هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استعرضت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" جوانب من مهام
الضابط في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، غاري شروين،
الذي توفي بعد يوم من اغتيال أيمن الظواهري، وكان مكلفا بملاحقة زعيم تنظيم
القاعدة الراحل أسامه بن لادن، بعد هجمات أيلول/ سبتمبر 2011.
واستدعي غاري شروين إلى مكتب مسؤوله المباشره
في وكالة المخابرات، وهناك أبلغه رئيسه: "ألق القبض على ابن لادن، اقتله، واحضر رأسه
معك في صندوق مثلج".
أما نائب أسامة بن
لادن آنذاك، أيمن الظواهري، وبقية الدائرة المقربة من قيادة تنظيم القاعدة، فكانت
الأوامر واضحة بشأنهم بنفس القدر: "يجب تعليق رؤوسهم على الرماح".
في غضون أيام، أصبح
شروين ومعه طاقم من أوائل الضباط الأمريكيين على الأرض في أفغانستان، مسلحين بهواتف
متصلة بالأقمار الصناعية وملايين الدولارات لكسب الأفغان إلى جانبهم.
بعد عدة أسابيع، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، شنت الولايات المتحدة هجومها على أفغانستان التي كانت تحكمها
حينذاك حركة طالبان، وكانت بداية حرب استمرت قرابة الـ20 عاماً وانتهت في آب/ أغسطس
2021.
تم القضاء على ابن لادن
في عام 2011، لكن الأمر استغرق عقداً آخر حتى تمكنت الولايات المتحدة من قتل
خليفته أيمن الظواهري.
وفي الأول من
آب/ أغسطس، بعد يوم واحد فقط من مقتل الظواهري بواسطة طائرة أمريكية مسيّرة في
كابل، توفي غاري شروين عن عمر يناهز الثمانين عاماً، إثر سكتة دماغية بحسب ما نقلت
وسائل إعلام أمريكية.
في أعقاب وفاته، أشاد
مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، بـ شروين، ووصفه بأنه "أسطورة
ومصدر إلهام" لكل ضابط يعمل داخل وكالة التجسس الأمريكية.
وقال بيرنز:
"لأكثر من عقدين في أفغانستان، وفي كل مهمة قام بها، خدم شروين وكالة
المخابرات المركزية، وجسّد أفضل ما في مؤسستنا، لم يكن هناك من هو أنسب منه في
وكالة المخابرات المركزية وقتذاك لقيادة العملية الأولى".
وعلى مدار حياته
المهنية التي امتدت لعقود، عمل شروين "رئيس محطة" وكالة المخابرات
المركزية في كل من أفغانستان وباكستان في الثمانينيات والتسعينيات من القرن
الماضي.
ويتذكر في إحدى
مقابلاته التلفزيونية ذلك الوقت أنه "لم يكن هناك أي اهتمام من قبل حكومة
الولايات المتحدة بأفغانستان".
وقال: "طالبان
كانت موجودة فعلياً هناك، والكل كان يعلم أنها ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان وأنها
مجرد سلطة بائسة تعامل شعبها معاملة مروعة. في الحقيقة لم يهتم أحد بذلك في
واشنطن".
ولكن بحلول عام 1996
فإن "المعادلة تغيرت" بحسب قول شروين بعد أن بدأت المخابرات الأمريكية
بالتركيز على أنشطة أسامة بن لادن، الذي لم يكن جهادياً بارزاً حتى ذلك الوقت بل
كان ينظر إليه على أنه مجرد محارب سابق في الحرب ضد السوفييت في الثمانينيات.
كان شروين ضمن مجموعة
صغيرة داخل مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية حذرت
من التهديد الذي يمثله ابن لادن.
على مدى السنوات
الثلاث التالية، وبتوجيه من شروين، حاولت وكالة المخابرات المركزية مراراً قتل ابن
لادن أو إلقاء القبض عليه، وتراوحت عمليات الوكالة بين نصب الكمائن لقافلته
ومداهمة مزرعته في جنوب أفغانستان إلى إطلاق صواريخ كروز وغارات جوية على الأماكن
التي يشتبه وجوده فيها.
لكن رغم ذلك نجحت
"القاعدة" في تجنيد أشخاص وتدريبهم على قيادة طائرات، وخطفها والتمكن من ضرب برجي
التجارة العالميين في نيويورك في 11 أيلول/ سبتمبر.
وعندما تلقى شروين الذي كان في الـ 59 من عمره الأوامر من رئيسه، كان فعلياً ضمن برنامج موظفي الوكالة الذين كانوا يوشكون على التقاعد وكان قد دخل البرنامج قبل 11 يوماً.
وقال شروين بعد سنوات: "لم أتوقع قط أن أتلقى المكالمة من أجل القيام بالمهمة.. أعتقد أنه كان اختياراً صحيحاً بالنظر إلى علاقتي الطويلة مع هؤلاء الرجال في التحالف الشمالي".