هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسببت سياسة الحكومة الصينية الرامية لمجابهة صفرية مع فيروس كوفيد-19، بآثار سلبية على مجمل تحركات الاقتصاد الصيني.
وتعاني الصين من مشاكل اقتصادية حادة، بعد توقف النمو وارتفاع معدل البطالة إلى مستوى قياسي، فضلا عن انهيار سوق الإسكان، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية الإخبارية.
ويعاني ثاني أكبر اقتصاد في العالم من آثار شديدة للجفاف الاقتصادي، فيما يشتكي قطاع العقارات واسع النطاق من عواقب تراكم الديون بشكل كبير.
وازداد الوضع سوءا بسبب تمسك بكين بسياسة صارمة لمكافحة فيروس كورونا، وليس هناك ما يشير إلى التنازل عن "صفر كوفيد" هذا العام.
وأغلقت السلطات الصحية الصينية ما لا يقل عن 74 مدينة منذ أواخر آب/ أغسطس، ما أثر على أكثر من 313 مليون نسمة، وفقا لحسابات "سي إن إن" المستندة إلى الإحصاءات الحكومية.
وقدر بنك غولدمان ساكس الأسبوع الماضي أن المدن التي تأثرت بعمليات الإغلاق تمثل 35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وتُظهر القيود الأخيرة موقف الصين المتصلب في القضاء على الفيروس بأشد تدابير الرقابة، على الرغم من الأضرار التي تسببها عمليات الإغلاق للاقتصاد الوطني.
وقال الزميل البارز المختص بالشؤون الصينية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، كريغ سينغلتون: "يبدو أن بكين مستعدة لاستيعاب التكاليف الاقتصادية والاجتماعية التي تنبع من سياسة عدم انتشار فيروس كوفيد؛ لأن البديل - العدوى المنتشرة جنبا إلى جنب مع العلاج في المستشفيات والوفيات - يمثل تهديدا أكبر لشرعية الحكومة".
تراجع العالم 5 سنوات
وكانت الأمم المتحدة، أعلنت أن جائحة كورونا تسببت في تراجع العالم خمس سنوات كاملة في مجالات تشمل الصحة والتعليم، إضافة إلى تدهور في مستوى المعيشة، معبرة عن خشيتها من أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الوضع.
وذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير له، أن مؤشر التنمية البشرية عاد إلى ما كان عليه في 2016، للمرة الأولى منذ تبنيه قبل ثلاثين عاما.
وانخفض المؤشر الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر المتوقع والتعليم ومستوى المعيشة، لعامين على التوالي، في 2020 و2021.
وأوضح التقرير الأممي أن هذا "التراجع الهائل" يشمل أكثر من تسعين بالمئة من دول العالم.
ومن جهته، قال رئيس هذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة أكيم شتاينر، إن "هذا يعني أننا نموت مبكرا وأننا أقل تعليما وأن دخلنا ينخفض".
وشدد على أنه "عبر هذه المعايير الثلاثة، يمكن تكوين فكرة عن سبب بدء شعور الناس باليأس والإحباط والقلق بشأن المستقبل".
وبينما كان المؤشر يرتفع بشكل مستمر لعقود، فإنه عاد في 2021 إلى المستوى الذي كان عليه في 2016 "ماحيا" بذلك سنوات من التطور.
وعزا التقرير الأممي السبب الرئيسي إلى جائحة كورونا إلى جانب الكوارث المناخية التي تتزايد والأزمات التي تتراكم من دون إعطاء السكان وقتًا لالتقاط أنفاسهم.
وأكد شتاينر: "مررنا بكوارث من قبل وحدثت نزاعات من قبل لكن تضافر ما نواجهه اليوم يمثل انتكاسة كبيرة للتنمية البشرية".
ولفت التقرير إلى أن أكثر من 90 في المائة من البلدان سجلت انخفاضًا في درجات مؤشر التنمية البشرية الخاصة بها في عام 2020 أو 2021، حيث انخفض أكثر من 40 في المائة في كلا العامين، ما يشير إلى أن الأزمة لا تزال تتعمق بالنسبة للكثيرين.
وأوصت الأمم المتحدة بتنفيذ السياسات التي تركز على الاستثمار، من الطاقة المتجددة إلى الاستعداد للأوبئة، والتأمين بما في ذلك الحماية الاجتماعية لإعداد المجتمعات لتقلبات عالمية غير مؤكدة.
وقال بيدرو كونسيساو من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المؤلف الرئيسي للتقرير: "للتغلب على حالة عدم اليقين، نحتاج إلى مضاعفة التنمية البشرية والنظر إلى ما هو أبعد من تحسين ثروة الناس أو صحتهم".
وأضاف: "هذه تظل مهمة. لكننا نحتاج أيضًا إلى حماية الكوكب وتزويد الناس بالأدوات التي يحتاجونها للشعور بمزيد من الأمان، واستعادة الشعور بالسيطرة على حياتهم والأمل في المستقبل".
وبحسب التقرير، فإن انتعاش بعض الدول غير منتظم وجزئي، ما يزيد من اتساع التفاوتات في التنمية البشرية.
وتضررت بشكل خاص أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، وفقا للتقرير الأممي.