هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ماذا لو قرر الرئيس الروسي فعلا قطع إمدادات الغاز نهائيا عن القارة الأوروبية؟ سؤال طرحته مجلة الإيكونوميست، مشيرة إلى أن أوروبا باتت فعلا تخشى من شتاء قادم قاس، في حال قرر بوتين قطع إمدادات الغاز الطبيعي ردا على العقوبات المفروضة على موسكو.
وتشير المجلة إلى أن بوتين في حال أقدم على ما لا يمكن تصوره وقطع الإمدادات، فإن تكاليف الطاقة المنزلية الأوروبية سترتفع بنحو 65 في المئة.
توقف صناعات
ويحذر بنك الاستثمار الأوروبي من أن صناعات مثل إنتاج الأسمنت والكيماويات في ألمانيا وإيطاليا سيتعين عليها خفض استخدامها للغاز بنسبة تصل إلى 80 في المئة، حيث سينكمش الناتج المحلي الإجمالي لهاتين الدولتين بنسبة 3 في المئة و4 في المئة على التوالي.
وبحسب التقرير، فإن مجرد الاستمرار في التلاعب بالإمدادات كما فعلت روسيا في يونيو، يعني أن الدول الأعضاء في المفوضية الأوروبية ستجد أنه من شبه المستحيل تحقيق هدف التخزين البالغ 80 في المئة بحلول تشرن الثاني/ نوفمبر.
وتستدرك المجلة بأن الغاز ورقة رابحة في يد روسيا، إلا أنها ستكون مترددة في المخاطرة بتكبد مزيد من الضرر لاقتصادها الذي يعاني بالفعل من العقوبات من خلال حجب هذه السلعة المربحة.
وينقل تقرير المجلة أنه رغم حرارة الصيف الحالي يتخيل الأوروبيون شتاء قاسيا إذ وجه بوتين شركة الطاقة العملاقة المملوكة للدولة غازبروم إلى قطع إمدادات الغاز.
الخوف من الصقيع
من جهتها أفادت صحيفة "بيلد" الألمانية بأن نصف سكان ألمانيا يخشون الصقيع بسبب انخفاض إمدادات الغاز الروسي والتضخم في الاتحاد الأوروبي.
ونقلت وكالة نوفوستي الروسية عن الصحيفة قولها إن إحصاءات أجرتها INSA كشفت أن 75 بالمئة من المستطلعين يعانون ارتفاع الأسعار ويعتبرونها عبئا ثقيلا، فيما أشار 50 بالمئة إلى أن وضعهم الاقتصادي تدهور.
ونقلت عن شركة الإحصاء Eurostat أن التضخم في أوروبا بلغ ذروته لأول مرة في يونيو منذ إدخال العملة الموحدة قبل 20 عاما، وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن "الغاز الروسي قد ينفد في غضون أسبوع تقريبا".
— RTARABIC (@RTarabic) August 13, 2022
صندوق النقد الدولي
ويرى صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث، أن الانقطاع الجزئي الحالي لتدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا يؤثر في نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) للقارة العجوز، محذرًا من أن الإغلاق الكامل سيكون ذا تأثير أكثر حدة، مع ارتفاع قوي في أسعار الغاز.
ووفق تحليل صندوق النقد، فإن من الممكن التكيّف مع انخفاض يصل إلى 70% من إمدادات الغاز الروسي على المدى القصير من خلال الوصول إلى الإمدادات البديلة ومصادر الطاقة الأخرى، خاصةً في ظل انخفاض الطلب جراء الأسعار المرتفعة.
ومع ذلك، فإن تنويع مصادر الطاقة سيكون أكثر صعوبة في حالة الانقطاع الكامل للإمدادات الروسية، ما قد يؤدي إلى نقص يتراوح بين 15 و40% من الاستهلاك السنوي لبعض البلدان في وسط أوروبا وشرقها.
اقرأ أيضا: CNN: قلق أمريكي من قطع إمدادات الغاز الروسي على أوروبا
ويمثل الغاز الطبيعي حوالي 25 في المئة من استهلاك الطاقة في أوروبا، وقبل الغزو كانت روسيا تزود ألمانيا بـ 40 في المائة منه، عن طريق خط أنابيب نورد ستريم 1 الذي يمتد تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا والقادر على توصيل 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي سنويا.
وتم الانتهاء من خط أنابيب نورد ستريم ثان في أواخر العام الماضي لكن الغرب منع الموافقة عليه التنظيمية كجزء من العقوبات على هجوم بوتين على دونباس وخارجها.
نفوذ كبير
وتقول المجلة إن نفوذ روسيا لا يزال كبيرا، وعندما خفضت فجأة الإمدادات عبر شبكاتها إلى 40 في المئة فقط من طاقتها في منتصف حزيران/ يونيو، وبررت ذلك بأعمال الصيانة، رأى كثيرون في ذلك تهديدا ضمنيا وتذكيرا من الكرملين بأن روسيا تمسك بورقة رابحة ولديها القدرة على منع مرافق التخزين في أوروبا من الامتلاء قبل قدوم الشتاء.
وحذر فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، صراحة في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز في حزيران/ يونيو، من خطوة روسية مشابهة، ودعا الدول الأوروبية للحد من الاعتماد على الغاز الروسي وتسريع العمل على مصادر الطاقة المتجددة.
وأوضح أنه "كلما اقتربنا من فصل الشتاء، فهمنا نوايا روسيا.. أعتقد أن خفض الإمدادت هدفه منع أوروبا من ملء المخازن وزيادة نفوذ روسيا في أشهر الشتاء".
وأبلغت شركات الطاقة في ألمانيا والنمسا وفرنسا وإيطاليا وهولندا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وبلغاريا عن تلقيها كميات أقل من الغاز مما كانت تتوقعه من روسيا هذا العام، وقالت "شركة جي آر تي غاز" الفرنسية إنها لم تتلق أي شيء من نورد ستريم 1 منذ أيار/ مايو، وحصلت إيني الإيطالية على النصف فقط.
يذكر أن خطة الاتحاد الأوروبي لخفض استهلاك الغاز في جميع الدول الأعضاء الـ27 بنسبة 15 بالمئة دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء.
بوتين
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إن الغرب يحمّل "غازبروم" الروسية مسؤولية أزمة الطاقة، رغم أنه هو نفسه أغلق طرق الطاقة وفرض عقوبات، وإن الشركة مستعدة لضخ ما تحتاجه من الغاز.
وقال: "ما علاقة غازبروم بها؟ حسنًا، ما علاقة غازبروم بها؟ لقد أغلقوا قناة، ثم أخرى، وفرضوا عقوبات على محطات ضخ الغاز هذه، هم (الغرب) أنفسهم أغلقوا كل شيء. إن غازبروم مستعدة لضخ أكبر قدر ممكن، لكنهم يضعون نفس العصي في العجلات في مجال تجارة النفط والمنتجات النفطية".