أصدر رئيس النظام السوري بشار
الأسد الأحد،
مرسومين بخصوص تحديد أسماء أعضاء مجالس المحافظات ومجالس مدن مراكز المحافظات
الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية التي أجريت مؤخرا.
وبحسب مصادر النظام السوري، فإنها لم تتجاوز نسبة
المستقلين الذين فازوا بالانتخابات الـ10 في المئة فقط، في محافظة اللاذقية (مسقط رأس
الأسد) على سبيل المثال، أما البقية من قوائم "الوحدة الوطنية"، وهي
القوائم التي يحددها "
حزب البعث" السوري، ويكون نجاحهم محسوماً حيث يمنع
شطب اسم أي مرشح منهم، وهو الإجراء المتبع في
الانتخابات المحلية والبرلمانية التي
يجريها النظام السوري.
لكن، حتى هذه النسبة القليلة من المستقلين و"هم
ليسوا كذلك" كما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة
لـ"عربي21"، فإنه يتم اختيارهم كذلك من قبل "البعث" والأفرع
الأمنية.
ويوضح أن النظام "يُجري منذ عقود انتخابات
"شكلية"، والحال لم ولن يتغير ببقاء هذا النظام، وهذا ما تثبته هذه
الانتخابات والمسرحيات السابقة".
ويضيف خليفة أن عقلية النظام غير قابلة
للتغيير، والأفرع الأمنية تُدير البلاد، متسائلاً: "كيف ستمنح المخابرات
الديمقراطية، والحريات، ومع كل ذلك يعول البعض على تغيير سلوك النظام؟".
وعلاوة على تكرار الوجوه ذاتها بنسبة كبيرة، فقد
احتوت أسماء الناجحين على أعضاء من قيادات المليشيات وآخرين ممن تثار حولهم
اتهامات بالفساد الوظيفي.
أخطاء بالجملة
ومن ضمن الأخطاء التي سجلتها الانتخابات، ورود
اسم المرشحة نوران عميري بمجلس مدينة إدلب في الفئة "ب/باقي فئات
الشعب"، رغم ترشحها أساساً في الفئة "أ/ العمال والفلاحين".
كذلك تمت إعادة عملية الاقتراع في أكثر من
محافظة، بعد ثبوت وقوع عمليات تزوير، حتى وصل الحال ببعض المحافظات إلى زيادة عدد
الأصوات "المُقترعة" على عدد السكان.
ويقول الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، إن كل
"الانتخابات التي أجراها النظام سابقاً وبعد الثورة هي مسرحيات بإخراج رديء".
ويضيف لـ"عربي21" أن الهدف هو
الادعاء أن النظام السوري يمارس الديمقراطية، لتصدير صورة مغايرة لحقيقته تماما.
ولفت السعيد إلى إشارة وزير خارجية النظام
السوري فيصل المقداد للانتخابات المحلية في مشاركته بأعمال الدورة الـ77 للجمعية
العامة للأمم المتحدة قبل أيام، وأضاف باستغراب: "النظام يدعي أنه يتيح حق
الانتخاب للسوريين، والمجتمع الدولي يصدق ويصفق".
ووفق الباحث فإن النظام غير مستعد لتنظيم أي
انتخابات نزيهة، حتى لو كانت على مستوى انتخابات محلية.
الحرية تعني انهيار النظام
وفي هذا الإطار، يقول المعارض السياسي والخبير
القانوني، محمد سليمان دحلا، لـ"عربي21" إن النظام، كنظام سياسي قائم
أساسا على العقلية الأمنية بمعنى تحكم أجهزة الأمن بكافة مناحي الحياة المدنية
وخروجه من هذه العقلية يعني انهياره بالضرورة.
ويوضح أن "أجهزة النظام الأمنية تتحكم
بالمؤسسات العامة جميعاً التنفيذية والقضائية والتشريعية فضلاً عن تحكمه بكل مظاهر
النشاط الاقتصادي وحتى المنظمات المجتمعية والنقابات، وبالطبع لا يمكن للأجهزة
الأمنية القيام بكل ذلك من دون واجهة مدنية سياسية تقوم بهذه المهام وهي حزب
"البعث" وملحقاته".
وبحسب دحلا فإن النظام يبدو مطمئناً لبقائه،
ولذلك عاد إلى أداته القديمة الجديدة وهي حزب "البعث"، واستمرت سيطرته
على المؤسسات جميعا من خلاله بوصفه واجهة للأجهزة الأمنية التي يحكم الأسد قبضته
على كل شيء من خلالها، وهو يدرك أن أي تغيير في هذه المنظومة سيجعل الأمور تفلت من
يده، فبقي عدوه الأول هو الحريات والتعددية السياسية.
وتقول المعارضة السورية إن هذه الانتخابات كما
غيرها ليست "شرعية" لأنها تجري في ظل تهجير ونزوح ملايين السوريين
قسريا.