هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جملة
من التساؤلات أثارتها مبادرة لافتة طرحها زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى
الصدر، للخروج من الأزمة الحالية، كونها تدعو إلى منع جميع الأحزاب التي شاركت في
العملية السياسية منذ عام 2003 عن تشكيل الحكومة المقبلة، ومن ضمنها
"التيار".
وشدد
الصدر على أن الشخصيات المشمولة بهذا المنع تتضمن "قيادات ووزراء وموظفين
ودرجات خاصة تابعة للأحزاب"، لافتا إلى أن "هذا المطلب أهم من مطلب حل
البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة"، وأنه سيكون بديلا عن "كل المبادرات
التي يسعى لها البعض بما فيهم الأمم المتحدة".
وأبدى
زعيم التيار الصدري عبر بيان، السبت، نشره ما يعرف بـ"وزير القائد" عن
استعداده لتوقيع اتفاقية "تضمن ذلك خلال مدة أقصاها 72 ساعة"، مؤكدا أنه
"إذا لم يتحقق ذلك فلا مجال للإصلاح، من ثم فلا داعي لتدخلي بما يجري
مستقبلا بتغريدة ولا بأي شيء آخر".
مشهد
ضبابي
من
جهته، قال المحلل السياسي العراقي الدكتور إياد العنبر لـ"عربي21"؛ إن
"ما طرحه وزير القائد هو ليس شرطا مقرونا، أي بمعنى إذا لم تطبيق هذه الفقرات
سنلجأ إلى خيارات تصعيدية أخرى، بل إنه أعطى مجالا بأن كل الخيارات مفتوحة".
ورأى
العنبر أن "من بين الخيارات المفتوحة هذه، هو أن يذهب الصدر إلى الاعتكاف أو
الابتعاد عن الحياة السياسية خلال هذه الفترة، على اعتبار أن الكثير من المبادرات
التي طرحها لم يستجيب لها أحد من القيادات السياسية".
وأعرب
عن اعتقاده أن "التصعيد أو الفوضى وغيرها أمر مستبعد؛ لأن الكثير من الأطراف
السياسية ليس لديها الرغبة بأن تصل الأوضاع إلى هذا المستوى، ولا الإمكانية في
مواجهة إرادات دولية أو مجتمعية قوية فاعلة في العراق، وأن يكون الوضع هو ساحة
للحرب".
وتوقع
العنبر أن "تكون هناك خطوات غير التصعيدية التي يحاول أن يلوح بها البعض،
وربما خطوات للتهدئة أو اشتراطات أخرى يفرضها الصدر على الفرقاء السياسيين، بإعطائهم مدة نحو تشكيل حكومة جديدة، أو الالتزام بقضية الانتخابات المبكرة".
وبخصوص
مدى مقبولية مبادر الصدر، قال العنبر؛ إنه "من المنطقي، لا أحد يقبل أن يشترط
عليه طرف سياسي آخر بأن يكون خارج العملية السياسية. الأمر الآخر هل أن الدعوة
موجهة إلى الفرقاء الشيعة أم السنة والأكراد، فهل يقبل المواطنون الأكراد بتنحي
الزعامات التقليدية التي هي أساس المشكلة الآن بتعطيل منصب رئاسة الجمهورية؟".
وتابع:
"حتى القوى السياسية السنية، ترى الكثير من القضايا قد تكون معرقلة لمثل هذه
الدعوة، وربما هي دعوة عامة ليست بشرط إلزامي حتى نقول إنها ممكن أن تكون تهديدا،
ولكنها تحاكي رغبات الكثير من العراقيين بأن تبتعد الوجوه التقليدية، التي تتسبب في
الخراب والفوضى والفشل السياسي".
وخلص
العنبر إلى أنه "حتى اللحظة لا يوجد شيء واضح بخصوص مسار الأوضاع في العراق،
لكننا نراهن على استنزاف كل الأوراق المتعلقة بالتصعيد في الشارع، أما غير ذلك، فلا
يمكن أن نراهن على شيء آخر".
اقرأ أيضا: معهد واشنطن: سياسة بايدن منحت إيران اليد العليا في العراق
تصعيد
جديد
وفي
السياق ذاته، رأى رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق الدكتور إحسان
الشمري، أن "الموقف الأخير لزعيم التيار الصدري باجتثاث القوى السياسية
والأحزاب، يمثل تصعيدا جديدا تجاه الأطراف، خصوصا إذا ما علمنا بأنها لم تبد أي
رغبة أمام مطالب أقل وطأة، وهي قضية الذهاب للانتخابات المبكرة".
وتوقع
الشمري في حديث لـ"عربي21" أن "هذه الدعوة لن تجد لها أي مقبولية،
على اعتبار أن الأطراف الأخرى ستتمسك بمبدأ دستوري، مفاده بأن الجميع لهم الحق في
الاشتراك بالعملية السياسية، وأن قضية الفساد هي الأخرى لا بد أن تمر من خلال السياقات
القانونية".
ولفت
إلى أن "هذا الموقف المتوقع، أعتقد سيدفع التيار الصدري نحو مزيد من
السيناريوهات التي يمكن أن توجه نحو الأحزاب السياسية، لذلك أتصور أنه لا حل قريب
في الأفق على مستوى الحوار، أو حتى على الاتفاق على خارطة طريق بين القوى
السياسية".
واستبعد
رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق، وجود أي إمكانية في الوقت
الحالي لـ"تدخل أطراف خارجية من أجل تقريب وجهات النظر بين التيار الصدري،
وقوى الإطار التنسيقي".
اقرأ أيضا: ما خيارات الصدر بعد إنهاء اعتصامه أمام "القضاء" بالعراق؟
وفي
أول رد على مبادرة الصدر، قال مختار الموسوي عضو تحالف "الفتح" بزعامة
هادي العامري، المنضوي في "الإطار التنسيقي"؛ إن "سياسة التغريدات
والتصريحات السياسية الرنانة لا تعتمد"، لافتا إلى أن "دعوة البعض إلى
إعادة الانتخابات بعيدا عن أحزاب السلطة والطبقة السياسية التي توالت على إدارة
البلاد منذ 2003، أمر يثير الاستغراب".
ونقلت
وكالة "شفق نيوز" العراقية، السبت، عن الموسوي قوله: "إذا ما منعت
تلك الطبقة، فمن أين سنأتي بقوى سياسية تشارك في الانتخابات المبكرة التي يدعو لها
البعض؟ فهل نستورد من الخارج مثلا؟ ومن ثم فالقوى السياسية الحالية هي من ستشارك
بالانتخابات، لكن باعتماد معايير مهمة لاختيار الشخصيات المناسبة".
وأردف:
"كما يمكن اعتماد انتخابات حزبية سياسية بينية؛ أي ترشيح قيادات مهمة لها
تجاربها الناجحة، إلى جانب توفر ضوابط القيادة والنزاهة ليترشح منها الأنسب لقيادة
المرحلة، لأن أي انتخابات مبكرة ستجري، ستعيد الوجوه نفسها، وإن تغيروا فالولاء
الحزبي حتما سيكون حاضرا، حيث الفساد المالي باق، ومن ثم تشترى الولاءات".
ورغم
مرور نحو شهر على تحريك الصدر لأتباعه نحو المنطقة الخضراء والسيطرة على مبنى
البرلمان وإعلان الاعتصام بداخله، فإن القوى السياسية المناوئة له في الإطار
التنسيقي الشيعي لم تستجب لمطالبه بحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة، بل أصرت
على ضرورة تشكيل حكومة جديدة.