هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن المرحلة الجديدة الخطيرة التي تواجهها الأسواق الماليّة حيث يتسبب الدولار القوي وارتفاع أسعار الفائدة في إحداث الفوضى.
وقالت المجلّة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأسواق المالية تبدو متدهورة بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم وقد ارتفعت عائدات السندات الحكومية في بريطانيا وانخفض الجنيه الإسترليني مما دفع وزارة الخزانة وبنك إنجلترا إلى إصدار بيانات في محاولة لتهدئة الأسواق.
في اليابان، تدخلت الحكومة في أسواق الصرف الأجنبي لوقف انخفاض الين للمرة الأولى منذ سنة 1998. وفي الصين، زاد البنك المركزي من متطلبات الاحتياطي لتداول العملات الأجنبية في محاولة لكبح تدفقات العملات الخارجية. وفي مركز هذه الاضطرابات، هناك الارتفاع المتواصل لقيمة الدولار الأمريكي وأسعار الفائدة العالمية، ولا يبدو أن هناك انفراجًا في الأفق.
وأوضحت المجلّة أن كل سوق له خصائصه: تخطط الحكومة البريطانية الجديدة لأكبر تخفيضات ضريبية في البلاد منذ نصف قرن، وتحاول اليابان الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة للغاية مخالفة للاتجاه العالمي، بينما تكافح حكومة الصين عواقب سياسة "صفر كوفيد" التي عزلتها عن العالم.
وأضافت المجلة أن جميع الاقتصادات تواجه مجموعة مشتركة من التحديات نتيجة تضاؤل قيمة معظم عملات العالم بشكل ملحوظ مقابل الدولار. فقد ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي، وهو مؤشر لقيمة الدولار مقابل مجموعة من عملات العالم الغني، بنسبة 18 بالمئة هذا العام مسجلا أعلى مستوى له منذ عقدين. ويؤدي التضخم المستمر في أمريكا والتشديد المتزامن للسياسة النقدية إلى جعل الأسواق محمومة.
اقرأ أيضا: 3 أسباب لعدم تعاون البنوك المركزية الكبرى لخفض قوة الدولار
وقبل التقلب الشديد الذي حدث الأسبوع الماضي، لاحظ بنك التسويات الدولية أن الظروف المالية قد تغيّرت إذ تم تسعير التزامات محافظي البنوك المركزية بالترفيع في أسعار الفائدة من قبل الأسواق وتدهورت السيولة في سوق السندات الحكومية الأمريكية.
بعد ارتفاع قصير ومتواضع في آب/أغسطس، سجلت الأسهم العالمية مستويات منخفضة جديدة لهذا العام، إذ انخفض مؤشر "آم سي آس أي" بنسبة 25 بالمئة في سنة 2022. ويتضح التوتر في أماكن أخرى أيضا، فقد ارتفعت عائدات السندات الأمريكية غير المرغوب فيها إلى ما يقارب 9 بالمئة، أي أكثر من ضعف مستواها قبل سنة.
وأشارت المجلة إلى أنه من المتوقع حدوث تقلبات من قبل أمناء خزينة الشركات والمستثمرين ووزارات المالية، ويتم شراء التحوط ووضع الخطط وفقا لذلك، لكن الظروف الحاليّة قد انحرفت إلى ما هو أبعد من التوقعات. منذ سنة فقط، توقّع القليل من المتنبئين حدوث تضخم من رقمين في أجزاء كثيرة من العالم، وعندما يكون أداء الأسواق أسوأ مما توقعه أي شخص في السابق، تظهر المشاكل ويواجه صانعو السياسات قائمة من الخيارات السيئة.
وذكرت المجلة أن الاحتياطي الفيدرالي يلتزم بكل وضوح بسحق التضخم بغض النظر عن التكلفة. وبعد إعلان البنك المركزي عن ترفيع سعر الفائدة الأخير في 21 أيلول/سبتمبر، قال جيروم باول، رئيس مجلس إدارة البنك، إن فرص حدوث هبوط ناعم للاقتصاد الأمريكي تتضاءل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي كان ملتزمًا رغم ذلك بخفض التضخم.
تنحسر توقعات النمو العالمي بسرعة، وفي توقعات جديدة نُشرت في 26 أيلول/سبتمبر، يتوقع نادي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للدول الغنية أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3 بالمئة فقط هذه السنة، أي أقل من 4.5 بالمئة التي توقعها في كانون الأول/ديسمبر.
وفي سنة 2023، تتوقع المنظمة نموًا بنسبة 2.2 بالمئة فقط، لذلك أسعار السلع الأساسية آخذة في الانخفاض، حيث عاد خام برنت إلى حوالي 85 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ منتصف كانون الثاني/ يناير، وانخفضت أسعار النحاس في بورصة لندن للمعادن إلى أدنى مستوى لها في شهرين في 26 أيلول/ سبتمبر. وقد يؤدي ضعف الاقتصاد العالمي أيضًا إلى أن تبدأ الشركات في خفض توقعات أرباحها، ومثلما كان ارتفاع أسعار الفائدة مؤلمًا لأسعار الأسهم؛ سيكون انخفاض الأرباح مؤلما أيضًا.
وأشارت المجلة إلى أن التباطؤ الاقتصادي قد لا يؤدي إلى إضعاف الدولار، فمع اختيار المستثمرين للأمان النسبي لعملة الاحتياطي العالمي، غالبًا ما ترتفع قيمة الدولار خلال فترات الركود. وبالنسبة للبلدان والشركات في جميع أنحاء العالم، يعد هذا احتمالًا مشؤومًا.