اقتصاد عربي

عودة "الكراتين" بمصر.. حماية اجتماعية أم مخاوف من انفجار؟

2 مليون كرتونة ستوزع خلال 6 أشهر- تويتر
2 مليون كرتونة ستوزع خلال 6 أشهر- تويتر
مع اشتعال أزمة الأسعار في مصر الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتعد الأسوأ منذ عقود، تعتزم الحكومة المصرية توزيع مليوني كرتونة غذائية شهريا لمدة 6 أشهر، وتبلغ تكلفتها الفعلية 120 جنيها، على أن تباع للمواطن بـ 50 فقط، بدعوى تخفيف أعباء الأزمة عن الفقراء (2.6 دولار).

وكشف رئيس الوزراء المصري، الخميس، أن الدولة تتحرك بشكل فوري لتنفيذ حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة؛ لرفع العبء عن كاهل المواطنين للبدء في تطبيقها في أسرع وقت، موضحا أن الحكومة تستهدف بدء التنفيذ خلال شهر بحد أقصى.

وأضاف مصطفى مدبولي، أن الدولة سوف تصرف دعما قدره 100 جنيه، نحو 5 دولارات، لمدة 6 شهور، فقط من خلال بطاقة حكومية يتم صرفها من مكاتب البريد والمكاتب المختلفة، مشيرا إلى ضم مليون أسرة لمعاش تكافل بشكل دائم.

وأوضح أن تكلفة إجراءات الحماية الاجتماعية الجديدة ستتراوح ما بين 11 إلى 12 مليار جنيه إضافية، مشيرا إلى أن حزم الدعم والمبالغ الجديدة، لن تؤثر على توافر السلع بكميات مناسبة، مشددا على أن الاحتياطي الاستراتيجي من السلع آمن تماما.

ولطالما ارتبط توزيع "الكراتين" التي تحتوي على سلع غذائية بسيطة بالانتخابات في مصر من أجل حث المواطنين على النزول والتصويت لصالح مرشح بعينه، ولكن هذه المرة يرى مراقبون أن توزيع الكراتين هو من أجل كبت غضب محتمل، تخاف الحكومة من انفجاره بسبب الأزمة الاقتصادية.

ويتهم المصريون حكومتهم بتجميل أرقام الاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بالتضخم الذي تراجع الشهر الماضي بنسبة طفيفة إلى 14.7 بالمئة، نزولا من 15.3 بالمئة في أيار/ مايو السابق له، وفق التقرير الشهري للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، الذي أظهر أن أسعار الغذاء والطاقة لا يزالان يسيطران على التضخم في مصر.

وقال تجار جملة وتجزئة ومواطنون؛ إن أسعار المواد الغذائية قفزت ما بين 50% و130%، كما في كرتونة البيض التي قفز سعرها من 36 جنيها إلى 85 جنيها، بنسبة ارتفاع بلغت أكثر من 130%، في حين ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء والألبان والمخبوزات بأكثر من 50%.

اقتصاد هش ينذر بالانفجار

في تقديره، يرى الباحث في الاقتصاد السياسي مصطفى يوسف، أن تصريحات الحكومة "مؤشر واضح على وجود أزمة كبيرة، وظاهرها الحماية المجتمعية للطبقات الفقيرة و المعدمة، ولكن باطنها وحقيقتها هو وجود مخاوف حقيقية من حدوث انفجار شعبي بسبب عدم اليقين في المستقبل وحالة الغلاء الفاحش".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21": أن "تقارير المؤسسات المالية الدولية تؤكد أن مصر ضمن قائمة تواجه شبح الإفلاس، وهي محاولة واضحة لتأجيل الانفجار وخروج الناس إلى الشوارع كما حدث في العديد من بلدان العالم؛ نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة وليست الأزمة الاقتصادية العالمية، وعدم الالتفات إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية".

وأوضح أن "الإدارة المصرية فشلت في إدارة جميع الملفات المتعلقة بالأمن القومي أو المائي أو الغذائي، وباتت تستجدي المياه والغذاء والمال نتيجة الحفاظ على أمن الكرسي الخاص بالحاكم، ما أدى إلى تآكل الطبقات الوسطى ودخول أعداد كبيرة ضمن الطبقة الفقيرة، وتراكمت الديون الداخلية والخارجية بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد؛ ما ينذر بإفلاسها".

ووصف يوسف الاقتصاد المصري "بالهش الذي لا يمكنه عبور الأزمة الاقتصادية وحيدا دون مساعدات خارجية وقروض جديدة من أجل الحفاظ على البلاد من الانهيار، ولذلك تضعضعت قوته الاقتصادية بعد أزمتي جائحة كورونا المستمرة، ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية التي فاقمت الأوضاع الاقتصادية على أكثر من اتجاه، وهو ما يؤكد وجود سوء تخطيط. لذلك؛ فإن هناك خوفا من حدوث انفجار مجتمعي".

 

 


 

 


على وشك الانهيار

من جهته، يقول المحلل السياسي والاقتصادي محمد السيد؛ إن "هناك قلقا لدى النظام المصري من تأخر موافقة صندوق النقد الدولي على حصول مصر على قرض جديد لانتشال البلاد من أزمة الغرق في الديون وهروب الاستثمارات، وهذا التأخر يشير إلى أن الوضع الاقتصادي هش وقابل للانفجار بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة الضغوط على الشعب".

وأوضح لـ"عربي21": "تواجه مصر حقيقة ظروفا غير مسبوقة على المستوى الاقتصادي؛ نتيجة نقص العملة الصعبة، ومن أحد تداعياتها على المصريين هو إغلاق العديد من المصانع، وهذا سيكون له أثر مدمر عندما يتم تسريح آلاف العمال، والأيام القادمة ستشهد مصر العديد من الأزمات في ظل هذا النظام الذي أثبت فشله في المجالات كافة".

وأشار السيد إلى أنه كما أن التصنيف الائتماني الذي صدر في وقت سابق يضع الاقتصاد المصري في صورة سلبية، وهذا الأمر أدى إلى خروج المستثمرين خوفا على أموالهم، وأصبحت مصر من الدول المهددة بالإفلاس كما حدث في سيرلانكا تماما، وكعادة الصندوق أنه يحتاج إلى المزيد من الضمانات إذا كان الوضع الاقتصادي للبلد غير مطمئن وعلى وشك الانفجار أو الانهيار".

 

التعليقات (0)