تقارير

راشد حسين.. عاش لفلسطين ومات فجأة بشبهة اغتيال!

الشاعر راشد حسين اغتيل في أوج تألقه الشعري
الشاعر راشد حسين اغتيل في أوج تألقه الشعري

ولد في أوج الثورة ضد الاستعمار البريطاني ومع اشتعال ثورة فلسطين الكبرى، ليعيش النكبة بفصولها وقد بلغ من العمر 12 عاما.

لفت الأنظار إليه في مطلع شبابه بنشاطه الوطني وشاعريته المبكرة، وأصبح شاعرا معروفا من شعراء الأرض المحتلة.

ولد راشد حسين اغبارية في قرية مصمص من قرى أم الفحم عام 1936، وانتقل مع عائلته إلى حيفا عام 1944، وبعد نكبة فلسطين عام 1948عاد ليستقر في قرية مصمص مسقط رأسه، وأنهى تعليمه الثانوي في ثانوية الناصرة.

 



بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة، وفي فترة قصيرة أصبح شاعر الساحة الفلسطينية الأول في الداخل الفلسطيني، وأصدر ديوانه الأول وهو في سن العشرين.
 
بعد إنهاء دراسته عمل في عام 1955 معلما لمدة ثلاث سنوات في الناصرة، حيث قام بتعليم فقراء الريف في غرف مدرسية متداعية تفتقر إلى الكتب المدرسية الكافية، وخلال مسيرته التدريسية، كان لديه صراعات مستمرة مع المشرفين الإسرائيليين على التعليم العربي في المدارس المحتلة عام 1948 ومع القسم العربي في نقابة المعلمين الوطنية.

وانتهى الأمر بفصله من عمله بسبب نشاطه السياسي، فعمل محررا لمجلات "الفجر" و"المرصاد" و"المصور". مارس راشد حسين المقاومة قولا وعملا حيث كان من نشطاء "حركة الأرض" ومحررا لنشرتها السياسية ومن ناشطي الحركة الشيوعية ضمن صفوف حزب "العمال الموحد" اليساري الإسرائيلي (مابام)" الذي طرد منه فيما بعد، وكان راشد حسين عرضة لنقد بعض معاصريه، أمثال الشاعر محمود درويش بسبب العلاقة التي تربط الحركة الشيوعية الفلسطينية بالصهيونية.

وفي حين أن الكثير من كتابات حسين كانت تتفق مع أيديولوجية "مابام" وبرنامجه، إلا أنه اختلف بشكل كبير مع الحزب من خلال دعمه العلني للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

بحلول عام 1959، كان قد ترجم العديد من القصائد العربية إلى العبرية والعكس، كما أنه ترجم أعمال الشاعر الألماني بيرتولت بريخت، والشاعر التركي ناظم حكمت، والزعيم الكونغولي باتريس لومومبا،  وشعراء الفارسية إلى العربية.

غادر فلسطين عام 1967 إلى الولايات المتحدة، واستغل الاحتلال ذلك فسحب منه "الجنسية الإسرائيلية" ومنع من زيارة أهله، وفي تلك الفترة أيضا انضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية وعمل ممثلا ثقافيا لها في الأمم المتحدة بنيويورك. 

وعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، وقد حاول أن يبث فيها روحا ثورية حقيقية فاصطدم مع بيروقراطيي المنظمة، ولكنه حصل على تأييد الراحل الرئيس ياسر عرفات وفاروق القدومي ومُنع البيروقراطيون من التدخل في عمله.

سافر إلى سوريا خلال حرب 1973 وعمل محررا في الإذاعة السورية للقسم العبري، وشارك في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

ثم عاد من جديد إلى نيويورك عام 1973 حيث عمل مراسلا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا". وكانت أبرز نشاطاته الإعلامية في الأوساط الجامعية الأمريكية، حيث شارك في كثير من الندوات والسجالات حول القضية الفلسطينية، وشارك حسين في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

وتؤكد روايات إعلامية فلسطينية وعربية متداولة أنه تعرض للاغتيال في الأول من شباط/ فبراير عام 1977 عن طريق حرق منزله في نيويورك، حيث توفي اختناقا، وأن قتله وحريق شقته كان متعمدا.

 

وأعيد جثمانه إلى مسقط رأسه في قرية مصمص حيث ووري الثرى هناك. ومنح في عام 1990 وسام القدس للثقافة والفنون.

نشرت للشاعر راشد حسين عدة دواوين شعرية، منها: "مع الفجر"، "صواريخ"، "أنا الأرض"، "لا تحرميني المطر"، "كلام موزون"، "ديوان راشد حسين: الأعمال الشعرية الكاملة". ونشرت العديد من أعمال حسين في مجلد حرره كامل بلوطة بعنوان "عالم راشد حسين: شاعر فلسطيني في المنفى".

ورثاه شعراء كثيرون، وفي عام 1986، كتب الشاعر محمود درويش، الذي كان قد قابل حسين في القاهرة، قصيدة في ذكرى وفاته واعتبرها خسارة مفاجئة لشخصية كاريزمية كان بإمكانها أن تنشط الشعب الفلسطيني، ومما جاء في القصيدة:

في الشارع الخامس حياني
بكى، مالَ على السور الزجاجيّ
ولا صفصافَ في نيويورك،
أبكاني
أعاد الماء للنهر
شربنا قهوة ثم افترقنا في الثواني
منذ عشرين سنة وأنا أعرفه في الأربعين
وطولا كنشيد ساحلي وحزين
كان يرمي شعره في مطعم خريستو
وعكا كلها تصحو من النوم وتمشي في المياه
ولأمي أن تقول الآن آه.

وما زالت تجربته السياسية والأدبية وقصائده التي كتبها ضمن شعر المقاومة تشغل حيزا واسعا ومكانة كبيرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني وفي الإنتاج الأدبي الفلسطيني بشكل عام.

ورغم أن حياته كانت قصيرة (41 عاما) إلا أنه ترك إرثا أدبيا غنيا أثرى الساحة الثقافية العربية. 

المراجع

ـ وضع حجر الأساس لشعر المقاومة: قامات فلسطينية الشاعر راشد حسين، الوكالة الوطنية للإعلام، 26/12/2017.
ـ راشد حسين (1936 ـ 1977)، الموسوعة الفلسطينية، 3/8/2014.
ـ دورية شؤون فلسطينية: مقالات عن راشد حسين، الأعداد 63، 64، 65، 117.
ـ محمد محسن وتد، راشد حسين.. شاعر المقاومة والثورة، الجزيرة نت، 27/3/2012.
ـ أحمد دحبور، الشاعر راشد حسين شاهدًا وشهيدًا، مجلة المعرفة، 1/3/ 1977.


التعليقات (0)

خبر عاجل