هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الدورة العادية الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة كانت بمثابة مهرجان سياسي انتخابي لرئيس وزراء الاحتلال لتصريف الأعمال يائير لابيد الذي التقى ملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس التركي طيب رجب أردوغان في نيويورك يوم أول أمس الثلاثاء؛ فهل انتهى المهرجان عند حدود هذه اللقاءات؛ أم إن هناك المزيد سنشهده اليوم الخميس خلال خطاب يائير لابيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
مراسل إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي (يائير كوزين) في حسابه على تويتر كشف عن نية لابيد في خطابه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة اليوم الخميس الإعلان "أن إسرائيل يجب أن تذهب إلى حل الدولتين"؛ تصريحات بحسب كوزين لم تسمع منذ فترة طويلة على مسرح الأمم المتحدة من رئيس وزراء إسرائيلي وبالتأكيد ليس خلال حملة انتخابية.
التسريبات عاد وأكدها المعلق السياسي لقناة كان الـ 12 (اميت سيغال) الذي بعد أن سرب مقتطفات من خطاب لابيد قال فيها "إن الانفصال عن الفلسطينيين يجب أن يكون جزءا من الرؤية السياسية"؛ خرج نفتالي بينت شريك لابيد في الائتلاف الحاكم معلقا على هذه التسريبات بالقول: لا مكان ولا منطق بإحياء فكرة الدولة الفلسطينية؛ ولا مكان لدولة أخرى بين البحر والأردن؛ لا بسبب حقنا بالأرض بل وعلى المستوى العملي على الأرض أيضا.
ليس من المعلوم المكاسب التي حققتها عمّان وأنقرة من اللقاءات الإشكالية في نيويورك مع رئيس وزراء الاحتلال لتصريف الأعمال لابيد؛ فلقاءات نيويورك تزامنت مع تهديدات منظمات الهيكل الصهيونية المتطرفة تنفيذ اقتحامات كبيرة للمسجد الأقصى بمناسبة الأعياد اليهودية؛ فهل خطاب لابيد المرتقب عن حل الدولتين مبرر كافي للانفتاح والتواصل مع حكومته؟
أسئلة محرجة تطرح نفسها على كل من الرئيس التركي وملك الأردن عبد الله الثاني حول دواعي هذه اللقاءات وغاياتها في ظل التصعيد الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية؛ والأهم في ظل انعدام اليقين بقدرة لابيد وبيني غانتس وليبرمان على تحقيق إنجاز انتخابي حاسم في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
لابيد نجح في تحويل الأنظار والاهتمام عن الانتهاكات وحالة التدهور والاحتقان في الأراضي المحتلة؛ إلى الصور التي جمعته بالملك عبد الله الثاني والرئيس التركي طيب رجب أردوغان لتعزيز فرصه الانتخابية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؛ إلا أن ذلك سرعان ما سيتبدد في خطابه المرتقب حول حل الدولتين؛ إذ سيكرس الانقسام في الساحة الإسرائيلية؛ وفي الآن ذاته سيطلق موجة مماثلة في الساحة الفلسطينية لا تقل خطورة عن تلك التي سيواجهها الكيان وقادته سواء كان في أراضي الـ48 بين الداعمين لتشكيل حكومة ائتلاف بمشاركة عربية وبين الرافضين؛ أو الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية بين دعاة المقاومة والمواجهة مع الاحتلال وبين دعاة التنسيق الأمني.
المخاوف الأردنية من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الضفة الغربية وتراجع تأثيرها السياسي والاقتصادي لا زالت وستبقى تثقل كاهل صانع القرار الأردني وتعقد حساباته تجاه الدور الأردني ومستقبل السلطة والاستقرار في الضفة الغربية؛
يصعب القول أن خطوة لابيد ستقود الناخب العربي والقوائم العربية بقيادة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير للتقدم على حساب التجمع الوطني الديمقراطي الرافض للمشاركة في ائتلاف حاكم مع لابيد وغانتس في ظل الانتهاكات والتجاوزات التي يتعرض لها المجتمع العربي في أراضي 48 والتي كان آخرها التحريض الواضح لقائد شرطة الاحتلال يعقوب شبتاي على فلسطيني الـ 48 مدعيا أن (هبة الكرامة) في العام 2021 كانت حربا حقيقية.
كما يصعب الجزم بأن إعلان لابيد في الأمم المتحدة، إن صح، سيقدم للسلطة في رام الله وللخلفاء المرشحين للرئيس محمود عباس في رام الله وعلى رأسهم حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ ومدير المخابرات ماجد فرج؛ ورقة تسمح بالمناورة سياسيا وأمنيا على الأرض؛ لفرض سلطتها السياسية والأمنية.
رهانات أردنية يصعب تصورها في ظل الانقسام في الساحة الإسرائيلية والتصعيد الذي يمارسه المتطرفون من جماعات الهيكل والمستوطنون في الضفة الغربية؛ وفي ظل الانقسام والتنافس داخل مؤسسات السلطة ذاتها.
يصعب القول أن لقاء الملك عبد الله الثاني برئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد قدم إضافة نوعية للعلاقات الإسرائيلية الأردنية تخدم المصالح الأردنية المباشرة التي تعرضت للتهديد أكثر من مرة بفعل تشغيل الكيان الإسرائيلي لمطار رامون؛ وتهديد حركة العبور ودور وعلاقة الأردن بالضفة الغربية والمسجد الأقصى.
ختاما..
المخاوف الأردنية من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الضفة الغربية وتراجع تأثيرها السياسي والاقتصادي لا زالت وستبقى تثقل كاهل صانع القرار الأردني وتعقد حساباته تجاه الدور الأردني ومستقبل السلطة والاستقرار في الضفة الغربية؛ يزيدها تعقيدا صعوبة الرهان على لابيد وائتلافه الحاكم في ظل استطلاعات رأي تؤكد استمرار حالة الفوضى في الساحة السياسية الإسرائيلية وغياب الحسم الانتخابي بين المعسكرات المتصارعة التي تبحث عن الصوت العربي وتراهن على التنسيق الأمني والدور الأردني لتنحاز للمستوطنين ومنظمات الهيكل في نهاية المطاف.
hazem ayyad
@hma36