هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ترقب
الأوساط العسكرية الإسرائيلية عن كثب تبعات الصفقة الأخيرة بين إيران وروسيا
المتعلقة بتزويد الأخيرة كميات كبيرة من الطائرات المسيرة بدون طيار لاستخدامها
في حربها الطاحنة ضد أوكرانيا، الأمر الذي يعكس، من وجهة النظر الإسرائيلية، تنامي
العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي الوقت ذاته تعميق
المعضلة التي تواجهها إسرائيل، بين مزيد من الانحياز إلى أوكرانيا، أو مراعاة
مجموعة القيود الموجودة في العلاقة مع روسيا، خاصة ما يتعلق منها بسوريا.
يذكر أن التقارير الإسرائيلية لم تتوقف في الآونة الأخيرة عن بث مزيد من
التسريبات التي تتحدث عن بدء الجيش الروسي في الأسابيع الأخيرة باستخدام الطائرات
المسيرة التي اشتراها من إيران بشكل مكثف، وهي طائرات مسيرة انتحارية من نوع شهد
136، تم تغيير علامتها التجارية بتغيير لونها واسمها، وقد تمكنت من إلحاق أضرار
بالقوات وتدمير عدد من الأنظمة الغربية المضادة للصواريخ التي تحوزها أوكرانيا.
شاي
هار تسفي الباحث العسكري بمعهد السياسات والاستراتيجيات في جامعة رايخمان، والمسؤول
السابق بوزارة الشؤون الاستراتيجية، أكد أن "هذا التعاون الإيراني الروسي
يعكس تناميا في علاقاتهما الثنائية التي انعكست في مجموعة واسعة من المجالات
الاقتصادية والتكنولوجية، وسلسلة من الاجتماعات بين الرئيسين فلاديمير بوتين
وإبراهيم رئيسي، بلغت ذروتها في قمة طهران بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،
وطلب إيران الانضمام لمنظمة شنغهاي للتعاون".
وأضاف
في مقال نشره موقع واللا، ترجمته "عربي21" أن "القراءة الإسرائيلية
لهذا التقارب الروسي الإيراني تنطلق من فرضية مفادها أنهما نجحا في قمع العداء
والتنافس التاريخي لصالح تعزيز هدفهما المشترك المتمثل في إضعاف الهيمنة الأمريكية،
بل إن تشديد روابطهما يشكل دعامة مركزية لمحورهما الاستراتيجي مع الصين ودول أخرى
في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط، الأمر الذي من شأنه أن يخلق
تحديات متنوعة لإسرائيل على المستويين الاستراتيجي والأمني".
اقرأ أيضا: صواريخ تستهدف قاعدة أمريكية بسوريا.. واشنطن: هجوم فاشل
وأشار
إلى أن "الاستخدام الروسي الناجح للطائرات الإيرانية المسيرة، على الأقل في
هذه المرحلة، قد يساعد الجيش الروسي في ما يواجهه من صعوبات متزايدة في ما يتعلق
بالوسائل القتالية، وبالتالي زيادة الاعتماد عليها، وفي ضوء تطورات تلك الحرب، فإن من
المعقول أنه كلما زادت أهمية المساعدة العسكرية الإيرانية، زادت المقايضات التي
ستكون روسيا على استعداد لتقديمها، بطريقة ستؤثر سلباً على الإسرائيليين في
مساعيهم الحثيثة لإضعاف إيران، وتضييق خطواتها في المنطقة".
يتوقف
الإسرائيليون مطولا عند إمكانية أن تُظهر روسيا استعدادًا لبيع أنظمة متقدمة مضادة
للصواريخ لإيران، التي امتنعت حتى الآن عن توفيرها، مثل الطائرات المقاتلة
المتقدمة، وتعميق التعاون في المجالات الحساسة السيبرانية، كما أن الدروس التي
ستستخلصها إيران من أداء وكفاءة طائراتها بدون طيار في ساحة المعركة الأوكرانية،
وضد القوات العسكرية الغربية، ستساعدها على إجراء تحسينات في قدراتها التكنولوجية
للطائرات، وكل ما يتعلق بمفهومها التشغيلي.
مع
العلم أن إيران سبق أن ارستخدمت بالفعل هذه الطائرات عدة مرات في السنوات الأخيرة
ضد أهداف أمريكية وخليجية، خاصة على صعيد إلحاق الأضرار بالمنشآت النفطية
السعودية، وهذه تطورات تعمق المعضلة التي واجهتها إسرائيل منذ اندلاع الحرب في شرق
أوروبا، بين انحياز واضح لأوكرانيا ومراعاة مجموعة القيود الموجودة في العلاقة مع
روسيا.
صحيح
أنه في الوقت الحالي تواصل إسرائيل اعتداءاتها المتكررة على سوريا دون تدخل روسي
ضد أهداف إيرانية، لكن التقارب بين روسيا وإيران قد يستدعي من إسرائيل استخلاص
الدروس والعبر من ذلك، والاستمرار في اتباع نهج حذر تجاه روسيا للحفاظ على العلاقة
معها، خاصة التنسيق الأمني في الساحة الشمالية، لأنها في الوقت الحاضر، وعلى
خلفية التوترات المتصاعدة مع إيران وحزب الله، قد تحتاج لتجنب الصدمات السياسية من
أجل الحفاظ على حرية تنفيذ هجماتها في المنطقة.