رغم
ما قيل في العامين الأخيرين عن ضغوط مارستها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد
ترامب
على رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين
نتنياهو لمنعه من إعلان ضم بعض أجزاء
الضفة الغربية، من أجل تسهيل إبرام اتفاق التطبيع مع عدد من الدول العربية، فقد كشفت
الصحافة الإسرائيلية، الاثنين، عن وثيقة مفادها أن ترامب وافق لنتنياهو على خطة
الضم.
صحيفة
"
جيروزاليم بوست" قالت إن "ترامب منح نتنياهو تفويضاً لضم أجزاء من
الضفة الغربية وتطبيق السيادة عليها، وأعطاه الضوء الأخضر، بعكس ما أورده جاريد كوشنر
صهر الرئيس ومستشاره، وقد جاء تفويض ترامب في رسالة من ثلاث صفحات بتاريخ 26 كانون
الأول/ يناير 2020، أي قبل يومين من تقديم رؤيته للسلام في البيت الأبيض المسماة
"صفقة القرن"، وجاء فيها أن إسرائيل يمكن أن توسع سيادتها لأجزاء من الضفة
الغربية، إذا وافق نتنياهو على وجود دولة فلسطينية في الأراضي المتبقية".
وأضافت
الكاتبة لاهافا هاركوف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "ترامب طلب فعلاً
من نتنياهو أن يتبنى السياسة التفصيلية بشأن تلك الأراضي في الضفة الغربية التي تم
تحديدها كجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية، مقابل تنفيذ إسرائيل لهذه السياسة،
حيث ستعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في تلك المناطق من الضفة الغربية
التي تعتبرها جزءًا من إسرائيل، ووضع جدول زمني للاعتراف بالسيادة، فيما ورد في رد نتنياهو
أن إسرائيل ستمضي قدما في خطط السيادة في الأيام المقبلة".
وأشارت
إلى أن "السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان وعد نتنياهو بأنه سيحمل
البيت الأبيض على دعم خطته للضم، ما دفع المتحدث باسم نتنياهو إلى التأكيد أن اتهامه بأنه
فاجأ الرئيس وفريقه بإعلان غير منسق لا أساس له على الإطلاق، وقال جيسون غرينبلات الممثل
الخاص لترامب أنه فهم دائمًا من نتنياهو أن اعتراف الولايات المتحدة بتوسيع سيادة إسرائيل
على تلك المناطق سيكون جزء منها وفقًا لخطة ترامب للسلام".
ونقلت
عن "مصدر في إدارة ترامب أن هذا كان جزءًا أساسيًا من قبول رؤية إسرائيل للسلام،
كإطار للمفاوضات مع الفلسطينيين، وأن الولايات المتحدة يجب أن تقبل السيادة مقدمًا،
وفقًا لعملية رسم خرائط الخطة، وتشمل جميع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغور
الأردن، وكان واضحا جدا أن هذا عنصر أساسي في الخطة، بما يتوافق مع خطاب ترامب الذي
تضمن اعترافا أمريكيا بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي التي تحتلها كجزء منها، بزعم
أنها مهمة للغاية، وستعمل إسرائيل والولايات المتحدة معًا لتحويل الخريطة المفاهيمية
إلى عرض أكثر تفصيلاً".
وأكدت
أن "نتنياهو وافق علنًا على قيام دولة فلسطينية وفقًا للشروط المنصوص عليها في
خطة ترامب، التي تتضمن اعترافه بسيادة إسرائيل على التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية،
الصغيرة والكبيرة، وأشار في حينه إلى أنه سيقدم فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة
الغربية لمجلس الوزراء للتصويت، فيما أكد فريدمان أن إسرائيل يمكن أن تبدأ العمل نحو
الضم بمجرد الانتهاء من مشاوراتها الداخلية، لكن الخلاف الوحيد هو ما إذا كان يمكن
اتخاذ خطوات بشأن السيادة في غضون أيام أو أسابيع قليلة، في ضوء أن فروقات الخرائط
ستستغرق بضعة أشهر".
يأتي
هذا الكشف الإسرائيلي بعد أسابيع قليلة على ما كشفه فريدمان من حقائق جديدة حول صفقة
القرن، وجهوده لإقناع ترامب بالاعتراف بسيادة دولة الاحتلال على أجزاء واسعة من الضفة
الغربية، لكن نتائج الانتخابات الإسرائيلية في حينه أسفرت عن تفاقم عدم الاستقرار السياسي،
وتأخير نشر صفقة القرن، حيث وجدت إسرائيل نفسها في حالة اضطراب سياسي، وحملات انتخابية
متلاحقة، وظهور مواقف إسرائيلية داخلية تعارض الإعلان الفوري عن ضم غور الأردن.
في الوقت
ذاته، فإن السياسيين الإسرائيليين رأوا في صفقة القرن خطوة ستمنح نتنياهو إنجازًا كبيرًا
في الرأي العام الإسرائيلي، ولذلك أبدوا استعدادهم لإلحاق الأذى بـ"إسرائيل"،
ومستقبلها، طالما أن ذلك من شأنه وقف تمدد نتنياهو، ويفسح المجال كي يخلفوه، وهو ما
حدث في النهاية، ما يضع علامات استفهام جدية حول حقيقة الموقف الأمريكي من خطة الضم،
والتناقضات الواردة في الكتب التي أصدرها كوشنر وفريدمان حولها.