هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحيي الإسرائيليون في هذا الشهر مرور 28 عامًا على توقيع اتفاق السلام مع الأردن "الرسمي"، على حد التعبير الإسرائيلي، لأن الاتفاق لم يكن مع الأردنيين عموما، بل إنهم زادوا من عدائهم لدولة الاحتلال منذ توقيع ذلك الاتفاق، رغم ما كتب من كلمات ومقالات إسرائيلية لا تحصى على مدى عقود فيما يتعلق بالأهمية الاستراتيجية الثمينة للاتفاق مع الجارة الشرقية للاحتلال، كونه ينبع من اعتبارات استراتيجية وسياسية وعسكرية.
لا تخفي المحافل الإسرائيلية أن من أسباب اهتمامها باتفاق السلام مع الأردن رغبتها في استقرار نظام الحكم فيه، والعائلة المالكة، لما لذلك من مساهمة كبيرة في حفظ الأمن الإسرائيلي القومي، لكن ما حصل قبل أيام حين منعت الأردن دخول ستة رياضيين إسرائيليين للعقبة للمشاركة في مسابقة رياضية أمر لافت، وأثار تساؤلات عديدة في الأوساط الإسرائيلية.
يعكوب هيخت، خبير العلاقات الدولية بجامعة حيفا، والباحث في صراعات الشرق الأوسط والخليج العربي، أكد أن " القرار الأردني يتعارض مع ما تربطنا به من علاقات وتعاون، خاصة أن إسرائيل قررت لتوها دخول ألفي عامل أردني إلى إيلات، كما تحول حصص المياه إلى الأردن؛ لمساعدته على التعامل مع مواسم الجفاف، ما يتسبب في نقص متزايد في مياه الشرب، وتوظف شركات النسيج الإسرائيلية آلاف العمال في المناطق الصناعية في الأردن؛ لمواجهة البطالة المتزايدة لديه".
وأضاف في مقاله بموقع زمن إسرائيل، ترجمته "عربي21"، أن "قراءة السلوكين الأردني والإسرائيلي يكشفان عن غياب التناسق بينهما، بزعم أن الأول رد على خطوات الثانية بانتقادات دائمة، لاسيما فيما يتعلق بسياستها في القدس والمسجد الأقصى، حتى أن وزير الخارجية الأردني رفض المشاركة في قمة النقب، بجانب نظرائه من إسرائيل والولايات المتحدة والمغرب ومصر والإمارات والبحرين، ما يستدعي الحاجة لبحث تغيير السياسة الإسرائيلية تجاه الأردن عموما، والعائلة المالكة بشكل خاص".
يبدو الموقف الإسرائيلي العدواني تجاه الأردن لافتا، خاصة أنه يطالب بعدم الاكتفاء باحتجاج دبلوماسي ضعيف على منع دخول الرياضيين الإسرائيليين للمملكة، ولكن بتبني موقف سياسي أكثر قوة، ومنها منع عشرات آلاف السياح الإسرائيليين الذين يزورون المملكة، ويشكلون مصدر دخل جيد لاقتصادها، والطلب من الاتحاد العالمي للترياتلون بإلغاء منافساته المستقبلية في الأردن، بسبب حظر مشاركة الرياضيين الإسرائيليين، وتحويلها إلى دول أخرى.
مع العلم أن هذا الخط الجديد في السياسة الإسرائيلية التي يتخذ أسلوباً صارما وعدوانيا تجاه الأردن، قد يزيد من تعقيد العلاقات المعقدة بالفعل القائمة بينهما، لكن أصحاب هذا التوجه الإسرائيلي يزعمون أن مثل هذه السياسة الجديدة كفيلة بأن توضح للأردن أن إسرائيل ليست فقط مصدرًا ثابتًا للفوائد والمساعدات الاقتصادية والزراعية والأمنية، وحقيبة لا تنضب من الدعم للعائلة المالكة، في حين أن الأخيرة تسعى لإرضاء الرأي العام الأردني المعادي لإسرائيل، وفق التقدير الإسرائيلي.