكبر منظمة يهودية غير ربحية في العالم، وتدير برامج اجتماعية في إسرائيل وللمجتمعات اليهودية في الخارج.

وتم حظر الوكالة في الاتحاد السوفييتي حتى سنواته الأخيرة. ووصل حوالي مليون مهاجر من الاتحاد السوفييتي السابق إلى إسرائيل منذ أواخر الثمانينيات وحتى نهاية التسعينيات. وتساعد الوكالة الآن الروس من أصول يهودية على الانتقال إلى إسرائيل وتدير مدارس الأحد ودروس العبرية في جميع أنحاء روسيا.

كما أنها تنشط في أوكرانيا وتقدم مساعدات طارئة لليهود هناك. ويدعو موقعها الإلكتروني الناطق باللغة الروسية الزوار إلى إدخال أسماء وعناوين البريد الإلكتروني لأقارب يهود في أوكرانيا للسماح للوكالة "للمساعدة في إنقاذهم من منطقة الحرب، وتزويدهم بمأوى مؤقت وتمكينهم من العودة إلى إسرائيل".

في مقابلة هاتفية، قال رئيس الكونغرس اليهودي الروسي، يوري كانر، إن تحرك الحكومة الروسية لتصفية الوكالة يمثل ضربة للجالية اليهودية في روسيا، حتى لو كان لا يزال من الممكن تجنب التفكيك الكامل لعملياتها. وتوقع أن تدفق الروس الذين ينتقلون إلى إسرائيل - كما يتضح من الارتفاع الحاد في الاهتمام بتعلم العبرية - سيزداد أكثر.

وقال عن الحظر المحتمل للوكالة اليهودية: "من الممكن أن يعتقد أحدهم أنه من خلال القيام بذلك يمكن أن يحد" من الهجرة الروسية إلى إسرائيل. وأضاف: "أعتقد أن النتيجة ستكون مختلفة - ستعطي دفعة جديدة لموجة من الهجرة".

قال كانر إنه، في الوقت الحالي، لم يسجل ارتفاعا في معاداة السامية في المجتمع الروسي أو يرى حملة قمع على الحياة اليهودية في روسيا. لكن تحرك الحكومة ضد الوكالة اليهودية البارزة يأتي وسط تحول سريع في الجغرافيا السياسية لبوتين وفي المشهد السياسي المحلي - مما أثار أصداء الحقبة السوفيتية، عندما عانى اليهود بسبب النظر إليهم على أنهم ينتمون إلى ولاءات مزدوجة.

لسنوات، عمل بوتين على رعاية العلاقات مع الجالية اليهودية وإسرائيل. أيد بناء متحف يهودي في موسكو واستضاف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، كضيف شرف في موكب يوم النصر في الحرب العالمية الثانية في موسكو عام 2018.

لكن الحرب في أوكرانيا جعلت بوتين يتلمس الحلفاء في صراعه المتصاعد مع الغرب، بينما يغذي حملة موسعة ضد أي شخص داخل روسيا لديه ولاءات مشبوهة. في وقت سابق من هذا الأسبوع، زار بوتين إيران، العدو اللدود لإسرائيل، واحتفل بتوطيد العلاقات بسرعة في اجتماع مع المرشد الأعلى للبلاد.

داخل روسيا، قامت الحكومة هذا العام بقمع العديد من المنظمات ذات العلاقات الخارجية، من المؤسسات السياسية الألمانية إلى مركز أبحاث مركز كارنيغي موسكو الممول من الولايات المتحدة. وفي كانون الأول/ ديسمبر، لجأت إلى محكمة في موسكو لتصفية منظمة ميموريال إنترناشونال، وهي أبرز منظمة لحقوق الإنسان في البلاد.

وفي إسرائيل، بدأت السياسة التي تأثرت منذ فترة طويلة بشتات كبير ومؤثر يتحدث اللغة الروسية في الابتعاد عن الكرملين. تجنب نفتالي بينيت، رئيس وزراء إسرائيل عندما اندلعت الحرب في شباط/ فبراير، النقد المباشر لروسيا، مشيرا إلى المصالح الأمنية لإسرائيل في سوريا وكذلك الحاجة إلى حماية سلامة وحرية تنقل اليهود في كل من أوكرانيا وروسيا.

لابيد، الذي تولى منصب رئيس الوزراء في 1 تموز/ يوليو بعد انهيار حكومة بينيت، تخلى إلى حد كبير عن محاولات بينيت للتوسط في الحرب وقال إن روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا.

بالنسبة لليهود الذين بقوا في روسيا، كان القمع الواضح للوكالة اليهودية بمثابة آخر منعطف مقلق. في فولغوغراد بجنوب روسيا، قالت زعيمة الجالية اليهودية، يائيل إيفي، في مقابلة هاتفية إن معدل الهجرة إلى إسرائيل من مدينتها تضاعف على ما يبدو في الأشهر الأخيرة.

وقالت إن الأشخاص المنحدرين من أصل يهودي يهاجرون ليس خوفا من اضطهاد اليهود، ولكن بسبب "الوضع العام غير المستقر - أو توقع وضع غير مستقر".
التعليقات (0)