هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت تقرير رسمي يمني،
الثلاثاء، عن ارتفاع فاتورة استيراد القمح إلى أكثر من مليار و500 مليون دولار
سنويا، بالتزامن مع قرب نفاد المخزون الاستراتيجي من القمح، في بلد يعاني من أسوأ
أزمة إنسانية في العصر الحديث، وفقا للأمم المتحدة.
وذكرت وكالة الأنباء
الحكومية "سبأ" أن المجلس الرئاسي اليمني ناقش في اجتماعه، الثلاثاء،
تقارير عدة بشأن الأزمة العالمية، وتداعياتها على الأمن الغذائي اليمني، بما في ذلك
الاختناقات الحادة لسلاسل الإمداد والزيادات الناتجة عنها في أسعار المواد
الغذائية والطاقة وغيرها.
وبحسب الوكالة، فإن المجلس اطلع على تقرير يبين ارتفاعا كبيرا في فاتورة استيراد القمح من 700 مليون دولار
عام 2019 إلى مليار و858 مليون دولار خلال عامي 2020 و2021 على التوالي.
وأشار التقرير إلى أن
فاتورة استيراد السلع الغذائية الأساسية ارتفعت إلى ثلاثة مليارات و23 مليون
دولار.
ووجه المجلس الرئاسي
الحكومة بمزيد من الإجراءات الكفيلة بتأمين مصادر وأسواق بديلة لاستيراد الحبوب، وتحسين الإجراءات الرقابية على أسعار السلع الغذائية، والتنسيق مع الوكالات
والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأمس الاثنين، قال
وزير الصناعة والتجارة، محمد الأشول، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إن
المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية في البلاد يغطي الاحتياج حتى نهاية أغسطس/
آب القادم.
وأضاف الأشول أن
الوزارة بذلت جهودا كبيرة خلال الفترة الماضية لتوفير المخزون الاستراتيجي من
القمح، وذلك على إثر تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عنه من ارتفاع
أسعار القمح، وتوقيف الهند لتصديره، ومواكبة لذلك ولتفادي أي مخاطر نفاد المخزون
الاستراتيجي للقمح.
وقال إن الحكومة بذلت
جهودا حثيثة للحفاظ على المخزون الاستراتيجي، وتمكنت من الحفاظ على عدم وقوع فجوة
بين المخزون الاستراتيجي وتوفر السلع الغذائية في السوق.
وأضاف: قمنا بمخاطبة
الحكومة الهندية وبعض الدول من خلال سفرائنا في بولندا وهولندا والاتحاد الأوروبي
لفتح منافذ جديدة لاستيراد القمح.
وأشار إلى أن
"هناك نتائج إيجابية للاستيراد من الهند، وكذلك وجود تنسيق وتشبيك لاستعادة
استيراد القمح من أوكرانيا"، مؤكدا أن هناك شحنات قادمة في الطريق".
اقرأ أيضا: ما تأثير اتفاق إسطنبول على أسعار القمح العالمية؟
وسجلت أسعار الغذاء
ارتفاعا إلى أعلى من مستوياتها منذ سنوات في الأسواق المحلية، لاسيما القمح، الذي
ارتفعت أسعاره بنسبة تتجاوز 30 بالمئة.
"تحديات
صعبة"
من جانبه، قال الصحفي
المتخصص في الشأن الاقتصادي، وفيق صالح، إن هناك تحديات عدة تواجه الاقتصاد الوطني
خلال الوقت الراهن، سيما مع أزمة ارتفاع أسعار النفط عالميا، وكذلك أسعار القمح،
وأزمة سلاسل الإمداد إلى الدول النامية.
وأضاف صالح في تصريح
لـ"عربي21": "تتفاقم أزمة القمح عالمياً مع صعوبة تصدير القمح من
أوكرانيا إلى بقية دول العالم، حيث تصدر أوكرانيا سنويا أكثر من مئة مليون طن من
القمح إلى دول مختلفة في العالم، الأمر الذي يدفع بظهور تحديات صعبة أمام قدرة
بلادنا على توفير احتياجاتها من القمح والسلع الأساسية الأخرى.
ويشير الصحفي اليمني
المتخصص في الشأن الاقتصادي إلى أن الحكومة ليست لديها من خيارات، سوى البحث عن
بدائل جديدة لاستيراد مادة القمح، وتوفير احتياجات البلاد من السلع والمواد
الغذائية الأساسية ومن بينها مادة القمح، لتلافي وقوع كارثة إنسانية لا قدر الله.
وبحسب المتحدث ذاته،
فإن استمرار الأوضاع بهذه الصورة يفاقم من الأعباء المعيشية على المواطنين، مع
الارتفاع المستمر في أسعار السلع والمواد الغذائية، وفي مختلف مناحي الحياة.
وقال إن الحرب التي
أشعلتها مليشيا الحوثي منذ ثمانية أعوام، أدت إلى التدهور الاقتصادي، ودفع المزيد
من الناس إلى الفقر".
كما دفع نزوح السكان، وفصل الناس عن مناطقهم الأصلية، وسبل عيشهم وحياتهم الاجتماعية، إلى خسائر في
الدخل، وفق للصحفي صالح.
وتابع: كما أدى إلى
تآكل كبير في قدرة الأسرة على التكيف، ما ترك العديد من الأشخاص معرضين بشدة
لارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وعدم القدرة على مواجهة نفقات المعيشة
الأساسية الأخرى.
وأوضح الصحفي الاقتصادي
اليمني أن هذه الأزمة دفعت الكثير من السكان إلى اتباع استراتيجيات أكثر قسوة
للتكيف مع الغذاء، مثل تخطي وجبات الطعام، خاصة أن ثمانية ملايين مستفيد من
المساعدات الإنسانية يتلقون حصصًا غذائية مخفضة على مستوى البلاد، نتيجة نقص تمويل
المانحين، وفق ما تقوله المنظمات الدولية العاملة في مجال الغذاء.
وتنتج أوكرانيا نحو
ثلث إمدادات القمح إلى اليمن، ما يثير خشية من اتساع هوة الجوع في بلد ارتفعت فيه
أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف منذ العام الماضي، وفق الأمم المتحدة، وبات
غالبية السكان، بطريقة أو بأخرى، غير قادرين على إعالة أنفسهم.
يشار إلى أن الاحتياج
الفعلي لليمن من مادة القمح والدقيق 3.8 مليون طن سنويا يتم استيراد 95 بالمئة منه
من خارجه، ويستورد البلد ما نسبته 34 بالمئة تقريبا من احتياجها من القمح من
روسيا.